وتطالب النقابات بالبحث عن حلول واقعية للخروج من الأزمة، التي لا يد للعاملين فيها، غير أن الذين يطرقون منهم أبواب التقاعد يرتجفون أن يمسهم قرار الرفع، وهم الذين يعدون الشهور والأيام لينعموا بالراحة بعد سنوات من الكد والجد.
ولحل أزمة العجز الافتراضي للصناديق والمقدر بـ1187 مليار درهم تقترح الحكومة رفع سن الإحالة على التقاعد إلى 62 سنة، وإعادة النظر في احتساب سنوات الخدمة العملية، وزيادة نسب الاقتطاعات الشهرية للعاملين، والرفع التدريجي بـ6 أشهر سنويا ابتداء من 2016، لبلوغ سن 65 سنة في أفق 2021.
وترى المنظمة الديمقراطية للشغل أن السيناريوهات، التي تقترحها الحكومة من أجل إصلاح نظام التقاعد، المتعلقة برفع سن التقاعد ونسبة الاقتطاعات وتغيير الأساس الذي يعتمد في حساب راتب المعاش، لن يكون حلا ناجحا لتحقيق توازن مالي وديمومة النظام.
وعبر علي لطفي، الكاتب العام لهذه المركزية النقابية، عن رفض هيأته لأي "إصلاح أو تغيير سيمس بمكتسبات الموظفين والأجراء المتقاعدين".
وحملت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، التي يرأسها الميلودي موخاريق، مسؤولية عجز الصندوق المغربي للتقاعد للحكومات السابقة، ورفضت الحلول التي لجأت إليها الحكومة الحالية، واصفة إياها بالترقيعية.
من جانبه، طالب عبد الكريم العزيز، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بأن يظل السن القانوني للتقاعد محددا في 60 سنة، على أساس أن تكون حرية العمل بعد هذا السن اختيارية وليست إجبارية.
وأوضح عبد الكريم العزيز، في تصريح لـ"المغربية"، أن الإصلاح الذي تتحدث عنه الحكومة حاليا، هو إصلاح يهم صندوقا واحدا، ويتعلق الأمر بالصندوق المغربي للتقاعد، الخاص بموظفي القطاع العام.
واعتبر العربي حبشي، عضو المكتب التنفيذي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن إصلاح أنظمة التقاعد يشكل "إشكالية مجتمعية، تتطلب قرارات سياسية جريئة، عكس ما تقوم به الحكومة حاليا، إذ تريد اختزال الإصلاح في إجراءات تقنية".
وقال حبشي، في تصريح لـ"المغربية"، إن "الإجراءات التقنية ستنتج الفقر والهشاشة اللذين سيضران بالمستوى المعيشي للمتقاعدين"، مشددا على أن إصلاح أنظمة التقاعد يجب أن يكون في إطار مقاربة شمولية، ويناقش داخل الحوار الاجتماعي، وليس في حوار اجتماعي تشاوري، وإنما ضمن حوار اجتماعي تفاوضي، للإنصات إلى مقترحات النقابات في هذا المجال.
أما علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، فيرى بخصوص رفع سن التقاعد، أن تمديد سنوات العمل إلى 65 سنة لن تكون له مردودية جيدة في العمل وحياة العامل، اعتبارا إلى أن التقدم في العمر غالبا ما تصاحبه إكراهات نفسية وصحية لا تشجع على العطاء في الواجبات.
وقال الشعباني، في تصريح لـ"المغربية"، إن الفرد حين يكون في بداياته العمرية، وبدايات عمله، يكون أكثر استعدادا للاستثمار في طاقاته الفكرية والبدنية والنفسية لصالح العمل الموكول إليه، ومع توالي السنوات والخوض في ضغوطات العمل لفترات طويلة، يصبح منهك القوى وغير قادر على العطاء بالشكل نفسه عند مرحلة مبكرة من عمره، مستخلصا أن تمديد سن التقاعد إلى سن متقدمة لن يضفي نتائج جيدة على طبيعة العمل ووتيرته.
منقول