واقع العمل بالقسم الداخلي
يعتبر القسم الداخلي بأي مؤسسة تعليمية ذلك الجانب الضبابي ان لم نقل المظلم من المؤسسة ،إما لكون المشرفين عليه لا يبذلون الجهد الكافي لإبرازه أو اعتبار كونه جزءا مكملا غير متكامل مع محيطه.ولعمري هذا غبن كبير لهذا القسم الذي يعتبر المرآة الحقيقية للمؤسسة والمؤشر الذي يمكن اعتماده لمعرفة مردودية كل مؤسسة تعليمية ومدى اداء أطرها التعليمية .إن القسم الداخلي يتكون في الغالب من تلاميذ يمثلون كل الأقسام المتواجدة بالمؤسسة التعليمية وهو بالتالي يعرف تمثيلية كل الشعب وكل المستويات وهو نتيجة لذلك يكون برلمانا للمؤسسة بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
يعتبر القسم الداخلي ميزان حرارة المؤسسة التعليمية و حرارته ترتفع وتنخفض تبعا لإيقاعات العمل بالمؤسسة .إن مستوى أداء الأطر التعليمية بكل مكوناتها سواء أكانت تربوية او إدارية يجد له صدى حقيقيا داخل القسم الداخلي بل أكثر من ذلك فإن أي تغيب لأي أستاذ او أستاذة ،سواء أكان هذا التغيب طارئا أو في إطار رخصة ،يظهر جليا بين أوساط التلاميذ الداخليين.
من جهة أخرى فقد همش دور الحارس العام للداخلية إلى درجة التقزيم .إن المرسوم2.02.376 الصادر في 6 جمادى الاولى 1423(17 يوليوز 2002) بمثابة النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي قد اختزل دوره في أقل من ثلاثة اسطروهي كالتالي"يتولى الحارس العام للداخلية مسؤولية المحافظة على النظام والانضباط في القسم الداخلي للمؤسسة والسهر على راحة التلاميذ وضمان استقامتهم ونظافة محيطهم،كما يقوم بمراقبة نشاطهم التربوي،ويقوم الحارس العام للداخلية علاوة على ذلك بتنشيط الحياة الثقافية والرياضية والفنية للتلاميذ الداخليين وتقديم المشورة لهم في هذا المجال"
إلى هنا تنتهي مهام الحارس العام للداخلية وهي مهام فظفاظة تحتاج إلى كثير من التدقيق.إذ ماذا يعني السهر على راحتهم؟ ما هي آليات وشروط توفير هاته الراحة؟ وعن أية راحة نتكلم؟فالراحات بصيغة الجمع أنواع.ومنها ما هو مشروع وهناك ما هو محظور.إذا كيف السبيل إلى توفير الراحة بصيغة المعرف لكل التلاميذ في جميع الأحوال وبشتى أنواع الراحة؟ وعندما نقول ضمان استقامتهم فإنه علميا غير مقبول إذ لا يمكن ضمان شيء هو في علم الغيب كما أن الحديث عن"ضمان" يعني 100بالمائة وهو من سابع المستحيلات مع مخلوقات بشرية تتحكم فيها غرائز وخلفيات وتربية وترسبات عبر الزمن.ونحن هنا نحمل الحارس العام للداخلية مالا طاقة له به.إن مراقبة نشاط التلاميذ التربوي يتطلب تمثيلية الحارس العام للداخلية بالمجالس المؤسسة.فهو غير ممثل في اي من المجالس اللهم مجلس التدبير والذي يعتبر آخر مجلس في الانعقاد بعد كل المجالس الأخرى من مجالس تعليمية ومجالس الأقسام والمجلس التربوي.فكيف بالله عليكم يمكن لهذا الحارس العام للداخلية أن يراقب نشاط التلاميذ الداخليين وهو ليس عضوا بأي من هذه المجالس.؟إذا كانت المجالس التعليمية تهتم بأمور المادة المدرسة وهو أمر بعيد عن مهام الحارس العام للداخلية فان عضويته بكل من المجلس التربوي ومجالس الأقسام تعتبر ضرورية بل أساسية حتى يتسنى له النهوض بمهمة مراقبة نشاط التلاميذ التربوي.كما أن الجزء الأخير من الفقرة والمتمثل في تنشيط الحياة الثقافية والرياضية والفنية للتلاميذ الداخليين وتقديم المشورة لهم في هذا المجال يحتم عليه أن يكون إنسانا موسوعيا بمعنى الكلمة فهو المثقف والفنان والرياضي والمستشار فوق كل هذا وذاك.
من جانب آخر فإن المذكرات المنظمة للعمل بالقسم الداخلي تعتبر مذكرات متآكلة ومتقادمة بل وأكل عليها الدهر وشرب.إن هذا الإطناب ليس من قبيل الصدفة بل هو مقصود لعينه لكون المذكرات المعمول بها هنا تعود إلى عقود خلت.وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن المذكرة الخاصة بحراس الداخلية رقم 195 تعود إلى 8 أكتوبر 1982 كما أن المذكرة 190 والمنظمة لحصص العمل الخاصة بهيئة التسيير تعود إلى 11 شتنبر 1981 .
أخيرا وليس آخرا ،فقد ذكرت العضوية اليتيمة للحارس العام للداخلية بمجلس التدبير بصيغة المعرف.وهو ما يعني أن الحارس العام للداخلية لا ثاني له كما انه ليس من حقه التوفر على معيد آو ملحق تربوي.وفي غياب حراس الداخلية والذي قد يتعذر وجودهم وبعض الأحيان(كما هو الحال في حالتنا هاته) فان الحارس العام للداخلية يجب أن يكون دونكيشوتيا في ممارسة عمله اليومي.
إنه في أفق إعادة النظر في النظام الأساسي لأسرة التعليم فإنه بات من الضروري إعادة النظر في مهام وتمثيلية الحارس العام للداخلية وذلك قصد توفير الظروف المناسبة للعمل.أما عن إكراهات العمل فذلك موضوع آخر نعود له في ميقات آخر إن شاء الله.
عبد السلام البتاوي