الدارالبيضاء (و م ع) ـ ألقى صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ خطابا خلال مأدبة العشاء، التي أقامها جلالته٬ أمس الأربعاء بالقصر الملكي بالدارالبيضاء٬ على شرف فخامة الرئيس الفرنسي٬ فرانسوا هولاند.
وفي ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي :
"الحمد لله وحده٬ والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه٬
السيد رئيس الجمهورية٬
أصحاب السمو الملكي٬
حضرة السيدة٬
أصحاب المعالي والسعادة٬
حضرات السيدات والسادة٬
إنه لمن دواعي المسرة والسعادة٬ أن أستقبلكم - فخامة الرئيس- وأعضاء الوفد الهام المرافق لكم٬ متوجها إليكم٬ أصالة عن نفسي ونيابة عن الشعب المغربي٬ بعبارات الترحيب في مدينة الدار البيضاء٬ هذه الحاضرة التي تعد في مقدمة مدن المملكة٬ التي تلتقي فيها عناصر ثقافية وإنسانية تغذي الوشائج المتينة التي تجمع بلدينا الصديقين.
ومصدر سعادتي٬ أنني أستقبل في شخص فخامتكم رئيس دولة عظيمة٬ هي فرنسا التي يكن لها كافة المغاربة مشاعر المودة العميقة والتقدير الكبير.
ومما لا ريب فيه٬ أن العلاقة القائمة بين بلدينا٬ ذات الطابع الاستثنائي٬ تستمد تميزها من تاريخنا المشترك العريق٬ ومن الروابط الثقافية والإنسانية٬ التي تجمع شعبينا على نحو عز نظيره. كما أنها تزداد رسوخا ومتانة بشكل مطرد٬ ولاسيما بفضل المبادلات الاقتصادية ذات الآفاق الواعدة.
كما تتجلى خصوصية هذه العلاقة٬ المفعمة بروح الثقة والرصانة والانفتاح المستمر على المستقبل٬ بنوعية التشاور السياسي المتواصل.
وأن ما تتميز به هذه العلاقة الخاصة بيننا٬ لهو الانخراط المتزايد لثلة من الرجال والنساء٬ الممثلين لعالم الاقتصاد والجماعات الترابية والمجتمع المدني٬ ومن الأفراد النشيطين لجاليتينا٬ الذين يتحلون بالعزائم القوية في إغنائها٬ والذين لا يقدر إنجازهم بثمن.
لذلك أود بهذه المناسبة٬ التوجه بعبارات الإشادة لمواطنينا المقيمين بكل من فرنسا والمغرب٬ الذين يرجع الفضل لانخراطهم وحيويتهم ومواهبهم الخلاقة٬ في تعزيز وإثراء الروابط التي تجمعنا.
كما تتسم هذه العلاقة المثمرة٬ بقدرة البلدين على التكيف المستمر٬ تماشيا مع تطور مجتمعينا واقتصادينا٬ وعلى تجديد آليات التعاون بيننا بوتيرة منتظمة.
السيد الرئيس٬
أود بهذه المناسبة٬ تجديد عزمي الأكيد على تعميق وتطوير هذه العلاقة٬ لصالح تحقيق أهداف طموحة يتطلع إليها٬ بكل ثقة٬ الشعبان المغربي والفرنسي.
ومن هذا المنظور٬ أعرب عن أملي في أن تندرج التربية والتكوين٬ بصفة دائمة٬ في صميم شراكتنا٬ باعتبارهما من أسس التنافسية والابتكار، التي تتيح خلق مناصب شغل قارة٬ ودعامة لتطوير الطاقات المتجددة و"الاقتصاد الجديد".
إن هذا التوجه الطموح لخدمة الشباب في بلدينا٬ من شأنه أن يتيح استثمارا أفضل لأوجه التكامل الرائعة٬ التي يتميز بها اقتصادانا٬ وإضفاء المزيد من الحيوية والتفاعل الإيجابي عليهما. كما سيكون له الأثر في خلق فرص تعود بالنفع علينا٬ في ميادين المبادلات الاقتصادية والمعاملات والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ولسوف نتمكن جميعا٬ من خلال توحيد جهودنا وتوظيف مؤهلاتنا توظيفا أمثل٬ في إطار الاستثمارات المشتركة٬ من تحقيق ما يتعذر بلوغه بالجهود المبعثرة.
إن فتح مجالات جديدة للإنتاج المشترك٬ على غرار ما ننجزه في قطاع "المهن العالمية" للسيارات والطيران والصناعة الفلاحية٬ سيمكننا من استكشاف شتى المصادر والوسائل الإضافية٬ التي ينبغي استغلالها لتحقيق المزيد من النمو.
السيد الرئيس٬
إن المغرب وفرنسا مؤهلان بطبيعتهما لتبوء مكان الصدارة٬ ضمن شراكة مستقبلية٬ بين ضفتي حوض المتوسط. وفي هذا الصدد٬ يتطلع المغرب٬ الذي يحظى منذ سنة 2008 بوضع متقدم لدى الاتحاد الأوروبي٬ إلى مواصلة تطوير جهوده بمعية هذا التكتل٬ وذلك من خلال إبرام اتفاقيات جديدة.
وموازاة مع ذلك٬ فإن بناء اتحاد مغاربي مستقر ومتضامن٬ يشكل دائما أولوية جيوستراتيجية جوهرية بالنسبة للمملكة. وإني لعلى يقين من أن انبثاق نظام مغاربي جديد٬ الذي ما فتئنا نتطلع إليه٬ سيمكن البلدان المغاربية الخمسة من العمل٬ من منطلق حسن النية الخالصة٬ على إطلاق ديناميات التضامن والتكامل والاندماج، التي تزخر بها المنطقة.
ومن هذا المنطلق٬ سيكون للمبادرة المسماة 5+5، وللانسجام الاستراتيجي الذي يتمتع به غرب المتوسط٬ مردودية أفضل٬ من حيث القرب الجغرافي والإنساني٬ وشتى التوافقات والترابط اللوجستيكي٬ والحلقة الطاقية.
وعلى هذا الأساس٬ فإن المغرب عازم٬ وبشكل خاص٬ على العمل٬ في انسجام مع فرنسا٬ من أجل انبثاق معاهدة أورومتوسطية جديدة من شأنها أن تخلق٬ في نفس السياق٬ المزيد من التوافق في الديمقراطية والتضامن والازدهار.
وفي هذا الصدد٬ فإنني واثق من أن ما تقترحونه وتدافعون عنه٬ في موضوع "البحر الأبيض المتوسط للمشاريع"٬ ليشكل تصورا وجيها ومحفزا من شأنه أن يدشن٬ بشكل عملي وملموس٬ بناء صرح تشاركي جديد في المتوسط.
السيد الرئيس٬
إن المملكة المغربية٬ التي ما فتئت تعمل من أجل التوصل إلى حل عادل ونهائي٬ للصراع الدائر في الشرق الأوسط٬ لتعبر عن أملها في أن يوفق المجتمع الدولي إلى إعطاء دفعة جدية لمسلسل السلام الفلسطيني الإسرائيلي٬ وإلى وضع حد فاصل لاحتلال ما فتئ يهدد المنطقة بأوخم العواقب٬ هذه المنطقة التي تواجه في الفترة الأخيرة امتحان الانتقالات العسيرة.
وفي هذا السياق٬ فإننا نتأسف كذلك٬ لعدم تمكن المجتمع الدولي من وضع حد نهائي للمأساة الإنسانية، التي تضرب السكان المدنيين في سورية٬ وعجزه عن مساندة تنسيق الخطوات المتخذة على الميدان من قبل المعارضة٬ التي تعرف حاليا مرحلة من التشتت٬ وهو ما يؤخر انتقالا سياسيا لازما ولا محيد عنه في هذا البلد.
ومن ناحية أخرى٬ فإن لبلدينا نفس التطلع تجاه القارة الإفريقية٬ بخصوص مصالحها٬ هذه القارة الغنية بمواردها الإنسانية والثقافية والطبيعية. ومن ثم فإننا نشاطركم ٬ فخامة الرئيس٬ نفس الرؤية الواضحة٬ في ما يخص الحاجة الملحة لإيجاد شروط السلام والأمن والاستقرار لكل البلدان الإفريقية٬ لأن توفير هذه الشروط يظل ضروريا لتمتين الأسس الضامنة لإرساء الديمقراطية والتقدم والتنمية البشرية.
وبهذه المناسبة٬ أود أن أجدد دعم المملكة المغربية للعمل الذي قامت به فرنسا٬ بكل حزم وشجاعة٬ والذي مكن دولة مالي الشقيقة٬ من استعادة سيطرتها على كافة أراضيها والحفاظ على توجهاتها الوطنية المشروعة.
السيد الرئيس٬
إن المملكة المغربية٬ التي تعتز بتاريخها٬ تسير بإيمان وحزم على درب تحقيق مشروعها المجتمعي المنفتح والخلاق٬ القائم على أسس قوية٬ تجتمع حولها شتى المكونات. وهو ما مكن المغرب من ترسيخ نظام مؤسسي تسوده قيم احترام الفرد والتضامن مع الجميع٬ نظام مؤسسي يجمع ويوائم بين التعدد والخصوصيات الترابية والثقافية.
وتلكم هي الرؤية التي اعتمدناها في ورش الجهوية المتقدمة٬ ونحن واعون كل الوعي٬ بأهمية مخطط الحكم الذاتي المقترح لجهة الصحراء٬ باعتباره السبيل الوحيد لحل الخلاف الإقليمي الذي ما زال٬ مع الأسف٬ يرهن المستقبل المغاربي.
السيد الرئيس٬
إن المملكة المغربية لتقدر٬ حق التقدير٬ الالتزام المستمر الذي تبديه فرنسا نحوها من أجل إنجاح شتى المشاريع الأساسية، التي تعتمدها ومختلف الأوراش المهيكلة التي تطلقها.
إنني لواثق من أن زيارة الدولة٬ التي تقومون بها للمغرب٬ ستمكننا من تقوية شتى أوجه التقارب التي تجمع بلدينا وشعبينا وترسيخها.
ومما لا شك فيه٬ أن شراكتنا ستزداد قوة وثراء في كل مجالات الأنشطة الكفيلة بتحقيق الآمال والمزيد من التقارب.
وعلاوة على الآفاق الواعدة بين بلدينا٬ فإن طموحنا لكبير في أن يسهم كل من المغرب وفرنسا حول المتوسط٬ في بلورة حلول مجددة وخلاقة من أجل إرساء أخلاقيات جديدة في العلاقات بين إفريقيا والعالم العربي-الإسلامي وأوروبا٬ أخلاقيات تعطي الأولوية لقيم التآزر والتضامن وتدفع بالتنمية البشرية المستدامة قدما إلى الأمام٬ وتحول الفوارق الاجتماعية والاقتصادية إلى عناصر إيجابية لخلق الثروات المشتركة.
حضرات السيدات والسادة٬
أرجوكم أن تقفوا معي تكريما للسيد فرنسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية٬ وتقديرا للصداقة بين الشعبين المغربي والفرنسي٬ وللثقة والمودة المتبادلين اللذين يجمعان بلدينا على الدوام. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
نص خطاب الرئيس الفرنسي خلال مأدبة العشاء التي أقامها جلالة الملك على شرفه
الدارالبيضاء (و م ع) ـ في ما يلي نص خطاب فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند خلال مأدبة العشاء، التي أقامها صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ على شرف فخامته أمس الأربعاء بالقصر الملكي بالدارالبيضاء :
"صاحب الجلالة٬
إنه لشرف عظيم أن أستقبل اليوم هنا من طرف جلالتكم وأسرتكم٬ كيف لا والأمر يتعلق بالمغرب وبجلالتكم.
إن العلاقة التي تربط بين بلدينا علاقة فريدة٬ وهي تتجاوز التناوب والتغيرات السياسية٬ بل تتجاوز حتى الأشخاص.
إن المغرب تربطه علاقة وثيقة بفرنسا وبسكانها وبتاريخها وبلغتها٬ كما أن فرنسا تربطها بالمغرب علاقات متعددة إنسانية وثقافية واقتصادية. ويتقاسم بلدانا ثروة لا تقدر بثمن ألا وهي التطلع إلى مستقبلهما بنفس الثقة دون حاجة إلى العودة إلى الماضي والحكم عليه. وإذا كان علينا أن نعود إلى التاريخ٬ فلكي لا ننسى أبدا أن جنودا مغاربة كانوا قد جاؤوا للكفاح بشجاعة نادرة من أجل تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين٬ ولكي لا ننسى أن الجنرال ديغول كان قد اعتبر محمد الخامس رفيق تحرير. وبذلك كان قائد الدولة الوحيد الذي حظي بهذا الشرف.
سنخلد٬ خلال السنة المقبلة بفرنسا٬ الذكرى المائوية لانطلاق حرب 14 ثم الذكرى السبعين لتحرير فرنسا. وسيكون المغرب ضيفا متميزا في هذه الاحتفالات.
صاحب الجلالة٬
إن ما يقربنا اليوم هو مواطنونا٬ مغاربة فرنسا وهم عديدون٬ مغاربة وفرنسيون. فرنسيون من أبناء المهاجرين. إنهم مغاربة ظلوا كذلك لكنهم مرتبطون بفرنسا. كما أن ما يقرب بيننا أفراد الجالية الفرنسية المقيمة بالمغرب، سواء المقيمين به منذ أمد أو حديثي الإقامة به والذين التقيت بهم قبل ساعات بثانوية ليوطي.
فبضل هؤلاء المواطنين الذين يتواصلون ويتعارفون تجمعنا اليوم وشائج الإخاء والصداقة التي يمكننا اليوم أن نضعها في خدمة اقتصاد بلدينا، وكذا في خدمة الثقافة والسياحة.
لقد أتيت لأقول كلمة بسيطة ألا وهي أن لفرنسا الثقة التامة في المغرب.
فبلدكم يتوفر على مؤهلات هامة٬ وعلى ساكنة متنوعة وفتية٬ واستقرار لم يسقط أبدا في الجمود واحترام للتقاليد لا يقف البتة أمام التوجه نحو الحداثة. إن بلدكم٬ يا صاحب الجلالة٬ يشكل صلة وصل بين البحر الأبيض المتوسط والعالم العربي وإفريقيا. وهو موقع فريد .
وقليلة هي الأمم التي عرفت كيف تبني٬ كما فعل المغرب٬ نموذجا يستوعب بشكل تام كل مكون من مكونات هويتها٬ سواء كان عربيا- إسلاميا أو أمازيغيا أو صحراويا- حسانيا أو أيضا٬ كما يؤكد ذلك دستوركم٬ مكونا إفريقيا وأندلسيا وعبريا ومتوسطيا.
وقليلة، أيضا، هي دول المعمور التي قامت على الانفتاح والتسامح والحوار على غرار المغرب. وقليلة هي بلدان العالم التي تزخر بهذه الثروات الكبرى٬ ألا وهي الثروة الجغرافية المتمثلة في الفضاءات الكبرى الممتدة من جبال الأطلس إلى رمال الصحراء٬ والثروة التاريخية المتمثلة في تراث فريد من المدن العريقة٬ إضافة إلى الهندسة المعمارية المتمثلة في جرأة المدن الحديثة مثل المدن الجديدة التي اطلعتموني عليها من خلال مجسم والتي ستكون جاهزة بعد عقدين حيث ستتاح لنا فرصة زيارتها.
صاحب الجلالة٬
لقد قمتم منذ أزيد من عشر سنوات باختيار جريء بإطلاق حركة واسعة من الإصلاحات٬ حيث عرفتم كيف تستجيبون لتطلعات شعبكم٬ الذي يطمح٬ على غرار كافة شعوب العالم٬ إلى الحرية والتقدم والديمقراطية٬ وذلك قبل بداية الربيع العربي. لقد أدركتم إذن هذا التحول. فقد قرر المغرب التغيير في إطار الهدوء والطمأنينة. وتوفق في ذلك بالفعل.
إنني سعيد لكون المغرب وفرنسا تمكنا٬ منذ عقود٬ من نسج شراكة فريدة كما قلتم.
وأنا عازم على السير على هذا النهج٬ وهناك بالفعل إشارات تدل على هذه الثقة.
لقد كنتم أول رئيس دولة يتم استقباله بشكل رسمي بالإليزيه غداة انتخابي، كما لا أنسى أن أول زيارة لكم إلى الخارج٬ بعد اعتلائكم عرش المغرب٬ كانت إلى فرنسا.
وقد مكن "الاجتماع من مستوى عال" الذي تم بين رئيسي حكومتينا وأعضاء من الحكومتين بالرباط في دجنبر الماضي٬ من تحديد أولويات جديدة٬ كما ذكرتم٬ تهم ميادين التربية والتكوين لأننا٬ جلالتكم وأنا٬ واعون بضرورة العمل من أجل الشباب. وقد تمنيتم٬ كما هو الشأن بالنسبة لنا٬ الاشتراك في الإنتاج بشكل يمكن معه للاستثمارات الفرنسية بالمغرب أن تكون مفيدة للمغرب وفرنسا، باعتبارها تؤدي إلى خلق مناصب شغل بالبلدين٬ وهو ما نسميه "التمركز المشترك".
كما أنكم اخترتم التنمية المستدامة٬ وهو نفس خيارنا. أي حماية كوكبنا٬ إنها تلك الإرادة في جعل الاقتصاد والبيئة أمرين منسجمين. ولهذا الغرض بالضبط نلتقي اليوم ونحن نتوفر على مشاريع يتعين تثمينها.
إن فرنسا والمغرب يتقاسمان، أيضا، طموح المساهمة في قيام عالم أكثر عدلا وسلما وأمنا بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وأيضا بمنطقة الساحل وبالشرق الأوسط أيضا كما تفضلتم.
ولا يسعني إلا أن أعبر لكم٬ يا صاحب الجلالة٬ عن امتناني على الدعم الذي قدمتموه٬ منذ اليوم الأول٬ للتدخل الفرنسي في مالي باسم المجتمع الدولي من أجل مكافحة الإرهاب. ولا يفوتني هنا٬ يا صاحب الجلالة٬ أن أعرب لكم عن أحر تشكراتي على ما ورد في الكلمة، التي وجهتموها إلى القمة الإسلامية بجدة٬ لاسيما أن المعركة من أجل الحرية معركة عالمية. فالقيم التي ندافع عنها ليست لها حدود. فكل الدول تطالب بأن تكون محررة ومحمية ولا أحد يرغب في أن يكون خاضعا٬ وخاصة لخطر الإرهاب.
إن هذه القيم بالذات هي التي تجمعنا٬ ولذلك فإننا نقود في الأمم المتحدة مساعي مشتركة حول العديد من القضايا.
ولقد كنتم على صواب وأنتم تتحدثون عن الوضع المأساوي في سوريا٬ وسبق لكم أن عقدتم بمراكش مؤتمر أصدقاء الشعب السوري والذي أعقب المؤتمر الذي نظمناه بباريس لدعم المعارضة السورية.
كما أن بلدينا يتحملان مسؤولية وضع تصور "لمشاريع البحر الأبيض المتوسط" لأن البحر الأبيض المتوسط يوحدنا ولا يفرقنا. ويتعين علينا إذا أن نتعبأ من أجل هذه الفكرة الجميلة، التي تفترض قيام المغرب العربي نفسه بتحقيق وحدته. وأنا أدرك ما يفرق٬ وعلينا بذل كل الجهود حتى نتمكن عن طريق التفاوض من إيجاد حل لنزاعات طال أمدها.
وأود هنا أن أحيي٬ باسم فرنسا٬ كل أولئك الذين يساهمون في حيوية العلاقة الفرنسية - المغربية.
صاحب الجلالة٬
لقد أبنتم٬ منذ بداية عهدكم٬ عن تعلق دائم بتطوير العلاقات بين بلدينا. وأقولها الآن أمامكم وأمام جميع الحضور: إن فرنسا محظوظة لكونها تعول على صديق مثلكم.
ومن أجل استمرار هذا الحظ والاحتفاء بهذه الصداقة٬ أدعوكم إلى رفع نخبكم على شرف جلالة الملك والأسرة الملكية٬ وعلى شرف المغرب والصداقة المتينة التي تجمع بلدينا".
منقول