وتحدث محمد لوليشكي، سفير المغرب بالأمم المتحدة، عن عزم المغرب على مواصلة الإسهام في مجهودات المجموعة الدولية من أجل جعل 2014 سنة لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني. وأبرز أن جلسة النقاش بمجلس الأمن تتزامن مع الإعلان الذي صدر بمراكش، واستعرض النقاط الرئيسية التي تضمنها البيان الختامي، الذي توج يومين من أشغال هذه الدورة، مؤكدا على مركزية قضية القدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية، باعتبارها تقع في صميم الحل السياسي.
وشدد البيان على أن المساس بهذه المدينة وبالمسجد الأقصى لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر والعنف واليأس وسيقود إلى نتائج وخيمة على المنطقة، ومن شأنه أن يقضي على أي فرصة لتحقيق السلام.
ودعا البيان مجلس الأمن إلى إبداء ما يتوجب من اهتمام بالتوترات المتصاعدة والحالة الحرجة في القدس الشريف، وتحمل مسؤولياته وفق ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة وطبقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ورحب مجلس الوزراء الفلسطيني، أول أمس الثلاثاء، بالقرارات التي صدرت عن اجتماع الدورة العشرين للجنة القدس التي عقدت الأسبوع الماضي بمدينة مراكش، التي دعت الدول العربية والإسلامية إلى الوفاء بالتزاماتها المالية لدعم الميزانية الفلسطينية، والوفاء بشبكة الأمان العربية، وإلى تفعيل الصناديق التي أنشأت من أجل القدس.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن المجلس أكد في جلسته الأسبوعية التي عقدها في رام الله برئاسة رئيس الوزراء، رامي الحمد الله، على ضرورة الترجمة العملية لهذه القرارات والدعوات، دعما لصمود أهل القدس وتثبيتهم في مدينتهم.
وأضافت أن المجلس استنكر قيام الإدارة المدنية في حكومة الاحتلال بالإعلان عن 381 وحدة استيطانية في مستوطنة (جفعات زئيف) في القدس الشرقية المحتلة، في محاولة من الحكومة الإسرائيلية لمسابقة الزمن لتهويد مدينة القدس بالكامل وفرض أمر واقع جديد من خلال طرح عطاءات البناء الاستيطاني.
وأكد عضو اللجنة المركزية ومسؤول العلاقات الدولية لحركة فتح نبيل شعث بموسكو، أن انعقاد لجنة القدس بمراكش تعد خطوة إيجابية إلى الأمام، خصوصا وأن المملكة المغربية اضطلعت على الدوام بدور خاص في ما يتعلق بالمدينة المقدسة.
وأضاف نبيل شعث في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عشية زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى العاصمة الروسية موسكو، أن نجاح اجتماع لجنة القدس يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للفلسطينيين لأن القدس هي "الآن محور كل صراعنا مع الاحتلال الاسرائيلي"، وقال في هذا الصدد "المدينة المقدسة هي لنا كما أنها لكل الأمة العربية والإسلامية، وللمسيحيين في العالم".
وأشار نبيل شعت الى أن المغرب قدم مساعدات طيلة الفترة الماضية للقدس من خلال بيت مال القدس الذي ترعاه المملكة، وقال "نحن على استعداد للعمل مع المغرب لتوسعة الإطار ليشمل دعما ماديا وسياسيا كبيرا للقدس يتم من خلال هذه اللجنة"، مضيفا أن هذا الموضوع يكتسي بالنسبة للفلسطينيين غاية الأهمية لان القدس تواجه خطر انتزاعها كما تواجه الأماكن المقدسة الفلسطينية خطر تهديمها من الإسرائيليين ولذلك لا يجب أن نبخل بشيء لإنقاذ المدينة المقدسة".
قال السفير الفلسطيني في وارسو عزمي الدقة إن الفلسطينيين ممتنون لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للجهود التي يبذلها جلالته من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة وفي مقدمته قضية القدس الشريف.
وأبرز الدبلوماسي الفلسطيني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تعقيبا على النتائج التي خرجت بها أشغال الدورة العشرين للجنة القدس التي انعقدت يومي 17 و 18 يناير الجاري بمراكش، تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أنه إلى جانب جهود جلالة الملك على رأس لجنة القدس، ما فتئ جلالته يقوم بجهود دبلوماسية كبيرة للتصدي لكل المحاولات الرامية إلى تهويد مدينة القدس وتغيير معالمها الدينية والثقافية.
وأشار إلى أن جلالة الملك " يكثف من اتصالاته الدبلوماسية مع القوى العظمى والأمم المتحدة واليونسكو ، من أجل إثارة انتباه المجتمع الدولي إلى السياسة الإسرائيلية الرامية إلى تغيير طمس تاريخ المدينة المقدسة وتغيير معالمها".
كما أشاد عزمي الدقة بالعمل الكبير الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف في تعزيز صمود المقدسيين من خلال مبادرات تساهم في الحفاظ على الحقوق العربية الإسلامية بهذه المدينة المقدسة وتنفيذ مشاريع تهم مجالات متعددة مثل التعليم والتربية والإسكان والصحة. ووجه الدبلوماسي الفلسطيني دعوة للدول العربية لتوفير الدعم المالي لوكالة بيت مال القدس حتى تتمكن من تنفيذ مزيد من البرامج والمشاريع التي تخدم مصالح المواطنين العرب المقيمين بالقدس.
وبخصوص مسلسل السلام في الشرق الأوسط، عبر السفير الفلسطيني عن الأسف لغياب إرادة إسرائيلية حقيقية للمضي قدما في مفاوضات السلام على الرغم من جهود المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، الهادفة إلى التوصل إلى سلام عادل وشامل في المنطقة.
وشدد على أن مطلب إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس هو مطلب غير قابل للمساومة، منددا بسياسة سلطات الاحتلال التي تواصل بناء المستوطنات في محاولة لتهويد القدس.
من جانبها، أكدت آسية بنصالح العلوي، السفيرة المتجولة لصاحب الجلالة، أن دعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى عقد الدورة 20 للجنة القدس يندرج في إطار الجهود، التي ما فتئ جلالة الملك يبذلها، من أجل استئناف مفاوضات السلام بالشرق الأوسط.
وأبرزت بنصالح العلوي، في مقال تحت عنوان (الخيار المغربي)، نشر على الموقع الإلكتروني، (بروجي - سانديكايت)، الذي يعد مرجعا لكبريات وسائل الإعلام عبر العالم في مجال التحليل السياسي المقدم من قبل الخبراء والباحثين الدوليين، أن اجتماع مراكش، الذي انعقد تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي جاء "في لحظة حرجة في تاريخ هذه المنطقة، يبرز إرادة الإسهام في استئناف المفاوضات بمنطقة الشرق الأوسط، ودعم الجهود المبذولة من قبل كاتب الدولة الأمريكي جون كيري لإنعاش مسلسل السلام".
ولاحظت أن المغرب يمثل "إطارا نموذجيا للدبلوماسية الإقليمية"، حيث إن استراتيجيته في مجال الإصلاح التدريجي، وعصرنة اقتصاده وتنميته الاجتماعية، جعلت من المملكة ملاذا للاستقرار في منطقة يسودها العنف والتنافس الاستراتيجي، وكذا شريكا يعول عليه بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة. وبالنظر إلى موقعه الجغرافي القريب من أوروبا، يمثل المغرب بوابة للولوج إلى إفريقيا، التي تعد مؤهلاتها الاقتصادية والجيو سياسية ذات مستقبل واعد".
فبعد ثلاث سنوات من ثورات الربيع العربي، وفي الوقت الذي ما تزال البلدان الأخرى بالمنطقة تبحث عن الطريق الذي ستسلكه، سواء بالجزائر حيث يطمح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الظفر بولاية رئاسية رابعة، أو بالشرق الأوسط، بسورية حيث تسود أعمال العنف وتراق الدماء، فإن المغرب "يواصل سيره بهدوء وثبات في إطار مقاربة تنموية، تروم تحقيق رخاء وازدهار السكان، عبر إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية، انطلقت منذ أزيد من عشر سنوات، وتساندها الغالبية العظمى من المواطنين".
ومن بين هذه الإصلاحات، أشارت العلوي على الخصوص إلى الدستور الجديد، الذي اقترحه جلالة الملك، وحظي بتزكية شعبية خلال استفتاء يوليوز 2011، وأدى إلى تنافس سياسي محتدم، وكذا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تروم القضاء على الفقر والإقصاء الاجتماعي في صفوف المواطنين الأكثر عرضة للهشاشة، وخاصة النساء.
وحسب بنصالح العلوي فإن "تحسن مستوى العيش والتوافق السياسي الواسع النطاق منح المغرب الاستقرار الضروري لجعل الاقتصاد ينمو بقوة ويتنوع".
وأشارت إلى أن الدخل الوطني يسير ببطء ولكن بثبات، في اتجاه عدم الارتباط التام بالفلاحة، ما سيؤدي إلى التقليص من تأثير قلة التساقطات والمواسم الفلاحية الضعيفة على المغاربة"، مضيفة أن "المغرب استطاع تطوير صناعة تحويلية متينة، خاصة في مجال الأسمدة، وكذا صناعة النسيج التي بدأت تستعيد عافيتها بعد التباطؤ الذي نتج عن الأزمة بأوروبا، ومن تم اختراق أسواق جديدة، هذا في وقت يحافظ قطاع السياحة على وتيرة نموه".
واعتبرت بنصالح العلوي أنه يمكن "للمغرب أن يفخر باستراتيجيته في مجال التصدير"، لأنه رغم "ضعف الاقتصاد العالمي، فإن المملكة تبيع منتوجاتها في العالم بأسره، محققة حجم صادرات قوي نحو فرنسا والولايات المتحدة والبرازيل وبلدان الخليج والصين".
وذكرت، في هذا السياق، بإبرام اتفاقيات للتبادل الحر مع أوروبا وتركيا والأردن والإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس، فضلا عن أن المغرب يعتبر البلد الوحيد بالمنطقة الذي يتوفر على اتفاقية مماثلة مع الولايات المتحدة.
وأكدت العلوي، والتي تشغل، أيضا، منصب أستاذة جامعية في القانون الدولي بجامعة محمد الخامس والرئيسة المشتركة لـ "مجموعة الحكماء" حول الحوار بين الشعوب والثقافات في الفضاء الأورو متوسطي، على أن المغرب يتوفر على "بنيات تحتية قوية، ونظام بنكي متين، ومالية عمومية سليمة، ومعدل تضخم ضعيف، ونسبة بطالة يمكن تدبيرها"، مشيرة إلى أنه رغم فرار رؤوس الأموال من المنطقة، فإن المغرب يواصل استقطاب الاستثمارات الأجنبية".
وقالت إن المغرب، الذي يعد بلدا مستقرا في منطقة تسودها الاضطرابات، واع كل الوعي أن مصالحه على المدى الطويل ترتبط بتحقيق بلدان الجوار للاستقرار السياسي والانخراط في إصلاحات اقتصادية مماثلة، ما يفتح المجال أمام إقامة منطقة للتجارة الحرة تعود بالفائدة على المنطقة قاطبة.
وسجلت أنه جرى اعتماد هذه المقاربة الإقليمية منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس للعرش سنة 1999، مضيفة أن جزءا مهما من استراتيجيته ركزت على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية، وهو ما حدا بالمغرب إلى أن يضع خبرته في المجال المالي والاتصالات والطاقة والزراعة والأمن الغذائي رهن إشارة جميع بلدان القارة.
ولاحظت بنصالح العلوي أن المغرب أصبح اليوم ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا، بعد جنوب إفريقيا.
وأكدت العلوي أن الدور الريادي الذي يضطلع به جلالة الملك في المجال الديني والروحي والثقافي بالمنطقة، جعلت من جلالته "صوتا لا محيد عنه" في ما يتعلق بتعزيز قيم الإسلام في المجتمع الحديث، مذكرة، في هذا السياق، بأن المغرب ساهم في تكوين الأئمة على مبادئ إسلام منفتح ومتسامح، ويساعد مالي في تجاوز الأحداث الأليمة التي شهدتها أخيرا.
وتابعت أن "مبدأ التضامن الإقليمي هذا يتجلى، أيضا، من خلال إقامة المملكة لمستشفيات ميدانية ليس فقط في مالي، ولكن، أيضا، في مناطق أخرى تشهد صراعات، كالأردن لمساعدة اللاجئين السوريين".
وبالنسبة للسفيرة المتجولة لجلالة الملك، فإن "المغرب يوجد في موقع جيد يؤهله لتعزيز الأمن وتنمية شمال إفريقيا ومناطق أبعد من ذلك".
وخلصت إلى أن "استقراره السياسي واقتصاده المنفتح وعلاقاته الدولية المتوازنة" تجعل من المغرب "شريكا مفضلا" في منطقة "خطيرة ومعقدة"، داعية الدول الغربية إلى استغلال هذه الفرصة.
منقول