بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله و صحبه
أما بعد
فإن أحسن الحديث كتاب الله عز و جل، و خير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و خير الأمور ما كان سنة، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار.إن من الكتب التي لا يستغنى عنها؛ كتاب مختصر الأخضري في العبادات. كتاب مفيد يسهل على الطالب حفظه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مختصر الأخضري في العبادات على مذهب الإمام مالك
للإمام أبيزيد عبد الرحمن بن محمد الصغير الأخضري
(من علماء القرن العاشرالهجري)
مقدمة فيما يجب علىالمكلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبهأجمعين.أول ما يجب على المكلف:تصحيح إيمانه،ثم معرفة ما يصلح به فرض عينه كأحكام الصلاة والطهارة والصيام.ويجب عليه:أن يحافظ على حدود الله ويقف عند أمره ونهيه ويتوبإلى الله سبحانه قبل أن يسخط عليه.وشروطالتوبة:الندم على ما فات، والنية أن لا يعود إلى ذنب فيما بقى عليه منعمره، وأن يترك المعصية في ساعتها إن كان متلبسا بها، ولا يحل له أن يؤخر التوبة،ولا يقول حتى يهديني الله ؛ فإنه من علامات الشقاء والخذلان وطمسالبصيرة.ويجبُ عليه:حفظ لسانه من الفحشاءوالمنكر والكلام القبيح وأَيْمان الطلاق، وانتهار المسلم وإهانته، وسبه وتخويفه فيغير حق شرعي.ويجبُ عليه:حفظ بصره عن ا لنظرإلى الحرام، ولا يحل له أن ينظر إلى مسلم بنظرة تؤذيه إلا أن يكون فاسقاً فيجبهجرانه.ويجبُ عليه:حفظ جميع جوارحه مااستطاع، وأن يحب لله ويبغض له، ويرضى له ويغضب له، ويأمر بالمعروف وينهى عنالمنكر.ويحرم عليه:الكذب والغيبة والنميمةوالكبر والعجب والرياء والسمعة والحسد والبغض ورؤية الفضل على الغير والهمز واللمزوالعبث والسخرية والزنا والنظر إلى الأجنبية والتلذذ بكلامها وأكل أموال الناس بغيرطيب نفس والأكل بالشفاعة أو بالدِّين وتأخير الصلاة عن أوقاتها.ولا يحل لهصحبة فاسق ولا مجالسته لغير ضرورة، ولا يطلب رضا المخلوقين بسخط الخالد، قال اللهسبحانه وتعالى: {وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْمُؤْمِنِينَ}، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا طاعة لمخلوق في معصيةالخالق".ولا يحل له أن يفعل فعلاً حتى يعلم حكم الله فيه ويسأل العلماءويقتدي بالمتبعين لسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذين يدلون على طاعة الله،ويحذرون من اتباع الشيطان، ولا يرضى لنفسه ما رضيه المفلسون الذين ضاعت أعمارهم فيغير طاعة الله تعالى، فيا حسرتهم ويا طول بكائهم يوم القيامة، نسأل الله أن يوفقنالاتباع سنة نبينا وشفيعنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.فصل في الطهارة
الطهارة قسمان:طهارة حدث، وطهارة خبث.ولا يصح الجميع إلابالماء الطاهر المطهِّر، وهو الذي لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته بما يفارقهغالباً كالزيت والسمن والدسم كله، والوذح والصابون والوسخ ونحوه، ولا بأس بالترابوالحمأة والسبخة والآجُرِّ ونحوه.فصل
إذا تعينت النجاسة غسل محلها، فإنالتبست غسل الثوب كله، ومن شَكَّ في إصابة النجاسة نضح، وإن أصابه شيء شك في نجاستهفلا نضح عليه، ومن تذكر النجاسة وهو في الصلاة قطع إلا أن يخاف خروج الوقت، ومن صلىبها ناسياً وتذكر بعد السلام أعاد في الوقت.فصل (فرائض الوضوء)
فرائض الوضوء سبع:النية، وغسل الوجه، وغسل اليدين إلىالمرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والدلك، والفور.وسننه:غسل اليدين إلى الكوعين عند الشروع، والمضمضة،والاستنشاق، والاستنثار، ورد مسح الرأس، ومسح الأذنين، وتجديد الماء لهما، والترتيببين الفرائض.ومَنْ نسي فرضاً من أعضائه، فإن تذكره بالقرب فعله وما بعده،وإن طال فعله وحده وأعاد ما صلى قبله، وإن ترك سنة فعلها ولا يعيدالصلاة.ومن نسي لُمْعَة غسلها وحدها بنية، وإن صلى قبل ذلك أعاد، ومن تذكرالمضمضة والاستنشاق بعد أن شرع في الوجه فلا يرجع إليهما حتى يتم وضوءه.وفضائله:التسمية، والسواك، والزائد علىالغسلة الأولى في الوجه واليدين، والبداية بمقدم الرأس، وترتيب السنن، وقلة الماءعلى العضو، وتقديم اليمنى على اليسرى، ويجب تخليل أصابع اليدين، ويستحب في أصابعالرجلين، ويجب تخليل اللحية الخفيفة في الوضوء دون الكثيفة، ويجب تخليلها في الغسلولو كانت كثيفة.فصل (نواقض الوضوء)
نواقض الوضوء:أحداث، وأسباب.فالأحداث:البول، والغائط، والريح، والمذي، والودي.والأسباب:النوم الثقيل، والإغماء، والسكر، والجنون،والقبلة، ولمس المرأة إن قصد اللذة أو وجدها، ومس الذكر بباطن الكف أو بباطنالأصابع.ومَنْ شَكَّ في حدث وجب عليه الوضوء إلا أن يكون موسوساً فلا شيءعليه، ويجب عليه غسل الذكر كله من المذي، ولا يغسل الأنثيين، والمذي: هو الماءالخارج عند الشهوة الصغرى بتفكر أو نظر أو غيره.فصل
لا يحل لغير المتوضي صلاة ولا طوافولا مس نسخة القرآن العظيم ولا جلدها، لا بيده ولا بعود ونحوه إلا الجزء منهاالمتعلَّم فيه، ولا مس لوح القرآن العظيم على غير الوضوء إلا لمتعلم فيه أو معلِّميصححه؛ والصبي في مس القرآن كالكبير، والإثم على مناوله له، ومَنْ صلى بغير وضوءعامداً فهو كافر والعياذ بالله.فصل (الغسل)
يجب الغسلمن ثلاثة أشياء:الجنابة، والحيض، والنفاس.فالجنابةقسمان:أحدهما:خروج المني بلذة معتادة فينوم أو يقظة، بجماع أو غيره.والثاني:مغيب الحشفةفي الفرج.ومَنْ رأى في منامه كأنه يجامع ولم يخرج منه مني فلا شيء عليه،ومَنْ وجد في ثوبه منياً يابساً لا يدري متى أصابه، اغتسل وأعاد ما صلى من آخر نومةنامها فيه.فصل (فرائض الغسل وسننه وفضائله)
فرائض الغسل:النية عند الشروع، والفور، والدلك، والعموم.وسننه:غسل اليدين إلى الكوعين كالوضوء، والمضمضة،والاستنشاق، والاستنثار، وغسل صماخ الأذن، وهي الثقبة الداخلة في الرأس، وأماصَحْفَة الأذن فيجب غسل ظاهرها وباطنها.وفضائله:البداية بغسل النجاسة، ثم الذكر فينوي عنده، ثمأعضاء الوضوء مرة مرة، ثم أعلى جسده، وتثليث غسل الرأس، وتقديم شق جسده الأيمن،وتقليل الماء على الأعضاء.ومَنْ نسي لُمْعَة أو عضواً من غسله بادر إلىغسله حين تذكره ولو بعد شهر، وأعاد ما صَلَّى قبله. وإن أخره بعد ذكره بطل غسله،فإن كان في أعضاء الوضوء وصادفه غسل الوضوء أجزأه.فصل
لا يحل للجنبدخول المسجد، ولا قراءة القرآن إلا الآية ونحوها للتعوذ ونحوه، ولا يجوز لمن لايقدر على الماء البارد أن يأتي زوجته حتى يعد الآلة إلا أن يحتلم، فلا شيءعليه.فصل في التيمم
ويتيمم المسافر في غيرمعصية، والمريض لفريضة أو نافلة، ويتيمم الحاضر الصحيح للفرائض إذا خاف خروج وقتها،ولا يتيمم الحاضر الصحيح لنافلة ولا جمعة ولا جنازة إلا إذا تعينت عليه الجنازة.وفرائض التيمم:النية، والصعيد الطاهر، ومسحالوجه، ومسح اليدين إلى الكوعين، وضربة الأرض الأولى، والفور، ودخول الوقت واتصالهبالصلاة.والصعيد:هو التراب، والطوب، والحجر،والثلج، والخضخاض، ونحو ذلك.ولا يجوز بالجص المطبوخ، والحصير، والخشب،والحشيش، ونحوه.ورخص للمريض في حائط الحجر والطوب إن لم يجد مناولاًغيره.وسننه:تجديد الصعيد ليديه، ومسح ما بينالكوعين والمرفقين، والترتيب.وفضائله:التسمية،وتقديم اليمنى على اليسرى، وتقديم ظاهر الذراع على باطنه، ومقدمه علىمؤخره.ونواقضه:كالوضوء، ولا تصلَّى فريضتانبتيمم واحد، ومن تيمم لفريضة جاز له النوافل بعدها، ومس المصحف، والطواف، والتلاوةإن نوى ذلك واتصلت بالصلاة ولم يخرج الوقت؛ وجاز بتيمم النافلة كل ما ذكر إلاالفريضة، ومَنْ صَلَّى العشاء بتيمم قام للشفع والوتر بعدها من غير تأخير، ومن تيمممن جنابة فلا بُدَّ من نيتها.فصل في الحيض
والنساء:مبتدأة، ومعتادة، وحامل.وأكثر الحيض للمبتدأة خمسة عشر يوماً، وللمعتادةعادتها، فإن تمادى بها الدم زادت ثلاثة أيام ما لم تجاوز خمسة عشر يوماً، وللحاملبعد ثلاثة أشهر خمسة عشر يوماً ونحوها، وبعد ستة أشهر عشرون ونحوها، فإن تقطع الدملفقت أيامه حتى تكمل عادتها، ولا يحل للحائض صلاة ولا صوم ولا طواف ولا مس مصحف ولادخول مسجد، وعليها قضاء الصوم دون الصلاة، وقراءتها جائزة، ولا يحل لزوجها فرجها،ولا ما بين سرتها وركبتيها حتى تغتسل.فصل في النفاس
والنفاسكالحيض في منعه، وأكثره ستون يوماً، فإذا انقطع الدم قبلها ولو في يوم الولادةاغتسلت وصلت . فإذا عاودها الدم فإن كان بينهما خمسة عشر يوماً فأكثر كان الثانيحيضاً، وإلا ضم إلى الأول وكان من تمام النفاس.فصل في الأوقات
الوقت المختارللظهر من زوال الشمس إلى آخر القامة، والمختارللعصر من القامة إلى الاصفرار، وضروريهما إلى الغروب، والمختار للمغرب قدر ماتُصَلَّى فيه بعد شروطها، والمختار للعشاء من مغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول،وضروريهما إلى طلوع الفجر؛ والمختار للصبح من الفجر إلى الإسفار الأعلى، وضروريهإلى طلوع الشمس، والقضاء في الجميع ما وراء ذلك.ومَنْأخَّرَ الصَّلاة حتى خرج وقتُهافعليه ذنب عظيمٌ إلا أن يكون ناسياً أونائماً؛ ولا تُصَلَّى نافلة بعد صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس، وبعد صلاة العصر إلىصلاة المغرب، وبعد طلوع الفجر إلا الوِرْد لنائمٍ عنه، وعند جلوس إمام الجمعة علىالمنبر، وبعد الجمعة حتى يخرج من المسجد.فصل في شروطالصلاة
وشروط الصلاة:طهارة الحَدَث،وطهارة الخَبَث من البدن والثوب والمكان، وستر العورة، واستقبال القبلة، وتركالكلام، وترك الأفعال الكثيرة، وعورةُ الرجل ما بين السرة إلى الركبة، والمرأة كلهاعورة ما عدا الوجه والكفين، وتكره الصلاة في السراويل لا إذا كان فوقها شيء، ومنتنجس ثوبه ولم يجد ثوباً غيره ولم يجد ماء يغسله به أو لم يكن عنده ما يلبس حتىيغسله وخاف خروج الوقت صلى بنجاسته، ولا يحل تأخير الصلاة لعدم الطهارة ؛ ومن فعلذلك فقد عصى ربه، ومن لم يجد ما يستر به عورته صلى عرياناً ؛ ومن أخطأ القبلة أعادفي الوقت، وكل إعادة في الوقت فهي فضيلة، وكل ما تعاد منه الصلاة في الوقت فلا تعادمنه الفائتة والنافلة.فصل (فرائضالصلاة)
فرائض الصلاة: نية الصلاة المعيَّنة، وتكبيرة الإحراموالقيام لها، والفاتحة والقيام لها، والركوع والرفع منه والسجود على الجبهة والرفعمنه، والاعتدال، والطمأنينة، والترتيب بين فرائضها، والسلام، وجلوسه الذييقارنه.وشرط النية:مقارنتها لتكبيرة الإحرام.وسنتها:الإقامة، والسورة التي بعد الفاتحة،والقيام لها، والسر فيما يُسَرُّ فيه، والجهر فيما يجهر فيه، وسمع الله لمن حمده،وكل تكبيرة سنة إلا الأولى، والتشهدان والجلوس لهما، وتقديم الفاتحة على السورة،والتسليمة الثانية والثالثة للمأموم، والجهر بالتسليمة الواجبة، والصلاة على رسولالله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، والسجود على الأنف والكفين والركبتينوأطراف القدمين، والسترة لغير المأموم، وأقلها غلظ رمح وطول ذراع طاهر ثابت غيرمُشَوِّش.وفضائلها:رفع اليدين عند الإحرام حتىتُقَابلا الأذنين، وقول المأموم والفذ: ربنا ولك الحمد، والتأمين بعد الفاتحة للفذوالمأموم، ولا يقولها الإمام إلا في قراءة السر، والتسبيح في الركوع والدعاء فيالسجود، وتطويل القراءة في الصبح والظهر تليها، وتقصيرها في العصر والمغرب، وتوسطهافي العشاء، وتكون السورة الأولى قبل الثانية وأطول منها، والهيئة المعلومة فيالركوع والسجود والجلوس، والقنوت سراً قبل الركوع وبعد السورة في ثانية الصبح،ويجوز بعد الركوع، والدعاء بعد التشهد الثاني، ويكون التشهد الثاني أطول من الأول،والتيامن بالسَّلام، وتحريك السبابة في التشهد، ويكره الالتفات في الصلاة، وتغميضالعينين، والبسملة والتعوذ في الفريضة، ويجوزان في النفل، والوقوف على رجل واحدةإلا أن يطول قيامه، واقتران رجليه، وجعل درهم أو غيره في فمه، وكذلك كل ما يشوشه فيجيبه أو كمه أو على ظهره، والتفكر في أمور الدنيا، وكل ما يشغله عن الخشوع فيالصلاة.فصل (الخشوع فيالصلاة)
للصلاة نور عظيم تشرق به قلوب المصلين، ولا ينالهإلا الخاشعون، فإذا أتيت إلى الصلاة ففرغ قلبك من الدنيا وما فيها، واشتغل بمراقبةموالاك الذي تصلي لوجهه، واعتقد أن الصَّلاة خشوع وتواضع لله سبحانه بالقياموالركوع والسجود، وإجلال وتعظيم له بالتكبير والتسبيح والذكر، فحافظ على صلاتكفإنها أعظم العبادات، ولا تترك الشيطان يلعب بقلبك ويشغلك عن صلاتك حتى يطمس قلبكويحرمك من لذة أنوار الصلاة، فعليك بدوام الخشوع فيها فإنها تنهى عن الفحشاءوالمنكر بسبب الخشوع فيها، فاستعن بالله إنَّه خير مستعان.فصل (أحوالالصلاة)
للصلاة المفروضة سبعةأحوالمرتبة تؤدَّى عليها، أربعة منها على الوجوب، وثلاثة علىالاستحباب:أولها: القيام بغير استناد، ثم القيام باستناد، ثم الجلوس بغيراستناد، ثم الجلوس باستناد.فالترتيب بين هذه الأربعة على الوجوب، إذا قدرعلى حالة منها وصلى بحالة دونها بطلت صلاته.والثلاثة التي على الاستحبابهي: أن يصلي العاجز عن هذه الثلاثة المذكورة على جنبه الأيمن، ثم على الأيسر، ثمعلى ظهره؛ فإن خالف في الثلاثة لم تبطل صلاته، والاستناد الذي تبطل به صلاة القادرعلى تركه هو الذي يسقط بسقوطه، وإن كان لا يسقط بسقوطه فهو مكروه، وأمَّا النافلةفيجوز للقادر على القيام أن يصليها جالساً، وله نصف أجر القائم، ويجوز أن يدخلهاجالساً ويقوم بعد ذلك، أو يدخلها قائماً ويجلس بعد ذلك، إلا أن يدخلها بنية القيامفيها فيمتنع جلوسه بعد ذلك.فصل (قضاء الفوائت)
يجب قضاء ما فيالذمة من الصلوات ولا يحل التفريط فيها، ومَنْ صلى كل يوم خمسة أيام فليس بمفرط،ويقضيها على نحو ما فاتته، إن كان حضرية قضاها حضرية، وإن كان سفرية قضاها سفرية،سواء كان حين القضاء في حضر أو سفر، والترتيب يبن الحاضرتين وبين يسير الفوائت معالحاضرة واجب مع الذكر، واليسير أربع صلوات فأدنى، ومن كانت عليه أربع صلوات فأقلصلاها قبل الحاضرة ولو خرج وقتها، ويجوز القضاء في كل وقت ؛ ولا يتنفَّل مَنْ عليهالقضاء ولا يصلي الضحى ولا قيام رمضان، ولا يجوز له إلا الشفع والوتر والفجروالعيدان والخسوف والاستسقاء، ويجوز لمن عليهم القضاء أن يصلوا جماعة إذا استوتصلاتهم، ومن نسي عدد ما عليه من القضاء صلى عدداً لا يبقى معه شك.باب فيالسهو
وسجود السهو في الصلاة سنة، فللنقصان سجدتانقبل السلام بعد تمام التشهدين، يزيد بعدهما تشهداً آخر، وللزيادة سجدتان بعدالسَّلام، يتشهد بعدهما ويسلم تسليمة أخرى، ومَنْ نقص وزاد سجد قبلالسلام.ومَنْ نسي السجود القبلي حتى سَلَّم سجد إن كان قريباً، وإن طال أوخرج من المسجد بطل السجود، وتبطل الصلاة معه إن كان على ثلاث سنن أو أكثر من ذلكوإلا فلا تبطل، ومَنْ نسى السجود البعدي سجده ولو بعد عام.ومَنْ نقص فريضةفلا يجزيه السجود عنها، ومَنْ نقص الفضائل فلا سجود عليه، ولا يكون السجود القبليإلا لترك سنتين فأكثر ؛ وأما السنة الواحدة فلا سجود لها إلا السر والجهر، فمَنْأسر في الجهر سجد قبل السلام، ومَنْ جهر في السر سجد بعد السلام.ومَنْ تكلمساهياً سجد بعد السلام، ومَنْ سلم من ركعتين ساهياً سجد بعد السلام، ومن زاد فيالصلاة ركعة أو ركعتين سجد بعد السلام، ومَنْ زاد في الصلاة مثلها بطلت، ومن شَكَّفي كمال صلاته أتى بما شَكَّ فيه، والشك في النقصان كتحققه، فمن شَكَّ في ركعة أوسجدة أتى بها وسجد بعد السلام، وإن شك في السلام سلم إن كان قريباً ولا سجود عليه،وإن طال بطلت صلاته، والموسوس يترك الوسوسة من قلبه ولا يأتي بما شك فيه، ولكن يسجدبعد السلام سواءٌ شك في زيادة أو نقصان.ومن جهر في القنوت فلا سجود عليهولكنه يكره عمدُهُ، ومن زاد السورة في الركعتين الأخيرتين فلا سجود عليه، ومن سمعذِكْر مُحَمَّد صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الصلاة فصَلَّى عليه فلا شيء عليه،سواءٌ كان ساهياً أو عامداً أو قائماً أو جالساً.ومَنْ قرأ سورتين فأكثرفي ركعة واحدة أو خرج من سورة إلى سورة أو ركع قبل تمام السورة فلا شيء عليه فيجميع ذلك، ومَنْ أشار في صلاته بيده أو رأسه فلا شيء عليه، ومن كرر الفاتحة ساهياًسجد بعد السلام، وإن كان عامداً فالظاهر البطلان، ومن تذكر السورة بعد انحنائه إلىالركوع فلا يرجع إليها، ومن تذكر السر أو الجهر قبل الركوع أعاد القراءة، فإن كانذلك في السورة وحدها أعادها ولا سجود عليه، وإن كان في الفاتحة أعادها وسجد بعدالسلام، وإن فات بالركوع سجد لترك الجهر قبل السلام ولترك السر بعد السلام سواه كانمن الفاتحة أو السورة وحدها.ومَنْ ضحك في الصلاة بطلت سواء كان ساهياً أوعامداً، ولا يضحك في صلاته إلا غافل متلاعب، والمؤمن إذا قام للصلاة أعرض بقلبه عنكل ما سوى الله سبحانه وترك الدنيا وما فيها، حتى يحضر بقلبه جلال الله سبحانهوعظمته، ويرتعد قلبه وترهب نفسه من هيبة الله جل جلاله، فهذه صلاةالمتقين.ولا شيء عليه في التبسم، وبكاء الخاشع في الصلاة مغتفر، ومن أنصتلمتحدث قليلاً فلا شيء عليه.ومن قام منركعتين قبل الجلوس، فإن تذكر قبل أن يفارق الأرض بيديه وركبتيه رجع إلى الجلوس ولاسجود عليه، وإن فارقها تمادى ولم يرجع وسجد قبل السلام، وإن رجع بعد المفارقة وبعدالقيام ساهياً أو عامداً صحت صلاته وسجد بعد السلام.ومن نفخ في صلاتهساهياً سجد بعد السلام، وإن كان عامداً بطلت صلاته . ومن عطس في صلاته فلا يشتغلبالحمد ولا يرد على مَن شمته ولا يشمت عاطساً، فإن حمد الله فلا شيء عليه . ومنتثاءب في الصلاة سَدَّ فاه، ولا ينفث إلا في ثوبه من غير إخراج حروف.ومن شكفي حَدَث أو نجاسة فتفكر في صلاته قليلاً، ثم تيقن الطهارة فلا شيء عليه، ومن التفتفي الصَّلاة ساهياً فلا شيء عليه، وإن تعمَّد فهو مكروه، وإن استدبر القبلة قطعالصَّلاة، ومَن صلى بحرير أو ذَهَب أو سَرَق في الصلاة أو نظر محرَّما فهو عاصوصلاته صحيحة.ومن غلط في القراءة بكلمة من غير القرآن سجد بعد السلام، وإنكانت من القرآن فلا سجود عليه إلا أن يتغير اللفظ أو يفسد المعنى فيسجد بعدالسلام.ومن نعس في الصلاة فلا سجود عليه، وإن ثقل نومه أعاد الصلاةوالوضوء، وأنين المريض مغتفر، والتنحنح للضرورة مغتفر، وللإفهام منكر ولا تبطلالصلاة به، ومن ناداه أحدٌ فقال له: سبحان الله كره وصحت صلاته.ومن وقف فيالقراءة ولم يفتح عليه أحد ترك تلك الآية وقرأ ما بعدها، فإن تعذرت عليه ركع . ولاينظر مصحفاً بين يديه إلا أن يكون في الفاتحة فلابد من كمالها بمصحف أو غيره، فإنترك منها آية سجد قبل السلام، وإن كان أكثر بطلت صلاته، ومن فتح على غير إمامه بطلتصلاته، ولا يفتح على إمامه إلا أن ينتظر الفتح أو يفسد المعنى.ومن جال فكرهقليلاً في أمور الدنيا نقص ثوابه ولم تبطل صلاته، ومن دفع الماشيَ بين يديه أو سجدعلى شق جبهته أو سجد على طية أو طيتين من عمامته فلا شيء عليه.ولا شيء فيغلبة القيء والقلس في الصلاة.وسهو المأموم يحمله الإمام إلا أن يكون من نقصالفريضة، وإذا سها المأموم أو نعس أو زوحم عن الركوع وهو في غير الأولى، فإن طمع فيإدراك الإمام قبل رفعه من السجدة الثانية ركع ولحقه، وإن لم يطمع ترك الركوع وتبعإمامه وقضى ركعةً في موضعها بعد سلام إمامه.وإن سها عن السجود أو زوحم أونعس حتى قام الإمام إلى ركعة أخرى سجد إن طمع في إدراك الإمام قبل الركوع وإلا تركهوتبع الإمام وقضى ركعة أخرى أيضاً، وحيث قضى الركعة فلا سجود عليه إلا أن يكونشاكاً في الركوع أو السجود.ومن جاءته عقربٌ أو حية فقتلها فلا شيء عليه إلاأن يطول فعله أو يستدبر القبلة فإنه يقطع، ومن شك هل هو في الوتر أو في ثانية الشفعجعلها ثانية الشفع وسجد بعد السلام ثم أوتر، ومَنْ تكلم بين الشفع والوتر ساهياًفلا شيء عليه، وإن كان عامداً كره ولا شيء عليه.والمسبوقُ إن أدرك مع الإمام أقل من ركعة فلا يسجد معه لاقبلياً ولا بعدياً فإن سجد معه بطلت صلاته، وإن أدرك ركعةً كاملةً أو أكثر سجد معهالقبلى وأخَّر البعدي حتى يتم صلاته فيسجد بعد سلامه، فإن سجد مع الإمام عامداًبطلت صلاته وإن كان ساهياً سجد بعد السلام، وإن سها المسبوق بعد سلام الإمام فهوكالمصلِّى وحده، وإذا ترتب على المسبوق بعدي من جهة إمامه وقبلي من جهة نفسه أجزأهالقَبْلى.ومَنْ نسي الركوع وتذكره في السجود رجع قائماً، ويستحب له أنيعيد شيئاً من القراءة ثم يركع ويسجد بعد السلام، ومَنْ نسي سجدة واحدة وتذكرها بعدقيامه رجع جالساً وسجدها إلا أن يكون قد جلس قبل القيام فلا يعيد الجلوس، ومَنْ نسيسجدتين خَرَّ ساجداً ولم يجلس ويسجد في جميع ذلك بعد السلام، وإن تذكر السجود بعدرفع رأسه من الركعة التي تليها تمادى على صلاته ولم يرجع وألغى ركعة السهو وزادركعةً في موضعها بانياً وسجد قبل السلام إن كانت من الأوليين وتذكر بعد عقدالثالثة، وبعد السلام إن لم تكن من الأوليين أو كانت منهما وتذكر قبل عقد الثالثةلأن السورة والجلوس لم يفوتا.ومن سلم شاكاً في كمال صلاته بطلت صلاته،والسهو في صلاة القضاء كالسهو في صلاة الأداء.والسهو في النافلة كالسهو فيالفريضة إلا في ست مسائل: الفاتحة، والسورة، والسر، والجهر، وزيادة ركعة، ونسيانبعض الأركان إن طال.فمن نسي الفاتحة في النافلة وتذكر بعد الركوع تمادىوسجد قبل السلام بخلاف الفريضة، فإنه يلغي تلك الركعة ويزيد أخرى ويتمادى، ويكونسجوده كما ذكرنا في تارك السجود.ومَنْ نسي السورة أو الجهر أو السر فيالنافلة وتذكر بعد الركوع تمادى ولا سجود عليه بخلاف الفريضة.ومَنْ قامإلى ثالثة في النافلة فإن تذكر قبل عقد الركوع رجع وسجد بعد السلام، وإن عقدالثالثة تمادى وزاد الرابعة وسجد قبل السلام بخلاف الفريضة فإنه يرجع متى ما ذكرويسجد بعد السلام.ومَنْ نسى ركناً من النافلة كالركوع أو السجود ولم يتذكرحتى سلم وطال فلا إعادة عليه بخلاف الفريضة فإنه يعيدها أبداً، ومَنْ قطع النافلةعامداً أو ترك منها ركعة أو سجدة عامداً أعادها أبداً.ومن تنهد في صلاتهفلا شيء عليه إلا أن ينطق بحروف، وإذا سها الإمام بنقص أو زيادة سبح به المأموم،وإذا قام إمامك من ركعتين فسبح به، فإن فارق الأرض فاتبعه، وإن جلس في الأولى أو فيالثالثة فقم ولا تجلس معه، وإن سجد واحدة وترك الثانية فسبح به ولا تقم معه إلا أنتخاف عَقْد ركوعه فاتبعه ولا تجلس بعد ذلك معه لا في ثانية ولا في رابعة، فإذا سلمفزد ركعة أخرى بدلاً من الركعة التي ألغيتها بانياً وتسجد قبل السلام، فإن كنتمجماعة الأفضل لكم أن تقدموا واحداً يتم بكم، وإذا زاد الإمام سجدة ثالثة فسبح بهولا تسجد معه، وإذا قام الإمام إلى خامسة تبعه من تيقن موجبها أو شك فيه وجلس منتيقن زيادتها، فإن جلس الأول وقام الثاني بطلت صلاته، وإذا سلم الإمام قبل كمالالصلاة سبح به من خلفه، فإن صدقه كمل صلاته وسجد بعد السلام، وإن شك في خبره سألعدلين وجاز لهما الكلام في ذلك، وإن تيقن الكمال عمل على يقينه وترك العدلين إلا أنيكثر الناس خلفه فيترك يقينه ويرجع إليهم.تم بحمد الله تعالى كتاب
( مختصر الأخضري في العبادات علىمذهب الإمام مالك )