تكتسي المشاريع السككية، التي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، انطلاق إنجازها، أمس الجمعة، بمراكش، أهمية كبرى باعتبارها كفيلة بتعزيز الإشعاع السياحي للمدينة الحمراء، التي ما فتئت تعزز حضورها على قائمة المدن الأكثر جذبا للسياح على المستوى العالمي، وكذا تثمين جاذبيتها الاقتصادية بما يواكب التطور التي تعرفه يوما عن يوم.
وتأتي هذه المشاريع، المتمثلة في مشروع التثنية الكاملة للخط السككي بين سطات ومراكش، ومشروع التأهيل الحضري لفضاء محطة مراكش، تفعيلا لمقاربة عمل المكتب الوطني للسكك الحديدية الرامية إلى تكريس دور قطاع النقل السككي في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، سواء من خلال تعزيز تدفقات المسافرين واختصار مدة السفر، أو من خلال الأقطاب الحضرية، التي تجعل من المحطات السككية نقطة جذب تتمركز حولها العديد من الأنشطة، خاصة في مجالات الخدمات ونقل البضائع والسياحة.
وتتجلى أهمية المشروعين الجديدين في كونهما يرتبطان، من جهة، بقطاع النقل الذي يكتسي تعزيز بنياته التحتية أهمية قصوى في دعم النمو الاقتصادي واستيعاب التدفقات المهمة لحركة النقل في أفضل وأحسن ظروف السلامة والراحة، كما يمكنان المدينة الحمراء، من جهة ثانية، من قطب حضري جديد متعدد الوظائف والخدمات يواكب في الوقت نفسه الطفرة العمرانية والاقتصادية والديموغرافية التي تعيش على إيقاعها.
وحسب المكتب الوطني للسكك الحديدية، فإن من شأن مشروع التثنية الكاملة للخط السككي بين سطات ومراكش تعزيز السلامة والرفع من جودة الخدمات وتلبية الطلب المتزايد على النقل السككي للمسافرين والبضائع في أحسن الظروف. وبالإضافة إلى ذلك سيسهم هذا المشروع، من خلال تأمينه للربط السككي بالمحطتين اللوجستيكيتين المستقبليتين لسيدي غانم وسيدي بوعثمان، في خلق مئات مناصب الشغل القارة في أفق سنة 2017.
كما سيسهم المشروع في تعزيز أداء الاستراتيجية الوطنية لتنمية التنافسية اللوجستيكية الرامية، على الخصوص، إلى تطوير شبكة وطنية مندمجة للمحطات اللوجستيكية، وترشيد وتجميع أروجة البضائع، وتأهيل وتشجيع بروز فاعلين لوجستيكيين مندمجين، وكذا تنمية الموارد البشرية من خلال مخطط وطني للتكوين في مهن اللوجستيك، وإحداث إطار لحكامة القطاع مع اتخاذ التدابير التنظيمية الملائمة في هذا الصدد.
وهكذا، سيمكن المشروعان، اللذان يعكسان الاهتمام الخاص الذي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يوليه لقطاع النقل ومختلف المشاريع الرامية إلى تحديث بنياته الأساسية، من تعزيز الدينامية الحضرية ذات الجودة العالية والتنافسية القوية لمراكش، كما سيواكبان مختلف المشاريع التي جرى إطلاقها على مستوى المدينة الحمراء في مختلف المجالات.
وفي هذا السياق، تبرز الالتقائية بين أهداف المشروعين السككيين الجديدين ومشروع "مراكش.. الحاضرة المتجددة"، الذي ترأس جلالة الملك حفل إطلاقه خلال الشهر الجاري، والرامي إلى ضمان تطور متوازن ومندمج ومستدام للمدينة الحمراء، وتقوية جاذبيتها الاقتصادية، ودعم مكانتها كقطب سياحي عالمي، وتحسين بنياتها التحتية السوسيو- ثقافية والرياضية، وتطوير مؤشرات التنمية البشرية بها.
ومن خلال إطلاق مشروع التثنية الكاملة للخط السككي بين سطات ومراكش، ومشروع التأهيل الحضري لفضاء محطة مراكش، يكون المكتب الوطني للسكك الحديدية قد خطا خطوة جديدة في مسار تنزيل مخططه المديري لتثمين المحطات والاستعمال الفعال للمنشآت السككية بالعديد من مدن المملكة، بما يعكس سعيه إلى تجديد قواعده التقنية عبر مواصلة الاستثمار في بنية تحتية عصرية وآليات متينة ومريحة، وتعزيز أدائه التجاري عبر تبني استراتيجية موجهة نحو السوق وعرض نظام خدمات متكاملة ومبتكرة.
ويراهن المغرب على تطوير قطاع النقل السككي من أجل مواكبة التطور الاقتصادي والاجتماعي والاستجابة لانتظارات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين، من خلال توفير شبكة عصرية وفعالة وتمكين القطاع من مواجهة التحديات المرتبطة بنقل الأشخاص والبضائع.
وفي هذا الإطار، يرمي مشروع ميزانية المكتب برسم سنة 2014 إلى تحقيق رقم معاملات يرتكز على فرضية النمو المستمر لأنشطة نقل المسافرين والبضائع واللوجيستيك التي تتماشى والاستراتيجية الطموحة المعتمدة في هذا الصدد، حيث رصد للاستثمارات السككية لهذه السنة غلاف مالي يبلغ 8 ملايير درهم، منها 5 ملايير خصصت لمشروع الخط فائق السرعة طنجة الدارالبيضاء، و3 ملايير لمواصلة مشاريع تحديث وعصرنة الشبكة الحالية، كتثليت خط الدارالبيضاء- القنيطرة، وتقوية تجهيزات السلامة مع الرفع من وتيرة حذف الممرات المستوية، ومواصلة برنامج تحديث المعدات المتحركة، وتدعيم تجهيزات المحطات باعتبارها مراكز لخدمات القرب وبناء محطات للأنشطة اللوجستيكية.
الجدير بالذكر أن المكتب الوطني للسكك الحديدية يساهم، من خلال هذه الاستثمارات ذات القيمة المضافة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، في تطوير المقاولة الوطنية للأشغال العمومية، وخلق فرص الشغل بشكل مباشر وغير مباشر. كما يعمل، من خلال إشراكه لفاعلين مرجعيين، على تطوير أقطاب للخبرة والكفاءات الوطنية والتكوين في مختلف القطاعات والمجالات المرتبطة بالصناعة السككية. مراكش (و م ع)
منقول