"صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ عاهل المملكة المغربية٬
أصحاب السعادة الضيوف٬ حضرات السيدات والسادة٬
صاحب الجلالة٬
تغمرني سعادة بالغة وأنا أستقبلكم في الكوت ديفوار.
فبزيارتكم لنا٬ تشرفون الكوت ديفوار بأسرها والشعب الإيفواري قاطبة. وأود٬ أصالة عن نفسي ونيابة عن شعب وحكومة الكوت ديفوار٬ أن أعبر لجلالتكم ولسمو الأمير مولاي إسماعيل وللوفد الهام، الذي يرافقكم٬ عن ترحيبي الحار بكم في الكوت ديفوار٬ فمرحبا بكم.
شكرا لكم يا صاحب الجلالة٬ على قدومكم للكوت ديفوار٬ التي تكن لجلالتكم مشاعر إعجاب وتقدير كبيرة٬ بوصفكم عاهل مملكة نتعلق بها جميعا تعلقا عميقا.
إن حضوركم بيننا اليوم لدليل على الطبيعة الاستثنائية للعلاقات، التي تربط المملكة المغربية بجمهورية الكوت ديفوار.
صاحب الجلالة٬
إن زيارتكم تمنحني أيضا الفرصة لأعرب لكم عن تقديري العميق على الدعوة التي وجهتموها لي غداة تسلمي مهامي٬ والتي٬ للأسف٬ لم تمكن إكراهات أجندة الجانبين٬ إلى حد الآن٬ من تلبيتها.
وستظل زيارتكم للكوت ديفوار راسخة في السجل التاريخي لبلدينا. إنها دليل ساطع على جودة الروابط التاريخية التي تجمع بين أمتينا منذ عهد مؤسسي دولتينا الحديثتين والدكم الراحل جلالة الملك الحسن الثاني والرئيس الراحل فيليكس هوفويت بوانيي.
فقد طبع هذان الزعيمان العظيمان العلاقات بين بلدينا بالقيم المشتركة للأخوة والصداقة والتضامن.
وعليه يتوجب علينا وعلى شعبينا تعزيز وترسيخ هذه المكاسب من أجل تدعيم وتقوية علاقات الأخوة والتعاون بين جمهورية الكوت ديفوار والمملكة المغربية.
وسيذكر تاريخ قارتنا بأن التزام ورؤية هذين الزعيمين من أجل إفريقيا مستقلة وموحدة٬ أفضيا إلى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963 بأديس أبابا.
صاحب الجلالة٬
لا يفوتني أن أنتهز مناسبة زيارتكم لبلدنا لأعبر لكم عن كامل تقديري على الإصلاحات السياسية، التي تمت تحت قيادتكم النيرة وبفضل حنكتكم السياسية٬ مما أدى إلى تعزيز الصرح الديمقراطي بالمملكة المغربية.
كما لا يسعني إلا أن أهنئ الشعب المغربي الشقيق، الذي مكن نضجه وحكمته السياسيان بلدكم من تجاوز الربيع العربي، الذي هز بعض بلدان المغرب العربي.
لقد شكلت هذه المسؤولية التاريخية للشعب المغربي على الدوام إحدى الدعامات الأساسية للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدكم.
صاحب الجلالة٬
لقد تبلورت الصداقة العريقة والمتينة التي تجمع جمهورية الكوت ديفوار والمملكة المغربية في العديد من الاتفاقيات القطاعية ومعاهدة صداقة موقعة في 22 شتنبر 1973. ففي غضون أربعة عقود٬ مكنت هذه الاتفاقيات من إثراء التعاون متعدد الأشكال بين بلدينا مع إحداث لجنة كبرى مشتركة للتعاون ستعقد دورتها الخامسة بأبيدجان في القريب العاجل.
إن نتائج هذا التعاون ملموسة وتعد بتحقيق التقدم لبلدينا. كما أنتهز هذه المناسبة لأعبر لجلالتكم عن امتنان الشعب الإيفواري على الجهود، التي ما فتئتم تبذلونها من أجل عودة السلم والاستقرار إلى الكوت ديفوار منذ اندلاع الأزمة الإيفوارية في شتنبر 2002 .
وبالفعل فقد ساهم بلدكم بفعالية في خروج الكوت ديفوار من هذه الأزمة٬ من خلال مشاركته في "عملية الأمم المتحدة بالكوت ديفوار"٬ بتجريدة من مئات الجنود .
وعلى الصعيد الاقتصادي٬ ومن أجل ضمان تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة والصناعات الصغرى والمتوسطة الإيفوارية٬ فتح التجاري وفا بنك٬ الذي يعد أول مجموعة بنكية وتمويلية في المغرب العربي٬ فرعا له في الكوت ديفوار منذ 2010.
كما وضعت شركة إسمنت إفريقيا في نونبر 2011 أول لبنة لتشييد فرع لها بأبيدجان.
ووقعت مجموعة الضحى مع الحكومة الإيفوارية اتفاقية لبناء 2600 وحدة للسكن الاجتماعي بأبيدجان.
كما أنه من الممكن٬ بالنظر إلى الإمكانات الهائلة التي يزخر بها بلدانا٬ الرفع من مستوى مبادلاتنا التجارية، وهو ما يتعين علينا العمل أكثر لتحقيقه.
وفي مجال التربية٬ أود أن أشيد بالمجهودات الدؤوبة والمتنامية التي تبذلها المملكة المغربية لتكوين مئات الشباب الإيفواريين عبر توفير منح دراسية لهم لمواصلة دراستهم بالجامعات والمدارس العليا المغربية.
وإنني لعلى يقين بأن هذا الشباب٬ الذي هو أمل الغد٬ سيكون أحد الفاعلين الأساسيين في النهوض بالتعاون الإيفواري المغربي.
وأود أن أشكركم، أيضا، على دعمكم لمنطقتنا في مجال مكافحة الإرهاب.
صاحب الجلالة٬
أود كذلك أن أحدثكم عن الجالية المغربية في الكوت ديفوار. إنها تمثل أزيد من 3 آلاف شخص يتقاسمون الحياة اليومية مع إخوانهم وأخواتهم الإيفواريين، وهم يشاركون كذلك في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لبلدهم المضيف.
كما أود أن أغتنم فرصة تواجدكم لأشكر جميع أخواتنا وإخواننا المغاربة ولأقول لهم إنهم في بلدهم الثاني٬ الكوت ديفوار.
صاحب الجلالة٬
إنني واثق من أن السلم والاستقرار هما صمام الأمان لتحقيق التنمية لبلدينا والرفاهية لشعبينا.
لذلك٬ فإن الكوت ديفوار التي اختارت سبيل السلام٬ رغم الصراع الذي أعقب الانتخابات٬ تعيش على وقع العديد من الأوراش. إن طموحنا يتمثل في أن نصبح بلدا صاعدا في أفق 2020. ولتحقيق ذلك٬ فإننا ركزنا جهودنا على التحديات الكبرى الواجب رفعها والتي تتمحور حول ثلاثة محاور رئيسية٬ ألا وهي تعزيز الأمن وتعميق المصالحة والتلاحم الوطني والسلم وتسريع إعادة البناء والإقلاع الاقتصادي.
إن هدفنا هو تحقيق نمو إدماجي قوي ودائم خلال السنوات القادمة ٬ من خلال تنفيذ المخطط الوطني للتنمية للفترة 2012 - 2015.
وإننا ندعو المملكة المغربية ورجال الأعمال المغاربة إلى الاستثمار في الكوت ديفوار٬ من أجل مواكبة بلدنا على درب إعادة البناء وتحقيق التنمية المستدامة .
أصحاب الفخامة٬
حضرات الضيوف الكرام٬
حضرات السيدات والسادة٬
أدعوكم إلى رفع نخبكم من أجل صحة وسعادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ وصاحب السمو الأمير مولاي اسماعيل٬ والوفد المرافق لجلالته٬ ومن أجل الصداقة المغربية الإيفوارية٬ ودوام الأخوة بين شعبينا الشقيقين.
عاش صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
عاشت المملكة المغربية.
عاشت الكوت ديفوار" .
منقول