نقض نظريةالتطور -3- الأحيان الأسماء الأجنبية والتفاصيل الفنية· وفي أول وهلة يمكنكم أن تظنوا أن هذه الأسماء والتفاصيل صعبة وغير مفهومة، ولكن كل هذه الأشياء قد تم شرحها بشكل يمكن معه أن يفهمها أي إنسان بسهولة حتى أولئك الذين ليس لديهم أدنى علم في هذا الموضوع· فالنقطة المهمة هنا هي الانتباه إلى أن الله قد خلق الكون بكل ما فيه من التفاصيل الرائعة بعلم عظيم وبميزان دقيق، وبذلك تتيسر لنا مشاهدة النماذج الحية لآيات القرآن الكريم التالية:الله الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَن الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً . الطلاق: 12 الذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْك وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًاً . الفرقان 2 المصنع الأخضر الذي يعمل من أجلنا المصنع الذي ينتج طاقة الحياةيبلغ مقدار الطاقة التي ترسلها الشمس إلى الدنيا في اليوم الواحد عشرة آلاف ضعف من حاجة البشرية كلها تقريباً، والدول المتقدمة تصرف مبالغ طائلة على الأبحاث التي تجري لتخزين هذه الطاقة التي تأتي من الشمس مجاناً· وفي هذه الأبحاث ظهرت حقيقة مذهلة واتضح أن النباتات تمتلك نظاماً هائلاً لتخزين الطاقة التي تأتي من الشمس· ويطلق على هذا النظام ''التمثيل الضوئي''· والنباتات تعمل لتحقيق هذا النظام بالخلايا الشمسية التي توجد في تكوينها· وهذه الخلايا تنتج الكربوهيدرات التي هي غذاء الأحياء الأساسي، بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيمائية· والكربوهيدرات تعتبر من مصادر الغذاء الأساسي التي تلبي الحاجة الغذائية لكل الأحياء سواء مباشرة أو غير مباشرة· وينبغي عدم الاكتفاء بالتغذي على النباتات فقط للحصول على هذه الطاقة، فهذه الطاقة يمكن توصيلها إلى الإنسان عن طريق الأغذية الحيوانية، لأن الحيوانات أيضا تتغذى على هذه النباتات· وعلى سبيل المثال فالأغنام تتغذى على النباتات· والأعشاب الخضراء تكون جزيئات كربوهيدراتية باستخدام الطاقة الشمسية عن طريق التمثيل الضوئي، وهكذا يتم تخزين الطاقة الشمسية داخل الجزيئات الكربوهيدراتية الموجودة في النبات· ولذلك فالأغنام التي تأكل الأعشاب تأخذ إلى أجسامها الجزيئات المزودة بالطاقة الموجودة في داخل هذه الأعشاب، وفيما بعد تتحول الجزيئات الكربوهيدراتية إلى شحوم في جسم الحيوان· وبذلك يتم نقل الطاقة التي تحتوي على هذه الجزيئات إلى أنسجة الحيوان وبالتالي إلى الإنسان الذي يتغذى على هذا الحيوان فيأخذ هذه الطاقة التي وصلت من الشمس إلى النباتات ومنها إلى الحيوان، ومن ثم إلى جسم الإنسان· وكما نرى فإن جميع الأحياء تستخدم هذه الطاقة التي تستقى من ضوء الشمس عن طريق التمثيل الضوئي بغض النظر عن الطريقة التي وصلت بها· وليست الأغدية فقط بل معظم المواد التي نستخدمها في حياتنا اليومية أيضا، تنقل لنا هذه الطاقة التي تستقى عن طريق التمثيل الضوئي· وعلى سبيل المثال فالوقود والبترول والفحم والغاز الطبيعي هي مصادر للطاقة سبق وأن تم تخزين الطاقة الشمسية فيها عن طريق التمثيل الضوئي، والشيء نفسه ينطبق أيضا على الخشب الذي نستخدمه كوقود· وحتى إذا نظرنا إلى هذه المواد فقط نفهم مدى أهمية التمثيل الضوئي في حياتنا· فكشف أسرار التمثيل الضوئي وإظهار الآليات الكامنة في هذه العملية مهم جداً بالنسبة إلى العلماء· وإذا فهم هذا المسار فسيكون ممكناً زيادة إنتاج الغذاء واستغلال موارد الطبيعة على أحسن الصور والاستفادة من الطاقة الشمسية في أعلى مستوياتها وتطوير الأدوية الجديدة وتصميم الآلات الصغيرة جداً التي تعمل بالطاقة الشمسية بسرعة فائقة· ولكن تجدر الإشارة إلى أن ما تحت أيدينا من معلومات عن التمثيل الضوئي ليست كافية بعد لإنتاج النظم التي تخزن الطاقة الشمسية تقليداً للتمثيل الضوئي واسترشاداً به· ورغم ذلك فإن التمثيل الضوئي عملية سهلة للغاية بالنسبة إلى الورقة التي لا عقل لها ولا وعي· وإن قيام التريليونات من الأوراق بتحقيق عملية التمثيل الضوئي منذ ملايين السنين شيء لهو أمر يثير الإعجاب، في حين لا يستطيع الإنسان الذي لديه العقل والعلم والتكنولوجيا المتطورة حتى الآن القيام بتقليد هذا النظام· وهذه العملية الكيماوية تتم من جانب النباتات بلا أدنى تقصير منذ أول يوم خلقت فيه إلى الآن· وكأن مصنعاً يكوّن السكر من ثاني أكسيد الكربون والماء باستخدام الطاقة الشمسية في كل مكان توجد فيه الخضرة· فالسبانخ الذي تأكلونه والمقدونس الذي يوضع في الصلصة واللبلاب الذي في البالكونة ينتج باستمرار من أجلكم من غير أن تشعروا بشيء من ذلك· كل ذلك نتيجة لطف الله ذي العلم العظيم بعباده· فالله تعالى خلق النباتات في شكل يمكنها معه إسداء الفائدة للإنسان بل لجميع الكائنات الحية· ومنذ ملايين السنين تقوم الأوراق بتشغيل هذا النظام الكامل الذي لا عيب فيه والذي عجز الإنسان وعجزت التكنولوجيا الحديثة عن الوصول إليه· إنّ الله تعالى يعلن في إحدى آيات القرآن الكريم أن الإنسان يستحيل عليه أن يخلق شجرة واحدة من عدم: أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ. النمل: 60 فقد خلق الله الكون كله بعلم وفن عظيمين· وكل النظم التي تكوّن الحياة في الأرض جاءت نتيجة هذا الخلق الفذ، فهي متلائمة بعضها مع بعض· فجميع النظم وجميع الكائنات، من المجرات في السماء إلى الإلكترونات التي تدور داخل الذرة الواحدة إما مترابطة مع نظام أو كيان آخر أو مكملة لنظام أو كيان آخر· إن التمثيل الضوئي له مكانة هامة في هذا التصميم الفائق· وخلايا النبات تنتج الغذاء للإنسان باستخدام التربة والماء والهواء والشمس وبأخذ المعادن والماء بنسب ومعدلات مقدرة تقديرا دقيقا· وهذه الخلايا تفتت هذه المواد بالطاقة التي تأخذها من ضوء الشمس، وبعد ذلك تجمع هذه المواد المفتتة في صورة تمكنها من تكوين الأغذية· وفي كل مرحلة من هذه المراحل التي اختصرناها هنا يلاحظ أن هناك عقلا ووعيا وتخطيطا فائق الدقة· وهذا النظام المثير للإعجاب الموجود في النباتات بنتائجه المقررة هو مصدر الحياة، وقد صمم خصيصا لفائدة الإنسان·كما رأينا فيما سبق