تحتضن مدينة مراكش أشغال الدورة العشرين للجنة القدس بدعوة من المملكة المغربية، التي تقام غدا الجمعة وبعد غد السبت، والتي يترأسها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رئيس لجنة القدس، بحضور محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية.
وتعد هذه الدورة، الثالثة التي تنعقد منذ اعتلاء صاحب الجلالة عرش أسلافه المنعمين، وترؤس جلالته لجنة القدس، بعد أن انعقدت الأولى سنة 2000 في أكادير، والثانية في مراكش سنة 2002.
وتأتي هذه الدورة لتعكس حرص المملكة، بقيادة جلالة الملك، على صيانة الحقوق الثابتة للفلسطينيين، وحماية القدس الشريف، والدور الرائد والجهود القيمة لجلالة الملك في دعم قضية الأمة الإسلامية الأولى.
وعبرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات عن تقديرها البالغ وامتنانها العميق للمغرب، ملكا وحكومة وشعبا، لاحتضانه اجتماع الدورة الـ20 للجنة القدس التابعة لمؤتمر التعاون الإسلامي.
ووصفت الهيئة، في بلاغ لها، هذه الخطوة بأنها "مهمة وضرورية في ظل الأوضاع الراهنة في مدينة القدس المحتلة، وما يحدق بالمسجد الأقصى المبارك من خطط تهويدية ومشاريع تلمودية تتمثل في مواصلة حفر الأنفاق أسفله، وإقامة الكنس داخله والاقتحامات اليومية لباحاته".
وكان جلالة الملك، بصفته رئيس لجنة القدس، حذر في دجنبر الماضي من خطر توقيع اتفاقية حول تراث الكنيسة الكاثوليكية بالقدس الشرقية، ومن خطر ممارسات الاستيطان الاستفزازية من قبل إسرائيل.
وعبر جلالته في رسالتين للبابا فرانسيس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "عن الانشغال العميق، الذي نشعر به في المملكة المغربية وفي سائر الأقطار الإسلامية، بخصوص قرب توقيع دولة الفاتيكان وإسرائيل على مشروع ملحق للاتفاقية المبرمة بين الطرفين سنة 1993، والمتعلق بممتلكات الكنيسة الكاثوليكية بمدينة القدس المحتلة".
وأبرز جلالة الملك أن هذا التوجه من شأنه أن "يعاكس الجهود المبذولة من أجل توفير المناخ الملائم لإنجاح مفاوضات السلام، المستأنفة منذ شهر يوليوز 2013، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من المفروض أن تحسم، من بين أمور أخرى، في الوضع النهائي للقدس الشرقية".
وأضاف جلالته، أن "من شأن التوقيع على هذا الملحق أن يزكي الممارسات الاستيطانية الاستفزازية، التي تقوم بها إسرائيل، وانتهاكاتها الجسيمة في المسجد الأقصى وفي القدس وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة"... بل إن "مثل هذه الإجراءات تتناقض في العمق مع أسس الشرعية الدولية والقرارات الأممية، التي تؤكد ضرورة المحافظة على الطابع الخاص للمدينة المقدسة، وعدم المساس بوضعها القانوني"... مؤكدا أن القدس "هي جوهر الصراع المرير بمنطقة الشرق الأوسط، وصميم الحل السياسي في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي نأمل جميعا أن يتجاوز الطرفان من خلالها العقبات والمعيقات التي تحول دون الوصول إلى سلام عادل وشامل وفق حل الدولتين".
كما أعرب عن يقينه بأن "أي اتفاق مع إسرائيل لا يأخذ بعين الاعتبار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ستكون له ... خيبة أمل عميقة لدى شعوب العالم الإسلامي، ولن يخدم السلام المنشود...، في الوقت الذي نحن مطالبون فيه بإيجاد حلول خلاقة ومبتكرة لقضية القدس، مدينة السلام".
ودعا جلالة الملك قداسة البابا والأمين العام للأمم المتحدة "إلى اتخاذ الإجراءات التي يرونها مناسبة لمنع عقد أي اتفاق يضفي شرعية على الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس، ويؤجج مشاعر أزيد من مليار مسلم في العالم".
وحظيت الرسالتان الملكيتان بإشادة الفلسطينيين، إذ قال صائب عريقات، رئيس فريق المفاوضين الفلسطينيين، إنهما تعكسان "حرص جلالة الملك على تتبع ملف القدس عن قرب، وتبرهنان على أن القضية الفلسطينية ليست بمعزل عن الاهتمامات ذات الأولوية بالنسبة لجلالته".
وكان جلالته وجه في نونبر، رسالة إلى رئيس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، عبدو سلام ديالو، بمناسبة تخليد اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقال جلالته "أجدد لكم دعم المملكة المغربية الكامل والدائم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والتاريخية، غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة، فوق أراضيه المحررة، وعاصمتها القدس الشرقية، دولة تتعايش جنبا إلى جنب، في سلم وأمن، مع إسرائيل، في إطار الشرعية الدولية، وطبقا لمبادرة السلام العربية، وخارطة الطريق التي وضعتها الرباعية الدولية.
بيد أنه برغم الجهود الدولية لإحياء عملية السلام، ومرونة الجانب الفلسطيني والعربي، وتعاطيه الإيجابي مع مختلف المبادرات، فقد ظلت هذه الجهود تصطدم بإصرار الحكومة الإسرائيلية على التمادي في نهج سياسة الاستيطان والتهويد، ومصادرة الأراضي والممتلكات. الأمر الذي يقوض كل المساعي الرامية إلى إيجاد حل نهائي لهذا الصراع، ويحول دون إنجاح المفاوضات المستأنفة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، برعاية أمريكية.
وفي هذا الإطار، يشيد المغرب بالجهود الحميدة، التي تبذلها الإدارة الأمريكية، والتي أفضت إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، مع وضع سقف زمني محدد لتحقيق نتائج ملموسة، كفيلة بإنعاش الأمل، في تحقيق سلام عادل وشامل، يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وأضاف جلالته في الرسالة الموجهة إلى رئيس لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني "بصفتنا رئيسا للجنة القدس، وانطلاقا من التزاماتنا العربية والإسلامية، ما فتئنا ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، ومواصلة العمل من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق تطلعاته المشروعة، مشددين على خطورة تمادي إسرائيل في مخططاتها العدوانية، الرامية إلى تغيير الوضع القانوني والديمغرافي والديني لمدينة القدس الشريف، وطمس هويتها الحضارية".
وجدد جلالته تشبث المملكة بالدفاع عن القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسيطيني، إذ قال جلالته في الرسالة الموجهة إلى عبدو سلام ديالو "تجسيدا لموقفنا الثابت في دعم الحقوق المشروعة الشعب الفلسطيني الشقيق، فإننا نحرص على مواصلة وكالة بيت مال القدس الشريف، لأعمالها في تنفيذ العديد من المشاريع الملموسة، في مختلف الميادين الاجتماعية والتربوية والصحية وفي مجالات السكن، وذلك من أجل مساعدة إخواننا المقدسيين على الصمود في مواجهة كل محاولات التشويه وطمس المعالم الدينية والثقافية والحضارية الإسلامية للمدينة المقدسة".
منقول