كتاب المدهش لابن الجوزي - 18- مسعود، مسعود بن خلدة، مسعود بن الربيع، مسعود بن سعد الحارثي، مسعود بن سعد الزرقي، معاذ بن جبل، معاذ بن عفراء، معاذ بن ماعص، المنذر بن عمرو، المنذر بن قدامة، المنذر بن محمد، معتب بن حمراء، معتب بن عبدة، معتب بن قشير، معبد بن عبادة، معبد بن قيس، محرز بن عامر، محرز بن نضلة، معوذ بن عفراء، معوذ بن عمرو، مبشر، المحذر، محمد بن سلمة، مدلاج، مرثد، مصعب، معقل، معمر، معن، المقداد، مليل، مهجع.
حرف النون النعمان بن ثابت، النعمان بن سنان، النعمان بن عمرو، النعمان بن عبد عمرو، النعمان بن عصر، النعمان بن مالك، النعمان بن أبي خزمة، نصر، نوفل.
حرف الواو وهب بن سعد، وهب بن محصن، وافد، وديعة، وذقة.
حرف الهاء هاني، هشام، هلال.
حرف الياء يزيد بن الحارث، يزيد بن رقيش، يزيد بن عامر، يزيد بن المزين، يزيد بن المنذر.
وممن يعرف بكنيته ولا يعرف باسمه أبو الحمراء، أبو خزيمة، أبو سبرة، أبو مليل.
وامتنع من شهود بدر ثمانية لأعذار، فضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهامهم وأجورهم فكانوا كمن شهدها: عثمان، وطلحة، وسعيد، والحارث بن حاطب، والحارث بن الصمة، وخوات، وعاصم بن عدي، وأبو لبابة.
فهؤلاء البدريون بجملتهم، حشرنا الله في زمرتهم.
الفصل السادس والعشرون
في تزويج علي بفاطمة عليهما السلام
كان للنبي صلى الله عليه وسلم بنات فضلتهن فاطمة، وزوجات سبقنهن عائشة، وذلك أن اختيار القدر لا يحابي في التساوي، تُسقى بماء واحد "ونفضِّل بعضها على بعض في الأكُل" لما نهض عليّ لخطبتها، طرق بأنامل رجائه أرجاء باب الخطبة، فمشى إليه الآذن بالأذن على عجل العجل، فقد صدق الرغبة قبل نقد الصداق، فعقد العقد على درع لينبّه على جهاد الهوى، وجهزت بالإجهاز على عدو الزهد، ولم يرض لها جهاز الدنيا، لموافقة البضعة التي هي منه، فحلاها الرسول بحلية "فاطمة بضعة مني" وعقد لها عقداً خرزات نظامه "إن الله ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك"، وبعث بين يديها وصايف "غُضُّوا أبصاركم" ونصب لها سدة "ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة"، وأدخلها على الزوج في حلل الحالية عليها قناع القناعة، تسعى في فضاء الفضائل إلى خلوة الخلة، حتى أجلست على منصة النص، فأمر الله تعالى ليلة عرسها، شجر الجنان، فحملت حللاً وحلياً فنثرته على الملائكة، وليس المراد بذلك الملك، ولكن ليعلم رضى الملك.
يا عجباً، نثرت الحلل لأجل من فراشه جلد كبش، هلا حلت له منه حلة، كلا مركب الملك أحلى من أن يحلى، فدخل عليها الرسول، فاستدعى بإناء من ماء، فدعا فيه بالبركة، ثم رش على حبيبين بلا غش، فلما طاب لعلي ذلك الوقت، سأل الرسول سؤال سكران من شراب الوصل: يا رسول الله أنا أحب إليك أم هي? ففصل الحاكم بين خصوم الحب، فقال: هي أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها، فلما حازت بما حازت قناطر الفضل، صين وجه الكمال بخال الخلل في العيش، فأقوى على الأقوى ففر الفقر، فصيح بفصيح خطاب الشرع: يا علي قم لكسب قوت الوقت، فخرج يسعى على أرض الرضا، بين أعلام الصبر، فبات يسقي نخلاً إلى الفجر بشيء من الشعير على وجه الأجر، فلما جاء به وأصلح للأكل قام سايل على باب البذل، فنادى: يا أهل نادي الندى والفضل، أطعمونا أطعمكم الله من الفضل، فثارت رياح الارتياح للإيثار، فأثارت سحاباً يقطر من قطرته قطر جور الجود، فسأل سيله بقدر وادي الود، فلما تروت بالماء أشجار الأنس، صدحت على ورقها ورق القدس وأغنى عن غرايب صدح المد "ويُطعِمون الطعام على حُبِّه" ثم أخبر الحق، عن مضمون القصد "إنما نطعمكم لوجه الله" فلو رأيت القوم يوم القيامة، في ظل "فوقاهم الله" وقد اكتست أجساد وكست بكسا الضنك غضارة العيش على حلل الخفض، واستراحت أيد تفرق أيدها من طحن الرجاء ونزع الدلو، "متكئين فيها" هذا من حصاد بذر النذر.
ولقد عجب العلماء من شرح هذا الأجر واستظرفوا عدم ذكر الحور في هذا الذكر، فبقوا متحيرين في جير الفكر، فنودوا من بطنان وادي الفضل، بأن ذلك لفضل فضل زهراء الأنس، غير عليها من ذكر الغير، وإنما أثرا على الطفلين، لأنهما غصنان من شجرة "أبيت يطعمني ربي" وبعض من جملة "هي بضعة مني" وفرخ البط سابح، وذكاة الجنين كذكرة أمه.
القسم الثاني في المواعظ
وهو المشتمل على المواعظ والإرشادات مطلقاً وهو مائة فصل
الفصل الأول
في قوله تعالى "هو الأول والآخر" يذكر فيه التوحيد
أول ليس له مبدأ، آخر جل عن منتهى، ظاهر بالدليل، باطن بالحجاب، يثبته العقل ولا يدركه الحس، كل مخلوق محصور، بحد مأسور في سور قطر، والخالق بائن مباين يعرف بعدم مألوف التعريف، ارتفعت لعدم للشبه الشبه، إنما يقع الإشكال في وصف من له أشكال، وإنما تضرب الأمثال لمن له أمثال، فأما من لم يزل ولا يزال فما للحس معه مجال، عظمته عظمت عن نيل كف الخيال.
كيف يقال له كيف، والكيف في حقه محال، أنى تتخايله الأوهام وهي صنعه، كيف تحده العقول وهي فعله، كيف تحويه الأماكن وهي وضعه، انقطع سير الفكر، وقف سلوك الذهن، بطلت إشارة الوهم، عجز لطف الوصف، عشيت عين العقل، خرس لسان الحس، لا طور للقدم في طور القدم، عز المرقى فيأس المرتقى، بحر لا يتمكن منه غايص، ليل لا يبين للعين فيه كوكب:
جادة التسليم سليمة، وادي النقل بلا نقع، انزل عن علو غلو التشبيه، ولا تعل قلل أباطيل التعطيل، فالوادي بين جبلين، المشبه متلوث بفرث التجسيم، والمعطل نجس بدم الجحود، ونصيب المحق لبن خالص هو التنزيه، تخمّر في نفوس الكفار حب الأصنام، فجاء محمد فمحا ذلك بالتوحيد، وتخمر في قلوب المشبهة حب صورة وشكل، حييت فمحوتها بالتنزيه "والعلماء ورثة الأنبياء" ما عرفه من كيفه، ولا وحده من مثله، ولا عبده من شبهه، المشبه أعشى، والمعطل أعمى.
فما ينزه عنه فم، فيما يجب نفيه بثم جل وجوب وجوده عن رجم لعل، سبق الزمان فلا يقال كان إذ، تمجد في وحدانيته عن زحام مع، تفرد بالإنشاء فلا يستفهم عن الصانع بمن، أبرز عرايس المخلوقات من كنّ كن، بث الحلم فلم يعارض بلم، تعالى عن بعضية من، وتقدس عن ظرفية في، وتنزه عن شبه كان، وتعظم عن نقص لو أن، وعز عن عيب إلا أن، وسما كماله عن تدارك لكن.
إن وقف ذهن بوصفه صاح العز جز، إن سار فكر نحوه قالت الهيبة عد، إن قعد اللسان عن ذكره قال القلب قم، إن تجبر متكبر قال القهر شم، إن سأل محتاج قال الإنعام رش، إن تعرض فقير قال الوفر فر، إن سكت مذنب حيا قال الحلم قل، إن بعد ذو خطاء نادى اللطف إبْ، نثر عجايب النعم وقال للكل خذ.
من بيان عظمته "رفيع الدرجات" من أثر قسره "تُسبِّح له السماوات" توقيع أمره "يأمر بالعدل" واقع زجره "ينهى عن الفحشاء" ينادي على باب عزته "لا يُسأل" يصاح على محجة حجته "لمن الأرض ومن فيها" ينذر جاسوس علمه "ما يكون من نجوى ثلاثة" يقول جهبذ طوله "وإن تعدُّوا نعمة الله" يترنم منشد فضله "لا تقنطوا".
سبحان من أقام من كل موجود دليلاً على عزته، ونصب علم الهدى على باب حجته، الأكوان كلها تنطق بالدليل على وحدانيته، وكل موافق ومخالف يمشي تحت مشيئته، إن رفعت بصر الفكر ترى دائرة الفلك في قبضته، وتبصر شمس النهار وبدر الدجى يجريان في بحر قدرته، والكواكب قد اصطفت كالمواكب على مناكب تسخير سطوته، فمنها رجوم للشياطين ترميهم فترميهم عن حمى حمايته، ومنها سطور في المهامه يقرؤها المسافر في سفر سفرته، وإن خفضت البصر رأيت الأرض ممسكة بحكمة حكمته، كل قطر منها محروس بأطواده عن حركته، فإذا ضجت عطائها ثار السحاب من بركة بركته، ونفخ في صور الرعد لإحياء صور النبات من حفرته، فيبدو نور النور يهتز طرباً بخزامى رحمته، فإذا استوى على سوقه. زادت في سوقه نعامى نعمته، ويفتق يد الإيجاد بأنامل القدرة أكمام النبات عن صنعة صبغته، فيرفل في حلى حلل الحال الحالية إلى معبر عبرته، وتصدح الورق على الورق كل بتبليغ لغته، والأشجار معتنقة ومفترقة على مقدار إرادته، صنوان وغير صنوان، هذا بعض صنعته "ويُسبِّح الرعد بحمد والملائكة من خيفته".
نظر بعين الاختيار إلى آدم فحظي بسجود ملائكته، وإلى ابنه شيث فأقامه في منزلته، وإلى إدريس فاحتال بإلهامه على جنته، وإلى نوح فنجا من الغرق بسفينته، وإلى هود فعاد على عاد شؤم مخالفته، وإلى صالح فتمخضت صخرة بناقته، وإلى إبراهيم فتبختر في حلة خلته، وإلى إسماعيل فأعان الخليل في بناء كعبته، وإلى إسحق فافتكه بالفداء من ضجعته، وإلى لوط فنجاه وأهله من عشيرته، وإلى شعيب فأعطاه الفصاحة في خطبته، وإلى يعقوب فرد حبيبه مع حبيبته، وإلى يوسف فأراه البرهان في همته، وإلى موسى فخطر في ثوب مكالمته، وإلى إلياس فاليأس للناس من حالته، وإلى داود فألان الحديد له على حدته، وإلى سليمان فراحت الريح من في مملكته، وإلى أيوب فيا طوبى لركضته، وإلى يونس فسمع نداه في ظلمته، وإلى زكريا فقرن سؤاله ببشارته، وإلى يحيى فتلمح حصير الحصور على سدة سيادته، وإلى عيسى فكم أقام ميتاً من حفرته، وإلى محمد، فخصه ليلة المعراج رؤيته.
وأعرض عن إبليس فخزي ببعده ولعنته، وعن قابيل فقلب قلبه إلى معصيته، وعن نمرود فقال أنا أحيي الموتى ببلاهته، وعن فرعون فادعى الربوبية على جرأته، وعن هامان فأين رأيه? يوم اليم في وزارته، وعن قارون فخرج على قومه في زينته، وعن بلعام فهلك بل عام في بحر شقوته، وعن برصيصا فلم تنفعه سابق عبادته، وعن أبي جهل فشقي مع سعادة أمه وابنه وابنته، هكذا جرى تقديره من يوم "لا أبالي" في قسمته "ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته".
الفصل الثاني
ودين الحق" نذكر فيه فضل نبينا صلى الله عليه وسلم
لم يزل ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم منشوراً وهو في طي العدم، توسل به آدم، وأخذ له ميثاق الأنبياء على تصديقه، في بعض درسه علم إدريس، في ضمن وجده حزن يعقوب، في سر جده صبر أيوب، في طي خوفه بكاء داود، بعض غنى نفسه يزيد على ملك سليمان، غير بعيد خل خلاله خلة الخليل، ونال تكليم موسى، واسترجع له النظر عند قاب قوسين، فهو جملة الجمال، وكل الكمال، وواسطة العقد، وزينة الدهر، يزيد على الأنبياء زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر، فهو أصدرهم وبدرهم، وعليه يدور أمرهم، قطب فلكهم، عين كتيبتهم، واسطة قلادتهم، نقش فصهم، بيت قصيدتهم، حاتمهم، خاتمهم:
لما رأى تخليط قريش في دعوى الشرك فر في بادية الهرب فتحرى غار حراء في الفرار للفراغ، فراغ إليه فجاء مزاحم "اقرأ" يا راهب الصمت تكلم، قال لسان العجز البشري: لست بقارئ، فحم لما حم فزمزم بلفظ "زمِّلوني" فصاح الملك "يا أيها المزَّمِّل" يا أطيب ثمار كن، يا محمولاً عليه. ثقل قل "قم".
لما بعث الملك الملك إلى نبينا برسالة "اقرأ" فتر الوحي بعدها مدة، مات قوس الشوق فرمت الكبداء الكبد، بكبد أعجز المكابدة، فكان يهم لما يلقي بإلقاء نفسه من ذروة الجبل، فإذا بدا له جبريل بدله، ثم رميت الشياطين عند مبعثه بأسهم الشهب، عن قوس "ويُقذفون من كل جانب" فمروا إلى المغارب، ومشوا إلى المشارق، ليقطعوا سبسب السبب، فجرت ريح التوفيق، بمراكب بعضهم إلى تهامة، فصادفوه في الصلاة، فصادفوه قلوب القوم، فصاحت ألسنة الوجد "إنّا سمعنا قرآناً عجبا".
تحركت لتعظيمه السواكن، فحن إليه الجذع، وسبح الحصى، وتزلزل الجبل وتكلم الذيب، كل كنى عن شوقه بلغاته. فمرضت قريش بداء الحسد فقالوا مجنون، يا محمد، هذا نقش يرقانهم لا لون وجهك.
لما أخذ في سفر "أسرى" فنقل إلى المسجد الأقصى، برز إليه عباد الأنبياء من صوامعهم، فاقتدوا بصلاة راهب الوجود، ثم خرج فعرج فعرضت عليه الجنة والنار، حتى عرف الطبيب عقاقير الأدوية، قبل تركيب الأدوية، يل لها من ليلة، قل غرب حد سيف "أتجعل فيها" ظنت الملائكة أن الآيات تختص بالسماء، فإذا آية الأرض قد علت.
أقبلت رؤساء الأملاك، تحيي الرئيس الأكبر، فرأى في القوم ملكاً نصفه من ثلج ونصفه من نار، فعجب لاجتماع الضدين، فقيل لا تعجب فعندك أعجب منه، لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا، كان جبريل دليل البادية فلما وصل إلى مفازة ليس فيها علم يعرفه، علم ابن أجود أن الصدق أجود، فقال: ما أنت وربك، فإذا قامت القيامة، فموسى صاحبه، وعيسى حاجبه، والخليل في عسكره، وآدم ينادي بلسان حاله يا ولد صورتي، ويا والد معناي، ما صعد من بحور