نقض نظريةالتطور -5- كون اللبنات، باجتماعها بناءاً لا يهتز يميناً ولا يساراً مصادفة؟ وهل يمكن أن يقف جسر ما قائماً إذا أسس دون حساب لمركز الاتزان ؟ فبالطبع، وكما هو واضح في هذين المثالين وفي آلاف الأمثلة المشابهة لهما ليس بوسع أي مادة تكوين نظام متوازن من خلال تجمعها على سبيل المصادفة· إنّ الله تعالى هو الذي خلق جميع الموجودات الحية منها وغير الحية بنظام غاية في الدقة· فالله تعالى بقدرته العظيمة خلق الورقة على صغرها والأرض على كبرها على درجة كبيرة من التصميم والدقة، فالأرض تمكن المليارات من البشر من العيش على ظهرها في ظروف جيدة· وسواء تعلق الأمر بصغير الأشياء أو بكبيرها فلا قصور فيها ولا نقص في تكوينها·وتذكر آيات القرآن الكريم أن الله تعالى خلق كل شيء في أكمل صورة، فلا يوجد في خلق الله أي خلل أو نقص كما في قوله تعالى : الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ اِرْجِع الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ. سورة الملك 3 ، 4 وإضافة إلى كل ذلك هناك معجزات عملية عديدة في تصميم الالية التكوينية للورقة· ويقول توم جفينيش من جامعة ويسكونسن الذي بحث في الآليات التكوينية للأوراق: ''لو كانت الإنتاجية والصلاحية الميكانيكية هي المأخوذة فقط بنظر الاعتبار لكان من المفروض أن تكون جميع الأوراق مثلثة الشكل'' ( 4 )· وبالطبع هناك تركيبات وبنى أخرى معقدة وكثيرة تلعب دوراً مهما في تصميم الأوراق، وليس البناء الميكانيكي فحسب· ونتيجة لذلك فالأوراق ليست كلها في شكل مثلث، بل تمتلك خصائص أخرى أيضا· وعلى سبيل المثال فالحسابات الرياضية التي تظهر في ترتيب الأوراق هي إحدى هذه الخصائص· والأوراق تصطف على هيئة معينة لكي لا يلقى بعضها ظلها على البعض الآخر ويقول جفينيش في هذا الموضوع: ''الأوراق المثلثة لا تستطيع الاصطفاف في شكل يمكن معه تجميع ضوء الشمس بشكل كفء على امتداد الأغصان الدقيقة لأن المثلثات لا تستطيع التزاحم أثناء التجمع· والأوراق لا يغطي بعضها البعض عندما يكون أساسها رقيقاً للغاية على شكل الطيارة الورقية أو في حالة اصطفافها على شكل لولبى فقط'' (5.(وتصميم الأوراق يختلف حسب ظروف الطقس الذي توجد فيه ومدة حياتها واحتمالات تعرضها للهجمات أيضا· وعلى سبيل المثال لننظر إلى نبات شرشوب الراعي فهذا النبات يمتلك أشواكاً حادة، ولكن هذه الأشواك توجد عادة في الأوراق التي تكون في الجزء السفلي· ولهذا التصميم حكمة مهمة، فالأشواك الموجودة في الناحية السفلية تحمي الأوراق من الحيوانات التي يمكن أن تأكلها· وليس هناك ضرورة لمثل هذا الاحتياط للأوراق التي في الناحية العلوية لأن الحيوانات لا تستطيع الوصول إليها (6.(كثير من النباتات لها مثل هذه الأشواك الحادة التى تستخدمها في التصدى لأي هجوم · إنّ الأوراق ذوات الأشواك كثيراً ما توجد في الأشجار التي تبقى خضراء طول العام، وهذه الأوراق لها تصميم خاص للغاية، وهي تقي نفسها ضد آثار الجليد بتكويناتها البرّية· وإضافة إلى ذلك فقد خلقت بطبقة شمعية سميكة لكي لا تفقد السائل الداخلي عندما يتجمد الماء الذي يكون في التربة·ومن جانب آخر فمعظم النباتات المتسلقة مثل الكروم مغطاة بأوراق يتشكل أساسها على صورة القلب· وهذه النباتات لا تستخدم أجسامها كدعامة بل أجسام نباتات أخرى· والنباتات المتسلقة يجب أن توجه أوراقها نحو الشمس بصفة مستمرة· ولكن الورقة بدلاً من أن تبقى على المستوى نفسه تغير مكانها نحو أنسب زاوية لساق النبات لأن النبات الذي تلتف الورقة حوله يمكن أن يمنع الضوء القادم من أعلى· وفي مثل هذه الحالة توجه الأوراق وجوهها نحو جهة يأتي منها ضوء الشمس· ومعجزة أخرى للتصميم في الأوراق تلاحظ أثناء هبوب الرياح· وكما هو معروف فإن سطح أوراق النباتات يكون واسعاً في العادة، وذلك لكي تستطيع الحصول على مزيد من الطاقة الشمسية· ولكن الريح الشديدة أو العاصفة يمكن أن تذروها أو تفتتها كما تفعل مع شراع المركب، بيد أنه لا يحدث أي من هذه الأشياء لأن خصائص الورقة التكوينية خلقت بشكل يمكن معه أن تخفف تأثير الريح لأن السليلوز يقوم بوظيفة الهيكل الساند في النبات، كما أن الأنسجة الليفية في النبات ذات مرونة كبيرة·وفضلاً عن ذلك فإن الأوراق تنمو في اتجاه طول النبات، وهذه الخصائص تساعد على حماية النبات من تأثير الريح الهدام لأن الورقة بهذا الشكل تستطيع أن تميل مع اتجاه الريح (7)· وأما الخاصية الثانية التي تحمي الأوراق من الريح فهي أن الأوراق يمكنها الانثناء إلى الداخل كلما ازدادت شدة الريح·وبهذا تكون الورقة بناءً ديناميكياً مضاداً للرياح على صورة المخروط الذي يجري من داخله الريح· والأكثر من ذلك يمكن للأوراق أن يتداخل بعضها مع البعض الآخر لتزيد قوة هذا البناء ضد تأثيرات الريح· أي أن الأوراق التي خرجت على امتداد غصن عندما تنحني إلى جهة الريح تنغلق في صورة يمكن معها أن تغطي ورقة ملحقة (8)· فمعجزة التصميم الموجود في النباتات لا تقتصر على النباتات البرية بل النباتات المائية أيضا التي صممت على شكل يمكن معه تخفيف تأثير التيارات المائية إلى أدنى حد· وتوجد في الماء تيارات يشبه تأثيرها تأثير الريح، ولكن نباتات البحر مثل الطحلب لا تصعب عليها مقاومة الأمواج والتيارات البحرية وذلك بفضل التصميم الخارق الذي تتميز به· وهذه النباتات ليست لها أجسام خشبية سميكة مثل ما للنباتات الموجودة في البر، ولكن جذور هذه النباتات التي تلتصق بالصخور قوية جداً وتستطيع ضبط توازنها حسب شدة التيارات البحرية بأجسامها المرنة وأوراقها الطيّعة· وإذا وصل التأثير الخارجي إلى حد لا يطاق تتساقط عن النبات أولاً أوراقه الهرمة، وعندما تزول هذه الأوراق المسنة تقل المقاومة للريح أو للتيارات البحرية وهذا يتيح للنبات فرصة تحمل أطول (9.( والنتيجة، أن الخصائص التكوينية لكل نبات تختلف من نوع إلى آخر، وتقوم النباتات بإنتاج الأوكسجين والغذاء بالتمثيل الضوئي من جانب، ومن جانب آخر تقوم بوظائف أخرى بفضل خصائصها المختلفة التي تمتلكها· فبعض أوراق النبات تخزن الماء والغذاء بهذا التصميم الخاص لها، والبعض الآخر يمكنه الدفاع من خلال الطبيعة الشوكية، وتستطيع النبتة الالتفاف حول مواد أخرى والتمسك بها والتكاثر أو التغذي باصطياد الحيوانات الصغيرة