المغرب يرفع راية القدس عالياً

فالقوي هو الذي يفرض شروطه وإملاءاته على الضعفاء، ويسفك الدماء ويبيح الأعراض ولا من معترض على أفعاله. إن هذا هو حال العرب مع هذه القوة الغريبة التي استباحت أرض فلسطين في لحظة غفلة. لكن رغم كل الآلام والجراحات التي طفحت بها أفئدة العرب، فإن فلسطين تبقى حاضرة لا تغيب، خصوصاً أن هناك رجالاً مخلصين أقسموا على أنفسهم أن ينصروها وأن يعيدوا الحق إلى أهله. وهنا تبرز راية الحق التي يرفعها الملك محمد السادس، الذي ينتمي إلى تلك الشجرة المباركة، إلى خير البشر محمد، صلى الله عليه وسلم، فهذه الأسرة العلوية المخلصة لدينها ولأمتها لم تساوم يوماً على الحق.

وقد وقف الملك الراحل محمد الخامس شامخاً في وجه الاستعمار الفرنسي رافضاً القبول ببقاء جندي فرنسي مستعمر واحد على أرض المغرب، وقد تحمل النفي والإبعاد والأذى الجسدي لكنه ظل صابراً محتسباً أمره عند الله تعالى، فكان النصر والفتح المبين على يديه. وبعد أن تعاظم خطر إسرائيل وزاد عدوانها على العرب عام 1967، كان المغرب من أوائل الدول العربية التي طالبت بوضع حد للصلف الإسرائيلي، خصوصاً بعد أن بدأت إسرائيل سياسة تهويد القدس وتحويل المقدسات الإسلامية فيها، وخصوصاً المسجد الأقصى، إلى مقدسات يهودية. وفي المؤتمر السادس لوزراء خارجية الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي الذي انعقد في جدة عام 1975، تم تأسيس لجنة القدس وقد قرر المؤتمر العاشر المنعقد بفاس إسناد رئاستها إلى الملك الحسن الثاني ملك المغرب، وقد ترأس اللجنة بعد وفاة الملك الحسن الثاني ابنه الملك محمد السادس.

وتهدف اللجنة إلى دراسة الوضع في القدس، ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة من مؤتمرات وزراء الخارجية للبلدان الإسلامية ومن مختلف الهيئات والمحافل الدولية والاتصال بالمنظمات الدولية الأخرى التي قد تساعد على حماية القدس وتقديم مقترحات للبلدان الأعضاء ولكل المنظمات المعنية بالأمر لمجابهة التطورات الجديدة. وفي عام 1998 تأسست وكالة بيت مال القدس الشريف كمؤسسة عربية إسلامية غير هادفة للربح بمبادرة من الملك الحسن الثاني رئيس لجنة القدس آنذاك بهدف دعم وتمويل برامج ومشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والحفاظ على التراث الديني والحضاري للقدس الشريف. وإحياءً للجنة القدس وتأكيداً على أن المغرب يقف إلى جانب الحق العربي والإسلامي في فلسطين، فقد احتضنت مدينة مراكش يوم 17 كانون الثاني/ يناير 2014 أشغال الدورة العشرين لهذه اللجنة. وقد ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس اجتماع مراكش بحضور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، علاوة على وزراء خارجية بعض الدول الإسلامية بينما سيتم تمثيل أخرى على مستوى السفراء.

وحضر ممثلون عن هيئات دولية مثل الاتحاد الأوروبي والفاتيكان والأمم المتحدة. وقد جاء هذا الاجتماع في وقت تمر القضية الفلسطينية بظرف حساس للغاية، خاصة بعد التهميش الذي تعانيه بسبب اندلاع الفوضى في بعض الدول العربية، حيث بقيت القضية الأولى للعرب على المستوى العاطفي وليس الفعل السياسي. لكن الملك محمد السادس الذي ورث عن أبيه وأجداده قيم الحق والعدل ونصرة المظلوم، أبى إلا أن يعيد قضية المسجد الأقصى إلى الواجهة. وقطعاً لقد تألمت إسرائيل كثيراً لانعقاد أشغال لجنة القدس في مراكش وبرعاية رسمية من المملكة المغربية. فهذا الحدث هو رسالة مباشرة من المغرب لإسرائيل ولحلفائها الغربيين مفادها، أن الشعب المغربي والشعوب العربية والإسلامية لن تنسى القدس ولن تنسى فلسطين وستبقى تدافع عن عروبة وعن إسلامية القدس والمقدسات. ومهما طال أمد الظلم، فإن الحق سينتصر في النهاية.

*كاتب من الإمارات
البريد الإلكتروني : med_khalifaa@hotmail.com

منقول

كلامك صحيح

جميل جدا

الله الوطن الملك

الله يطول في عمر سيدي