ان الاختلاف في أصول السكان الأصليين للجنوب المغرب بالساقية الحمراء ووادي الذهب قبل قدوم العرب الفاتحين إليها أكبر من أن يحد ، فمن قائل بأنهم من الجنس الآري ، ومن قائل بأنهم من الغاليين والرومان والوندال النازحين من الشمال ومن قائل بأنهم نزحوا عقب انفجارسد مأرب في اليمن وعقب هزيمة الكنعانيين في معركة طالوت وجالوت بفلسطين . إلا أن مارمول كارفجال ( Marmol Carvajal (1520-1600). ) في كتاب أفريقيا مارمول L’Afrique De Marmol يقول مؤكداً : (لكن أشهر المؤلفين الأفريقيين يؤكدون أن أول السكان كانوا خمس جاليات أو قبائل من السبئيين جاءوا مع مالك الأفريقي ـ أفريقش ـ ملك اليمن ،وهذا الرأي موافق لما ذكره ليون الأفريقي في كتابه (وصف أفريقيا) حيث يقول : ينقسم الأفارقة البيض إلى خمسة شعوب : صنهاجة ومصمودة ، وزناتة ، وهوارة ، وغمارة . وابتداء من القرن الثالث الميلادي استولت زناتة وصنهاجة على الصحراء المغربية إلى تخوم السنغال والسودان ،وفي زحفهم هذا أخذوا يشيدون بعض المراكز الحضارية . وقبل ذلك في القرن الثاني بعد الميلاد ارتحل عدد كبير من الصنهاجيين باتجاه الجنوب إلى حيث موريتانيا بحثاً عن مستقر آمن وانتهى حالهم بعودة قسم منهم ، واستقرار القسم الباقي الذي سوف يكون لاحقاً الذرية التي سينحدر منها مؤسسو الامبراطورية المرابطية . بدأ الفتح الإسلامي لأرض الساقية الحمراء بقدوم عقبة بن نافع في حملته الأولى سنة 662ميلادية 42 للهجرة و في تلك الحملة لم يعرج عقبة بن نافع على الساقية الحمراء حيث اتخذ طريقاََ وسط الصحراء الوسطى إلى السودان ووصل غرباََ إلى وادان وترك بها بعض أعوانه من المهاجرين و الأنصار لنشر الإسلام ورجع عقبة بن نافع على نفس الطريق التي سلكها إلى هذه النواحي حيث قفل إلى القيروان. ولكن عقبة في ولايته الثانية سنة 681ميلادية أي بعد عشرين سنة وطد العزم على سلوك طريق البحر نحو السودان الغربي, ويقول ابن خلدون بأنه وصل إلى درن وقاتل المصامدة بها وكادوا يقضون على جيشه الصغير لولا زناته الذين تحزبوا له و نصروه فأجتاز سوس لقتال من بها من صنهاجة وهم يومئذ على دين المجوسية فأثخن فيهم وانتهى إلى تارودانت وقاتل مسونة من وراء سوس واجتاز وادي درعة ووصل إلى مشارف واد الساقية الحمراء, ورجال عقبة هم أول من ادخل الإسلام إلى هذه البقاع. إن عقبة لم يخف تطلعه صحبة الفاتحين في الحملة الثانية للوصول إلى الجهة الغربية من الصحراء و المحاذية للبحر, وفي الواقع هناك سر يحيط بهذه القضية يعزيه البعض إلى الالتقاء بصحبه الفاتحين الذين ترك في وادان ومعرفة أحوال تلك الحامية وما أصبح عليه أمر الإسلام بتلك البقاع بعد الحملة الأولى, والبعض يعزيه إلى وجود فلول من سكان خيبر كانوا على دين اليهوديةانتقلوا إلى موريتانيا بعد الهجرة النبوية. ولقد كانت حملةعقبة بن نافع خاطفة و كان عدد الفاتحين ضئيلا إلا إن الدور الذي أداه رجال عقبة بعدعودته مكن الإسلام من الانتشار رويداََ رويدََا على امتداد قرن من الزمن غذ كان يغزو بمبادئه السياسية أكثر مما يغزو برجاله. و في القرن التاسع الميلادي وصلت القبائل العربية الحسانية من عرب المعقل إلى الصحراء وعلى كل حال فإننا لا ننكر أن المنطقة وفد إليها كثير من الأجناس الزنجية من الجنوب، والأوربية من الشمال ، والقلة المتبقية من السكان الأصليين زناتة وصنهاجة ومن هاجر من اليمن وفلسطين ومن جاء فاتحا في العهد الاسلامي الاول اثناء فتوحات عقبة بن نافع وامتزاج هذه الشعوب هو ما يكون البنية الأساسية للإنسان الصحراوي الحالي غيرمغفلين أن التعريف الموضوعي يفرض أن نحكم بعروبة اغلب سكان الصحراء المغربية بشكل لا يدع الشك ، نظراً لتعاظم الإرث البيولوجي العربي فيهم ولهيمنة التراث العربي الإسلامي وتقاليده وطقوسه ونظمه عليهم.