تندرج زيارة العمل، التي يقوم جلالة الملك محمد السادس إلى واشنطن، في 22 نونبر الجاري، في سياق العلاقات المتميزة والقديمة بين المغرب والولايات المتحدة، القائمة على مبادئ ثابتة، يؤطرها الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، وتقاسم قيم الحرية، والمساهمة في تأمين السلام والاستقرار إقليميا وجهويا ودوليا، على أساس القوانين الدولية وميثاق منظمة الأمم المتحدة.
لم يكن من باب الصدفة أن يكون المغرب أول بلد اعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1778، في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وذكر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بهذه الواقعة التاريخية، في أول خطاب له وجهه إلى العالم العربي والإسلامي، غداة انتخابه للولاية الأولى، في يونيو 2009، بجامعة القاهرة، قائلا إن "المغرب كان أول دولة اعترفت باستقلال بلادي".
وفي سنة 1786، وقع البلدان بمدينة مراكش "معاهدة الصداقة والملاحة والتجارة"، التي عرفت تحيينا سنة 1836 في مكناس، في عهد السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام.
وعندما اشتد الضغط الأوروبي على المغرب في نهاية القرن 19، أعلنت الولايات المتحدة رسميا تضامنها مع المغرب في مواجهة الأطماع الاستعمارية لبعض الدول الأوروبية، بينما لم تكن للولايات المتحدة، المستقلة حديثا عن بريطانيا، مطامح استعمارية في العالم.
وخلال الحرب العالمية الثانية، وقف المغرب إلى جانب الحلفاء ضد النازية، واحتضن مؤتمر أنفا (الدارالبيضاء 1943)، الذي شارك فيه الملك الراحل محمد الخامس إلى جانب الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفيلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والزعيم الفرنسي الجنرال دوغول.
في سياق هذه الاستمرارية، تبرز الإرادة القوية لجلالة الملك وللرئيس الأمريكي باراك أوباما لتعزيز الشراكة الاستراتيجية والاستثنائية القائمة بين البلدين، مدعمة بالرغبة المشتركة، التي تستمد شرعيتها ودلالتها من معاهدة السلام والصداقة، التي تربط البلدين منذ أزيد من قرنين.
وجاء في بلاغ للمتحدث باسم القصر الملكي أن هذه الزيارة تأتي بدعوة من الرئيس الأمريكي، وتندرج "في إطار ترسيخ العلاقات التاريخية والاستراتيجية، التي تربط البلدين الصديقين، منذ أزيد من قرنين من الزمن، وتوطيد العلاقات الخاصة، التي جمعت دائما البيت الأبيض بالقصر الملكي".
وكان جلالة الملك محمد السادس والرئيس أوباما، أكدا، خلال اتصال هاتفي في ماي الماضي، على أهمية تكثيف المشاورات السياسية والتواصل الدائم من أجل تعزيز العلاقات الثنائية في جميع مجالات التعاون، سيما في إطار الحوار الاستراتيجي الذي أبرمه البلدان في شتنبر 2012.
وسجل صناع الرأي والمعلقون والمحللون بواشنطن أن الزيارة الملكية ستشكل مناسبة للتذكير بالتزام المغرب إلى جانب قوات التحالف خلال الحرب العالمية الثانية، واختيار المغرب لنظام سياسي، يقوم على التعددية، بينما نهجت دول أخرى نظام الحزب الوحيد، وانتهى معظم تلك التجارب إلى الفشل، إضافة إلى الالتزام الثابت للرباط وواشنطن بمكافحة الإرهاب والتطرف الديني.
لقد حققت الشراكة المغربية الأمريكية آثارا كبيرة، في الوقت الذي تبحث واشنطن عن تعزيز علاقاتها مع البلدان الإفريقية، سيما تلك الواقعة على طول الساحل الأطلسي للقارة السمراء، ومن مؤهلات هذه الشراكة، هناك التوجه الدولي للاقتصاد المغربي، إضافة إلى موقع المغرب كـ"مركز أطلسي متعدد الأبعاد"، وانخراطه في إفريقيا والمنطقة المتوسطية، بما آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، في إطار صداقة قديمة، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
منقول