المؤذن المغني رغما عنه
إشاعة راجت كثيرا في إحدى شهور رمضان إبان عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
ففي إحدى الليالي الرمضانية لعب المعجون برأس جندي كان في إجازة قصيرة بالعاصمة، وكان مارا بالصدفة بمحاذاة إحدى المساجد الكبرى بالرباط، فسمع المؤذن وهو يشرع في "التهليل" قبل حلول موعد آذان الفجر، فولج المسجد واتجه صوب المدخل المؤدي إلى الصومعة، فوجده غير مقفل فصعد. وقتها كان المؤذن "يهلل" من أعلى الصومعة، حيث لم يكن قد تم الشروع في استعمال المكرو ومكبر الصوت الذي يغني عن الصعود إلى أعلى المئذنة والاكتفاء بالآذان من أسفل الصومعة أو من جانب المنبر المخصص للإمام. فوجئ المؤذن بوجود الجندي المسطول وراءه في أعلى الصومعة، حيث هدده بسلاح أبيض وفرض عليه ترديد مقطع من أغنية شعبية مشهورة ذائعة الصيت وسط المغاربة، عوض الاستمرار في "التهليل" إلى حين حلول موعد آذان الفجر.
بلغ الأمر إلى علم الملك الراحل الحسن الثاني، فأمر وزيره في الأوقاف باتخاذ الإجراءات الضرورية حتى لا يتكرر مثل هذا الفعل، لاسيما إقفال باب الصومعة قبل الصعود للتهليل أو أداء الآذان. ومنذ ذلك الحين تم تجهيز كبريات المساجد بجهاز صوتي مكبر يعفي المؤذنين من الصعود إلى أعلى الصومعة. وبهذا الخصوص طرأت حادثة بمدينة أكادير السياحية، عندما كان مطيع عاملا على إقليمها، إذ اشتكى جملة من السياح من مكبرات الصوت بالمساجد التي كانت تبث مجريات صلاة التراويح قبل آذان الفجر خلال شهر رمضان، وكان جوابه أن القضية مرتبطة بأمور السيادة وبرمز من رموز الدولة المغربية، وبالتالي على السياح التكيف بأية طريقة يرونها مناسبة.
هبة ألف خبزة يوميا
هدية "مستدامة" قوامها ألف خبزة يوميا.. قرار من القرارات التي اتخذها الملك الراحل الحسن الثاني في إحدى الليالي الرمضانية، وهو قرار خص زاوية ابن عباس السبتي، علاوة على ثور يذبح كل يوم خميس ويوزع لحمه على الفقراء ويقول أحد المقربين إن إحدى القصائد التي كتبها الملك الراحل تضمنت ذكر هذه الهبة الملكية محبوكة على طريقة جهابدة الشعراء.
هدية "روك فيلر" أربكت حراس الملك
يقال إن هذه الحكاية حدثت قبل آذان المغرب بساعات قليلة في شهر رمضان برحاب القصر الملكي بالرباط. حضر الثري المشهور ذي الصيت العالمي، "روك فيلر" إلى قصر الرباط ومعه هدية خاصة للملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يتلقى هدايا خلال أعياد ميلاده وفي مناسبات أخرى، وقد عرف عن جلالته أنه كان يستحب هذا الأمر كثيرا، وكانت أعز الهدايا على نفسه "العود القماري" الذي يحبه كثيرا. واعتبارا للعلاقات التي كانت تربطه بالثري "روك فيلر"، حار هذا الأخير في اختيار نوع الهدية التي ستروق الملك، وبعد عدة استشارات ومشاورات استقر رأيه على البحث عن هدية يحقق بها سبقا مع الملك، وبعد تفكير طويل وعدة اتصالات اقترح عليه أحد مقربي الملك إهداءه آخر نموذج من الدراجات النارية قبل ترويجه في السوق، وهذا ما كان.
حضر "روك فيلر" إلى قصر الرباط ومعه الدراجة النارية، والتقى بالملك فسلّمه الهدية ببهو البلاط. أعجب الراحل الحسن الثاني بالدراجة النارية وأمر بفتح أبواب القصر ثم انطلق على حين غرة كالسهم أمام دهشة الجميع، ارتبك الحرس الشخصي للملك، وتبعه بعضهم جريا على الأقدام واتجه آخرون إلى سياراتهم لملاحقة الملك الذي لم يعد يظهر له أثر.
إحضار لبن الناقة الطري على متن طائرة حربية
في إحدى المناسبات نزل الرئيس الموريتاني السابق، معاوية ولد الطايع، ضيفا على الملك، وكانت رغبة الضيف الإفطار على لبن الناقة الذي اعتاد عليه دون غيره، إلا أنه لم يكن متوفرا بمطبخ القصر آنذاك. وبعد استشارة الملك الراحل الحسن الثاني في الأمر وجد الحل توا، وبعد أقل من ثلاث ساعات كان لبن الناقة على طاولة إفطار الرئيس الموريتاني السابق، فكيف تم ذلك؟
لقد أمر الراحل الحسن الثاني بإحضار لبن الناقة، فتم الاتصال الفوري بأحد عمال الأقاليم الصحراوية لجلب كمية منه، ثم توجهت طائرة حربية لإحضاره بسرعة، وهكذا تمت تلبية طلب الرئيس معاوية ولد الطايع الذي وجد لبن الناقة الطري على طاولة الإفطار.
طال انتظار السادات واستشاط غضبه
من الطرائف الرمضانية، قصة انتظار الرئيس المصري المغتال أنور السادات طويلا لمقابلة الملك الراحل الحسن الثاني. كان من المقرر أن يتم هذا اللقاء في ساعة محددة، حضر الرئيس المصري قبل الموعد بقليل لكن الملك الراحل تأخر كثيرا، وطال انتظار الرئيس المصري حتى بدت معالم الغضب على محياه، ولما أوشك غضبه بلوغ قمته، حضر الملك وطلب من عقيلة الرئيس أن تتوجه إلى جناح الحريم قبل بداية المقابلة. ساد الصمت وعلامات الغضب تكتسح محيا الرئيس المصري، وفجأة تعالت ضحكات عقيلة الرئيس المصري، وبعد برهة ظهرت وهي ترتدي لباسا مغربيا تقليديا (التكشيطة)، مزهوة بالحلي الذهبية والمجوهرات، حيث بدت أنيقة جميلة وهي في قمة فرحها وانشراحها. فتغيرت ملامح الرئيس أنور السادات وصدرت عنه ضحكات الرضا والسرور ونسي أن الملك الراحل تركه ينتظر وقتا طويلا.
ومن المعلوم أن علاقات خاصة كانت تربط الرجلين، فالملك الراحل هو الذي هيأ لظروف التقارب المصري – الإسرائيلي، ليعقد الطرفان العزم على الشروع في المفاوضات، كما أن الراحل الحسن الثاني اقترح على الرئيس أنور السادات أن لا يتسرع في اتفاق انفرادي مع إسرائيل ونصحه بالتريث حتى يشارك في مناظرة دولية كان ينوي الملك تنظيمها بالمغرب حول السلم والسلام بالشرق الأوسط.