كتاب المدهش لابن الجوزي 60 بكفها من جنس مطاعمهم.واعجباً لبهيم يتشبه بالناس، ولإنسان يتشبه بالبهيم، كل هذا سببه الهمة، لا يطمعن البطال في منازل الأبطال، إن لذة الراحة لا تتناول بالراحة، من زرع حصد ومن جد وجد.
أي مطلوب ينال من غير مشقة? وأي مرغوب لم تبعد على مؤثره الشقة? المال لا يحصل إلا بالتعب، والعلم لا يدرك إلا بالنصب، واسم الجواد لا يناله بخيل، ولقب الشجاع بعد تعب طويل. للمتنبي:
يا أعجمي الفهم، متى تفهم? يا فرحاً بلذة عقباها جهنم، ستدري متى تبكي ومتى تندم، إذا جثا الخليل، وتزلزل ابن مريم، يا عاشق الدنيا كم قتلت متيم? ما للفلاح فيك علامة، والله أعلم، إن كان ثم عذر، فقل وتكلم، غاب الهدهد من سليمان ساعة فتواعده، فيا غائباً عنا طول عمره، أما تحذر غضبنا? خالف موسى الخضر، في طريق الصحبة ثلاث مرات، فحل عقدة الوصل بكف "هذا فراق بيني وبينك" أما تخاف يا من لم يف لنا قط، أن نقول في بعض زلاتك "هذا فراق بيني وبينك".
أعظم عذاب أهل النار جهلهم بالمعذب، لو صحت معرفتهم بالمالك، لما استغاثوا يا مالك، وقع بينهم شخص، ليس من الجنس، كانت في باطنه ذرة من المعرفة، فكلما حملت عليه النار، اتقاها بدرع يا حنان يا منان، كان موته في المعاصي سكتة، فقبر في جهنم، فلما تحرك الروح في الباطن أخرج، رأى الأسباب بيد المسبب، فتعلق بالأصل، أخواني، اليوم رجاؤنا للرحمة قوي، فكيف نصنع غداً? إن ضعف.
على تفصيل الأمور والجمل، ما يرضى للقبر، بهذا العمل، يا من قد حمل الخطايا، وبئس ما حمل، أفي سكر أنت أم في نمل? لو علمت أن مكاوي الحديد، قد أحميت للسمل، لم تفرق من اللباس بين الجديد والسمل، يا ثقيل الطبع كالرمل، فما يطربه الثقيل ولا الرمل، تعصي ثم تصر، فتضيف إلى صفين الجمل، يا من قد فقد قلبه لا تيأس من عوده. الهوى قاطن، والصواب خاطر، وقلع القاطن صعب، وإمساك الخاطر أصعب، الهوى متدير، والمواعظ نزالة، ومع مداراة الجمل تصل، لما تزينت زخارف الدنيا، تواثبت جهال الطبع لاتّباع الهوى فبعث العقل كافاً لهم، فأقام عندهم، موكلاً بهم، وكلما زاد في قيودهم فكوا السلاسل، وكلما تلا عليهم النصائح، أسمعوه القبائح. فواعجباً لمعرف، بلى بمقاساة أنذال، ما يزال العقل يضرب الأمثال، ويشرح العواقب، ولكن من يسمع? أحضر معه في خلوة، واستحضر صديق الفكر فإنه ثقة، فإن خرجتم إلى المقابر قوي دليل النصح، مروا بقصور المذنبين، تجدوا أخبارهم مراً، وجوزوا على قبور الصالحين، فقد جوزوا في العاجل ذكراً، إذا مات المؤمن بكى عليه مصلاه من الأرض، ومصعد عمله من السماء، أربعين صباحاً، واعجباً للبقاع، تبكي عليهم، وتبكي منهم. يا له من عذل، لو كان للمعاتب فهم، لحم منه والله لو كان فحم.
للشريف الرضي: العبارات حظ النفوس، والإشارات قوت القلوب، نزل بعض أرباب المعرفة، إلى الشط فصاح: يا ملاح تحملني، فقال: إلى أين? قال إلى دار الملك، فقال: معي ركاب إلى القطيعة، فصاح الفقير: لا بالله لا بالله، أنا منذ سبعين سنة. أفر منها، دخل ذو فطنة إلى دار قوم، فرأى حباً. وإلى جانبه مركن. قد زرع فيه صبر، فتواجد فقال حب إلى جانبه صبر.
أين الذين كانوا نجوم الدنيا وأقمار الآخرة، قياماً كالأعلام. على جواد الهوى، تقوى بأنفاسهم: نفوس أنفاس أهل التقوى، يصوتون بالمنقطع، ويرشدون المتحير، ما بقي في الديار ديار.
رحل القوم وتخلفنا، وبادروا أيامهم وسوفنا، وعرفنا طريقهم لكنا انقطعنا، فسيروا بنا، فإن لحقنا وإلا تأسفنا. أزعجتموني بتقلقلكم، يا تائبين، أخرجتموني عن الحد، يا خائفين.
يتقومون بمقالي، ويقومون على حر المقالي، ويخرج عاطل البطالة وهو خالي، وأنا أدري ما حالي "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله". يا ركب التوبة إن تزودتم فالتقوى وسرتم إلى الله فاحملوا معكم رسالة متلهف يحتوي على حسرة محصر. يا معاشر التائبين بحرمة الصحبة، لا تنسوني غداً بعتكم أغلى الملك فلا تنسوا كرامة الدلال، أعوذ بك يا إلهي أن تجعل حظي لفظي وآأسفي أصف واصفي ويشرب غيري.
واحسرتا، أأكون كالقوس رفعت السهم فمر ولم تبرح? أأصبر كالإبرة تكسو غيرها وهي عريانة? أأشبه حال الشمعة أضاءت غيرها باحتراق نفسها?.
إلهي أيقظتني في الصبا? وأقمتني أدل الخلق عليك ومزجت كأس نطقي بعذوبة وجعلتني في أخباري معروفاً بالأمانة فركن إلي أهل المعاملة ولو عرفوا إفلاسي ما عوملت، إلهي طال ما اجتذبت العصاة بعد أن تهافتوا في النار أفيصدرون وارد? سيدي إن لم أصلح للرضا فالعفو العفو.
??الفصل الحادي والتسعون
أخواني: أما ينبه على استعداد الزاد? سلب الآباء وأخذ الأجداد أما يحرك إلى التيقظ? ونفي الرقاد عكس المشتهى ورد المراد. للشريف الرضي: أي مطمئن لم يزعج? أي قاطن لم يخرج? فرس الرحيل لنا سرج وما جرى على الأقران أنموذج، يا مختالاً في ثوب الصبا معجباً بمرطه، شرط المقام الرحيل وقد تقاضى بشرطه أما لك نبرة في رفع الزمان وحطه، أما ترى رقوم المنايا مكتوبة بخطه، أما أعرب المسطور بشكل المرض ونقطه، هلا تصور العاصي ساعة إنزاله القبر وحطه، أفلا يتذكر الغني أخذ ماله على رغمه ومن أصل قرطه. يا من قد قاده الهوى بلا خزامة، لو قبلت مشورة العقل لم تتجرع مر لو وليت قدر. إن الزلل يخفى على الخلق "ألا يعلم من خلق" صور إنه قد عفا عنك فأين الحياء مما جنيته?.
أقل نعمه أن أوسع عرصة الوجود لئلا يضيق نفس النفس بالحصر وأجرى مجرى الهواء في جو الفضا يقتسم بمكاييل الخياشيم فيصل بالعدل إلى ذوات الذوات. واعجباً للغافلين عن هذا المنعم بماذا اشتغلوا? أجهلاً بوجوده? فهو أوضح من ضحى أم ميلاً إلى الدنيا? فهي أغدر من تاء بتمتام إن سلمت فتنت وإن تلفت قتلت، وقع نحل على لينوفر منتشر الورق فاحب ريحه فلما تقبض الورق وغاص، هلك العاشق.
أخواني: إياكم والذنوب فإنها أذلت عزيز "اسجدوا" وأخرجت مقطع "اسكن" لولا لطف "فتلقى" كان العجب، استراح آدم إلى بعض العناقيد، فإذا به في العناقيد، جاءه جبريل فسلم عليه فبكى وبكى جبريل ثم قال يا آدم ما يبكيك? قال: كيف لا أبكي وقد حولني من دار النعيم إلى دار البؤس، واعجباً بمجيء جبريل زاد المريض ألماً.