لرشيدية (و م ع) ـ منذ إطلاقها سنة 1999، تمكنت مؤسسة محمد الخامس للتضامن من تحقيق الأهداف التي سطرتها وتنزيل المقاربة التنموية التي يقوم عليها عملها، حيث شكلت نموذجا خلاقا لمأسسة العمل التضامني ذي الوقع الإيجابي المستدام، وذلك من خلال إطلاق مشاريع وأوراش للنهوض بأوضاع الفئات في وضعية هشاشة، وتعزيز قدرات الشباب والنساء، وضمان التمدرس للفتيات، إضافة إلى إحداث أنشطة مدرة للدخل، بما من شأنه تعزيز الاندماج والانخراط الفاعلين لمختلف الشرائح الاجتماعية في سيرورة التنمية التي تشهدها مختلف جهات المملكة.
وتأتي مختلف هذه المشاريع والمبادرات التي ما فتئت مؤسسة محمد الخامس للتضامن تعززها سنة بعد أخرى، تكريسا للمهمة النبيلة التي رسمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه المؤسسة، حين قال جلالته في خطابه السامي بمناسبة إعطاء انطلاق الحملة الرابعة للتضامن في نونبر 2001 "...وقد حرصنا منذ إحداث مؤسسة محمد الخامس للتضامن على توجيهها لإنجاز برامج طموحة استهدفت كل الشرائح الاجتماعية عبر مجموع التراب الوطني، مع عناية خاصة للأطفال في وضعية صعبة وإدماج المعاقين وتعليم الفتيات وإيجاد البيئة السليمة للشباب ومحاربة أمية الكبار وتحسين ظروف عيش النساء والأشخاص المسنين المعوزين وغيرهم من المحتاجين والمهمشين".
وتشكل مختلف المراكز الاجتماعية الأربعة المخصصة لحماية الأطفال، وتطوير قدرات الشباب والنساء، وتمدرس الفتيات، والأنشطة المدرة للدخل، التي أعطى جلالة الملك انطلاقة إنجازها أمس الأحد بالرشيدية، تجليا بارزا لتنزيل مقاربة المؤسسة التي تجعل العنصر البشري محور العمل التنموي بالمملكة، سواء تعلق الأمر بالأطفال المحرومين أو الفتيات الراغبات في التمدرس أو الشباب والنساء الباحثين عن فرص للتكوين أو للشغل.
ففي ما يتعلق بشريحتي الشباب والنساء، فإن المقاربة التي تعتمدها مؤسسة محمد الخامس للتضامن في هذا الإطار تقوم على تلبية حاجيات هاتين الفئتين في مختلف المجالات، خاصة منها التكوين والتأطير والمواكبة الاجتماعية، بما من شأنه تحسين أوضاعهما، وتمكينهما من الاعتماد على الذات وضمان استقلالهما المالي.
وفي هذا السياق، تشكل مراكز تكوين وتعزيز قدرات النساء والشباب، التي تعمل المؤسسة على إحداثها بمختلف جهات المملكة، آلية فعالة لضمان الإدماج الاجتماعي والمهني لهاتين الفئتين وتكريس محورية تأهيل العنصر البشري في برنامج عمل المؤسسة. ويعكس إعطاء جلالة الملك انطلاقة إنجاز هذه المراكز، ومتابعة جلالته المتواصلة لأدائها، العناية الموصولة التي ما فتئ جلالة الملك يحيط بها فئتي النساء والشباب، وحرص جلالته الدائم على مواصلة تنفيذ مختلف المشاريع الرامية إلى تقوية قدراتهما، وانتشالهما من جميع مظاهر التهميش والإقصاء الاجتماعيين.
كما يعكس إنجاز هذه المراكز، الذي يندرج في إطار التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالأولوية الواجب إيلاؤها للنساء والشباب، باعتبارهم فاعلين أساسيين في حفظ التوازنات الاجتماعية، وفي تحفيز الدينامية السوسيو- اقتصادية للتنمية المحلية، الزخم الكبير الذي ما فتئت تعرفه مجهودات مؤسسة محمد الخامس للتضامن، الرامية إلى تعزيز قدرات هؤلاء المستفيدين، سيما عبر تمكينهم من الولوج إلى تكوينات مؤهلة وأنشطة رياضية وثقافية متنوعة.
وبالفعل، فإن المراكز الموجهة للنساء تكرس السعي الحثيث للمؤسسة إلى النهوض بأوضاع المرأة المغربية، لاسيما التي توجد في وضعية صعبة، من خلال تمكينها من اكتساب كفاءات خاصة لمزاولة مهنة معينة تسهم في تحسين مستوى عيشها، إلى جانب تمكينها من حصص محاربة الأمية والاستفادة من التأطير القانوني والمواكبة النفسية، في إطار المقاربة المعتمدة من طرف المؤسسة، التي تقوم على تشجيع خيار التكوين المؤهل باعتباره آلية ناجعة للإدماج الاجتماعي والمهني.
وفي مجال الطفولة، تولي مؤسسة محمد الخامس للتضامن، منذ إحداثها، عناية خاصة لحماية الأطفال المتخلى عنهم واليتامى والمحرومين، وذلك من خلال إحداث مراكز لحماية هذه الفئة وتعزيز الخدمات المقدمة لها، إضافة إلى بلورة برامج لفائدة النزلاء وتوزيع هبات عينية عليهم، وتقديم مساعدات مالية ومادية بصفة منتظمة للجمعيات والمؤسسات التي تتقاسم الهدف ذاته من قبيل العصبة المغربية لحماية الطفولة، والمرصد الوطني لحقوق الطفل وغيرهما.
وفي واقع الأمر، فإن تدخلات مؤسسة محمد الخامس للتضامن لفائدة الطفولة تتجاوز فئة الأطفال المتخلى عنهم لتشمل الأطفال المرضى أيضا، إذ دأبت المؤسسة على إحداث العديد من "دور الأم والطفل" على مستوى المراكز الاستشفائية بالعديد من مستشفيات المملكة لفائدة هؤلاء الأطفال، وهي الدور التي تضطلع بدور مهم في توفير الظروف الملائمة لاستقبال الأمهات وأطفالهن المتحدرين من المناطق النائية والأوساط الهشة، والذين يعالجون من أمراض مستعصية تستلزم التكفل والرعاية لمدة طويلة، وذلك من خلال تسهيل ولوجهم إلى العلاج، وتقديم الدعم النفسي لهم، والمواكبة الاجتماعية لذويهم.
وبخصوص دعم تمدرس الفتيات، دأبت مؤسسة محمد الخامس للتضامن على إنجاز العديد من المشاريع والمبادرات لدعم فتيات العالم القروي على الخصوص، من أجل ولوج المدارس، سواء من خلال تقديم المساعدات العينية، أو من خلال توفير مآو لهن لمتابعة دراستهن في أحسن الظروف.
وفي هذا السياق، أنجزت المؤسسة عددا من دور الطالبات التي توفر المأوى للفتيات القاطنات في أماكن بعيدة عن موقع دراستهن، والحد بالتالي من ظاهرة الانقطاع عن الدراسة التي تطال هذه الشريحة.
وهكذا إذن، تشكل مختلف البنيات والمراكز التي تواصل مؤسسة محمد الخامس للتضامن إنجازها عبر مختلف ربوع المملكة، تكريسا للدور البارز الذي باتت المؤسسة تضطلع به في دعم مختلف الشرائح الاجتماعية بما يجعل منها نموذجا خلاقا لمأسسة العمل التضامني ذي الوقع الإيجابي على مستوى عيش هذه الشرائح وتاهيل العنصر البشري الذي يشكل قطب الرحى في المسلسل التنموي الذي تشهده المملكة.