من أجل تحرير القصر من قبضة المحافظين

بعد تفاقم عقم الحياة السياسية والحزبية بالمغرب، جاء حزب "البام" محمولا على أكتاف الحداثيين واليساريين الذين تربوا في أحضان الأحزاب الوطنية من قبل. إلا أن هذا الحزب تم استهدافه في البداية من طرف كل القوى المحافظة داخل المغرب وخارجه. الممانعة لم تبرز بعد اكتساح حزب "التراكتور" للانتخابات البلدية عام 2009، بل ظهرت عام 2010 حين ما انفلتت التصريحات من عقال قادة "البام" بشأن التدبير المفوض للمرافق الجماعية بالمغرب ومطالبتهم باسترجاع المدن المغربية لهذه المرافق في حالة ما إذا رغب هذا المجلس أو ذاك. هذه التصريحات أحدثت عاصفة دبلوماسية تجلت في اللقاءات التي عقدها سفراء الدول الغربية مع قادة "البام" آنذاك لبحث مضامين هذه التصريحات واستفسارهم حول سياقاتها، خاصة وأن الشركات الفرنسية والإسبانية هي الأكثر احتكارا لصفقات التدبير المفوض في الماء والكهرباء والتطهير والنقل الحضري والنظافة وغير ذلك.

العاصفة ستحتد بعد دخول السفارة الأمريكية على الخط بالنظر إلى أن مصالحها هي الأخرى من الممكن أن تمس، خاصة وأن بروفيلات قادة البام (في معظمهم) ينحدرون من سلالة اليسار الحاملين لجينات معارضة كل ما هو أمريكي.

ونظرا لتلاقي مصالح القوى الغربية العظمى مع مصالح اللوبيات داخليا كان منتظرا أن تشن الحرب على "البام" من طرف كل القوى المحافظة. علما أن الملك محمد السادس لما انفتح في بداية حكمه على النخب المتنورة والحداثية واليسارية كان انفتاحا يروم تهذيب الشأن العام، إلا أن الممارسة أثبتت أن هذه النخب اليسارية والمتنورة كانت مثقلة بأعطاب بل بأخطاء جسيمة، تتجلى في أنها نخب بدون جسور مع المجتمع عكس الحال بالنسبة للقوى المحافظة التي ظلت تمسك بكل خيوط التماس مع المجتمع. وهو ما عمق من مشاكل القصر في التحديث وردم الهوة، لدرجة أن القصر وجد نفسه رهينة بيد هذه القوى المحافظة الرافضة للتحديث وتسريع الوتيرة على غرار ما عرفته ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وباقي دول جنوب شرق آسيا التي حرقت المراحل وحصلت على تذكرة ولوج "نادي الأمم المتمدنة".

ومع تعيين حفيظ بنهاشم مندوبا عاما للسجون ازداد منسوب اليأس لدى القوى الحداثية، بالنظر إلى أن ذاك التعيين اعتبر جوابا عن نهاية الانفتاح ونهاية التعامل مع النخب المتنورة، على اعتبار أن مجيء بنهاشم كان بمثابة انتصار ورسالة من القوى المحافظة على أنها عادت وبقوة للساحة السياسية. بدليل أن قوة الرسالة عززها التعيين بظهير وباستقبال رسمي للمعني في القصر وبإطار مؤسساتي مستقل عن وزارة العدل.

الدليل على أن القوى المحافظة لا تهمها مصالح المغرب أنها هي التي ورطت البلاد والعباد في قضية الإسباني البيدوفيل بدأت بكوارث مندوبية السجون وتنصل الحكومة الملتحية من المسؤولية ورمي الجمر داخل القصر وتجييش اللوبيات ل"تسخين الطعارج" ضد المغرب. وهنا الخطر، لأن المؤسسة الملكية وجدت نفسها وجها لوجه مع القوى المحافظة وتوابعها من وهابيين وسلفيين ومتزمتين، لدرجة أن هؤلاء أصبحوا يتجرأون حتى على المس بحرمة القصر. هذا الخطر مرشح ليكون أكثر حدة لغياب قوى مضادة بإمكانها أن تصد هيمنتهم وتسلطهم في المجتمع. علما أن الوهابيين والسلفيين والمتزمتتين ومن يناصرهم في الحكومة لا يؤمنون بالفكر أو بالثقافة بل يؤمنون بالإيمان. وبالتالي كل من زاغ عن الإيمان ينتهي النقاش معه ويتعين قتله وسحقه وسحله!!

إن الاكتساح الذي حققته القوى المحافظة بتحالف مع المافيا واللوبيات في هذا الجهاز أو ذاك لن يوضع له حد إلا إذا استرجع التيار المتنور رأسماله المجتمعي. فالطريق سالكة وعزل بنهاشم بتلك الطريقة المهنية رسالة يتعين أن تستوعبها كل الأصوات المتنورة في هذه البلاد لتنزل من أبراجها وتبني جسورا مع المجتمع المغربي لتحريره وتحرير القصر من قبضة المحافظين.

منقول

الله الوطن الملك

الله يطول في عمر سيدي

ان شاء الله يكثير اولاد الحلال في القصر