أهلا وسهلا بكم في اجتماع آخر لنا
على ضوء شموع التراث المغربي
الأصيل
ادا كانت بلادنا تعد مغربا أقصى بالنسبة للبناني أو المزداد بالرياض,فانه يعتبر بمثابة بوابة الشرق بالنسبة للندني بل وحتى من طرف أقرب جيراننا على الضفة المتوسطية الاسبانية
فهل هدا مجرد لبس ضمن قاموس الجغرافيين بسبب انكسار تضاريسي,أم هي مفارقة تلجأ إليها اللغة العامة لإبراز هدا الانكسار ذاته؟؟؟
فكيفما كان الحال فبالنسبة لنا نحن المغاربة, فان هده التسمية المزدوجة تنم عما حبت به الطبيعة بلدنا العزيز من امتياز,يتحدد أساسا في الموقع الذي يحتله كحلقة وصل بين عالمين,وكخط رابط بين حضارتين,اد يبدو المغرب الذي يغطي مساحة شاسعة في أقصى شمال غرب قارة مترامية الأطراف,وكأنه ينحو للقاء أوروبا التي تتجه بدورها صوبه,وكأنهما قطبان خاضعان لجاذبية جارفة متبادلة,بينهما يمتد بحر الأبيض المتوسط الذي يلحمهما أكثر مما يفصل بينهما.
فيشكل المغرب بدلك بوابة القارة الإفريقية ,اد يعد بمثابة مزلاج عندما تغلق الأبواب بين القارتين و رأس جسر عندما تشرع,علاوة على كونه حارسها المتيقظ.
هده هي الأسامي التي أطلقت بالتتالي على المغرب بفضل موقعه الجغرافي الاستثنائي والمتميز الذي حرك ولازال يحرك أطماع الكثيرين,فان كانت هده الأخيرة ردة فعل الكثيرين أمام الموقع الجغرافي مادا ستكون ردة فعل من دخل المغرب واكتشف نواته؟؟؟؟
صحيح جدا أن لكل بلد تقاليده التي تميزه عن بلد آخر في شتى المجالات
والمغرب والحمد لله وبفضل اختلاف اللهجات فيه يخضع لعدة تقاليد مختلفة في مجال واحد
اد نجد على سبيل المثال
aicha mogadore
العرس المغربي التقليدي فهو يشهد اختلافا كبيرا من منطقة الى أخرى بضواحي بلدنا العزيز.
يقول المثل: " لأجل ليلة زفاف تنتهي مع انبلاج الصباح, كان ينبغي القيام طوال السنة باكرا كل صباح"
تستغرق الترتيبات سنة كاملة بل تتعداها أحيانا,استعدادا العمر كله الذي يعد من أبرز اهتمامات الأسرة بأسرها
فالزواج رباط بين أسرتين وهو أيضا اقتران مدى الحياة مع الزوجة التي ستنجب الخلف مستقبلا,لدا فان اختيار العروس يكتسي أهمية قصوى بالنسبة للجميع,فيتجنب الزواج الغير المتكافئ ويتفادى ما أمكن اختيار الخطيبة خارج أقرب الأقرباء , وهو ما يفسر لنا قطع الوعد بتزويج الفتاة مند الولادة لأحد أبناء عمها.
وبمجرد ما يتم انتقاء العروس والحصول على موافقة أهلها,تغدو العلاقات الخاصة بين عائلتي الخطيبين خاضعة لطقوس حقيقية,تبدأ بتبادل الهدايا في مناسبات مختلفة, ويأتي بعدها حفل الخطوبة الذي يبدأ أساسا بتلاوة الفاتحة في المسجد وبعدها تقام احتفالات عقد القران, ويختم كل دلك بمراسم ليلة الزفاف التي تعقبها أيام سبعة كلها أفراح ومرح, وتجري كل هاته الأحداث طبقا لقواعد ما فتئت تضبطها على مر الأجيال.
ومن ثم تضحى العروس مطالبة بانتهاج نمط معين من السلوك يميله دورها كخطيبة ثم كزوجة ودلك لأبسط تصرفاتها إلى ينتهي مسلسل المراسيم التي يلزمها الانصياع لها طيعة وديعة: مراسيم الحمام,الحناء,تصفيف الشعر,التجميل,وطقوس تقديمها إلى أفراد العائلة جالسة فوق الفراش المركزي بقاعة الاستقبال أو محمولة على المائدة,ثم بالحماة للمرة الأولى أما العريس فإلى ليلة الدخلة اد يعد انتهاك أي من هده الطقوس شؤما على مستقبل العروسين.
ولسرد وقائع الأعراس لم يكن المغاربة يلجئون في الماضي إلى صفائح الصحف أو المجلات,فوصف آخر طراز للقفاطين أو آخر صيحات الحلي كانت تتكفل به أولائك النساء الحاضرات من مدعوات ومتفرجات اد ينتقلن عبر كل جنبات المدينة وقائع حفل الزفاف ويحكين عن ابسط تفاصيلها بطريقة شفوية مباشرة و تستحضرني هنا ذكريات حفل الزفاف في منطقتنا اد تتكلف أكبر امرأة في المنطقة بتجهيز العروس ولازلت أتذكر صرامتها وشدة نظراتها. وبعد انتهاء تزيين العروس تقوم بتوجيهها بالنصائح الخاصة لتلك الليلة.
فتقاليد هدا الحفل تختلف كما ترون من منطقة الى أخرى وأنا اليوم اخترت لكم
العرس المغربي بمنطقة أيت حديدو من بطون الأطلس
أدعوكم لحضور هدا الزفاف الرائع
في اليوم المحدد عند هبوط الليل يأتي والد العريس بالخروف على نغمات الدف,ثم يلحق به الرجال وفي المساء النساء وعندما يكتمل الجمع تقدم" تزكويت" بالحناء والثمر تتوسطها قطع فضية تمثل مهرا رمزيا فيعاد طلب يد العروس وفق تعاليم السنة,فيجيب أب أو أخ أو عم الفتاة بالايجاب ويحدد شروط عقد القران:
) ينبغي ألا تتحمل ابنتنا عبء جمع الحطب أو جلب الماء كما يجب منحها بغلة مسرجة لتستعملها في تنقلاتها ...(
و يدلي الطرف الثاني بالموافقة وفق طقوس متعارف عليها,فتنطلق الزغاريد الرفيعة معلنة انتهاء مراسيم هدا الاتفاق المبدئي,حينئذ يذبح الخروف الذي مكث أثناء دلك مقيدا عند مدخل الخيمة بعد أن تتخطاه العروس.
عقب العشاء يفترق الرجال عبر الطرق المؤدية إلى خيامهم ليعودوا إلى هتماماتهمم اليومية ,أما النساء فيمكثن هناك ليحطن لدى طلوع النهار بالعروس التي تغدو طيعة بين يديهن وهي مخضبة بالحناء ومزينة بأبهى حليها "تيموشيت"
وهذه اشكال من النقش المغربي
فيمضي اليوم بهيجا تنشد فيه الأغاني المرحة تتخللها لازمات قديمة قدم الزمن تصور الحياة في أبهى صورها.
وفي نفس اليوم تقام حفلات" تاغموت" ) عظم كتف الخروف ( أما شرف الأكل يستحق....فتنظم المنازلات....والملاحقات بل وقد تذرف الدموع أيضا.
وبعدها تحل ساعة الفراق فتوقف العروس فتعانق عمامة خيمة أهلها " تارسيلت" ثم تنطلق أغنية الوداع
قيم على خير أترسيلت
بابا نو ديخ
مقار ديخ أبابانو
انتهلا خ كومو انو
أي
وداعا دعامة خيام أبي
اني راحلة
وان غبت أبي لا تنسى .. احفظ نصيبي ...
فتعد فرس مسرجة وتمتطيها العروس سيدة اليوم وقد التفت في لحاف ووضعت الخمار على محياها وحملت في يدها قصبة طويلة ,تستهدفها طلقات البنادق .ثم تقاد الفرس بواسطة اللجام وقد أمسك رجل من كل جانب بسير الركاب .فينشد النساء و الشباب من حولها وخلفها أغان شعائرية خاصة:
نيوياست ايماس
هاندجاس .... أماري
يعني
أخدناها من أمها
وتركن لها...الأشواق
وأمام إقامتها الجديدة يتوقف الجمع فيتعالى الغناء ويتواتر الرقص فتنزل العروس خاضعة مرة أخرى للتقاليد اد تحملها السواعد لتطلي بالزبدة وسط العارضة الحمار طلبا للرخاء ثم ترافق إلى زوايا الخيمة الأربعة في عملية استلام للملكية وتردد:
تكورت تينم...........تاتنم
أي
هده الزاوية لك........وهده لك أيضا
وتبقى القصبة التي أثبت على طرفها قماش أبيض منتصبة فوق الخيمة التي تقيم بها العروس معززة مدللة طيلة أسبوع.
على هدا النحو تتم مراسيم الزفاف التقليدية عادة الا أنه يمكن ألا تؤخد العروس غداة" العقدة" فيؤجل الدخول الى أن يقام حفل" لمشيخت" اد بإمكان والد العروس فرض إقامة هده الاحتفالات التي عادة ما تكون أضخم وأهم من العقدة فتمتد مراسيمها طيلة يومين أو ثلاثة فتكون العروس وحدها محورا لها,بينما يستجيب العريس لمقتضيات تقاليد ألفية تصون وتحفظ شرف وكرامة العروس .
ويوم يتم الدخول يقدم" أحرير" وهو حساء يهيأ من السميد الغليظ .... ويمثل مناسبة أخرى للمبارزات الهزلية بين الشباب والشابات.لكن قبل أحرير ينظم " تيغمي" .
تتمة في الجزء الرابع
انشاء الله
مقتبس من المجلد الثامن مدكراث من التراث المغربي
انتم في الجزء الثالث من مدكرات من التراث المغربي الأصيل
باقي الاجزاء
مدكرات من التراث المغربي الأصيل "الجزء الاول"
قريبا ترقبوا باقي الاجزاء