كتاب المدهش لابن الجوزي 50 يستحيل الخمر خلاًّ، كم تحضر المجلس وتخرج وما علقت بشيء ويحك، هذا البنفسج يطرح في الشيرح فيعبق به طول السنة وكذلك الورد في الأشنان.
ويحك، إلى كم تعدو خلف موكب الهوى وما تربح إلاّ الغبار، دع حبل الرعونة من يد التمسك فإنه لا مرة له، ما قتل أحد بأحد من سيف سيوفي، ومواهب الأعمار مسترجعة بالأنفاس حتى تستوفي، ألست نقضت عهد " ألست " بعد عقد عقده فكيف حل لك الحل?
نحن لك على الوفاء ما زلنا، وأنت ما ثبت يومين.
لكثير: واعجباً، تنبه الحيوانات بالليل فتصوت وأنت غافل ويحك إذا فتحت عينيك في الدجى فصح بقلبك.
إخواني: مصيبتنا في التفريط واحدة وأهل الأحزان أهل.
مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه، وهذا يندب لعيوبه، وهذا على فوات مطلوبه، وهذا لإعراض محبوبه.يا نائح الفكر نضد، يا نادب الحزن عدّد، يا لائم النفس شدِّد، يا رامي القلب سدِّد، يا جامع الدَّمع بدِّد،يا مطرب السر ردِّد.
للمهيار: يا مقيّداً عن السير بقيود الشواغل أيطمع في لحاق الطير مقصوص القوادم? صوت في الأسحار بالسائرين لعل عطفاً ينعطف إليك في عطفة رحمة، فقد ترق الساعة لأهل الفاقة.
للمهيار: سل الليل عن الأحباب فعنده الخبر، خلا الفكر بالقلب في بيت التلاوة فجرت أوصاف الحبيب فنهض قلق الشوق يضرب بطون الرواحل لينهر السهر فلا وجه لنوم القوم.
للخفاجي: من لم يكن له مثل تقواهم لم يعلم ما الذي أبكاهم. من لم يشاهد جمال يوسف لم يعلم ما الذي ألم قلب يعقوب. لو دمت على سلوك البادية طابت لك ريح الشيح.
الفصل الثاني والسبعون
يا من كانت له معنا معاملة، وطالت بيننا وبينه المواصلة ثم اختار الهجر والفاصلة إن، لم يكن جميل فلتكن مجاملة، تفكر تعرف قدر ما فاتك وابك لذنب حرمك الفوز وأفاتك، اسكب دموع أسفك فرب دم بالأسى سفك واندب أطلال مألفك لعلك تغاث في موقفك.
للمهيار: للهم نور دنيانا بنور من توفيقك، واقطع أيامنا في الاتصال بك وانظم شتاتنا في سلك طاعتك، فأنت أعلم بتلفيق المقترف، اللهم قوِّ منن أطفال التوبة بلبان الصبر، ارفق بمرضى الهوى في مارستان البلاء، افتح مسام الأفهام لقبول ما ينفع، سلم سيارة الأفكار من قاطع طريق، احرس طلائع المجاهدة من خديعة كمين، احفظ شجعان العزائم من شر هزيمة، وقّع على قصص الإنابة بقلم العفو، لا تسلط جاهل الطبع على عالم القلب، لا تبدل نعيم عيش الروح بجحيم حر النفس، لا تمت حي العلم في حي الجهل أخرجنا إلى نور اليقين من هذا الظلام، لا تجعلنا ممن رأى الصبح فنام، لا تؤاخذنا بقدر ذنوبنا، فإنك قلت: "ولا تنسوُا الفضل بينكم" واعجباً لمن عرفك ثم أحب غيرك ولمن سمع مناديك ثم تأخر عنك.
حرام عــلـى العـيش مــا دمـت غـــضــــبـانــا وما لـم يعـد عـــني رضاك كــمـا كـانا
فأحـسـن فـــإنـــي قــــد أسـأت ولم تــزل تعــودنـي عــنـد الإسـاءة غفــرانـا
إلهي، لا تعذب نفساً قد عذبها الخوف منك، ولا تخرس لساناً كل ما يروي عنك، ولا تقذ بصراً طالما يبكي لك، ولا تخيب رجاءاً هو منوط بك، إلهي، ضع في ضعفي قوة من منك، ودع في كفي كفى عن غيرك، ارحم عبرة تترقرق على ما فاتها منك، برد كبداً تحترق على بعدها عنك.
للشريف الرضي: واأسفي لمنقطع دون الركب متأخر عن لحاق الصحب يعد الساعات في متى ولعل ويخلو يفكر في عسى وهل. لقيس المجنون: أيها المتخلف في أعقاب الواصلين استغث بهم، علّق على قطارهم فلعل جملك يصل.
يا من قد مضت له ليالي مناجاة ثم طبق الدستور، وقطع المعاملة، اندب زمان الوصل لعل حالاً حال يعود.
للمهيار: ذكر الوصال في زمان الهجر تلف، خصوصاً إذا لم يكن للحبيب خلف. قال ابن مسروق: كنت أمشي مع الجنيد في بعض دروب بغداد، فسمع منشداً يقول:
فبكى الجنيد بكاءاً شديداً وقال ما أطيب منازلة الإلفة والأنس، وأوحش مقامات المخالفة لا أزال أحن إلى أول بدء إرادتي وجدة سعيي.
للمهيار: