ما إن سقط طاغية تونس حتى تسارعت الأحداث ، فأعلن الغنوشي تنصيب نفسه رئيسا للجمهورية ،تم سرعان ما أعلن عن تولي المبزع مهام الرئاسة ،فتشكلت حكومة انقاد بنعلي برئاسة الغنوشي بالحفاظ على معظم الجلادين السابقين ممن تلطخت أيديهم بدماء الشعب التونسي ،فيما باقي الوزراء من أحزاب معارضة سارعت لتقسيم كعكة السلطة داخل قصر قرطاجة، فجل الشخصيات الممثلة في الحكومة الجديدة لم تكن تمثل معارضة قوية ،ووجودها في تونس بن علي يدل على دالك ،أما المعارضة الحقيقية توجد إما في المنفى أو في السجون . ومع توالي الاحتجاجات قام الطغاة الجدد بالاستقالة من مناصبهم، أما الجلادون فسارعوا إلى التخلص من جلبابهم الوسخ والمتلطخ بدماء التونسيين، وذالك لتضليل الشعب والالتفاف على إرادته.
ولكن يجب على أبناء الانتفاضة ألا يصدقوا أبوق الإعلام الرسمي المفضوح، والخطب المثيرة للغثيان،وليعلموا أن الفرق بين علي والحكومة الحالية كالفرق بين الحداد ومطرقته، وعليهم النزول إلى الشارع بقوة ،والوقوف في طريق هؤلاء المرتدين،والمطالبة بمحاكمتهم، وحل الحزب الدستوري ومصادرة أمواله وأموال كل من كان يصفق للدكتاتورية الظالمة من عائلة بنعلي وزبانيته ،محامين، قضاة ووزراء، إلى غير دالك ممن تبت تورطه من قريب أو بعيد في الفساد والقتل والجلد والتفقير والتهميش والإقصاء الاجتماعي الذي رزخ الشعب تحت وطأته زهاء عقدين من الزمن.وكذا حل البرلمان وتشكيل لجنة شعبية تظم كل القوى الحية من أحزاب، نقابات، جمعيات، مناضلين، فاعلين جمعويين ،مثقفين، ومحامون ...للتهييء لانتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة ،ووضع تصور جديد لمفهوم السلطة لتحقيق الحكامة الجيدة،وفتح تحقيق نزيه حول المجازر والانتهاكات الجسيمة التي عرفتها البلاد، مع إنزال أشد العقوبات على كل المسؤولين والمتورطين في ارتكاب هذه الجرائم الوحشية واللإنسانية .سعيا لإنجاح هذه الصرخة العظيمة،صرخة الحق في وجه الاستبداد ،التي أسقطت عدوا كبيرا للإسلام والمسلمين وأدخلته إلى مزبلة التاريخ من بابه الأوسخ ،وأسقطت معه قناع دول ما وراء المتوسط.التي تتعامل مع الوقائع في الدول العربية بنظرة دونية ، باختلاف البلدان وباختلاف زوايا مصالحها.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه:هل سينجح الشارع التونسي مرة أخرى في إسقاط حكومة بنعلي الجديدة؟أم أن هذه الحكومة ستصمد في وجه الشارع، وبالتالي ترجع تونس إلى سابق عهدها؟أم أن الجيش سيتدخل لحسم الأمر بانقلاب عسكري وشيك؟
مبارك السمان