وصيَّةُ شاعر
أملي أموتُ بقريتي في الكوخِ بيــن أحبَّتي والأهلِ والجيرانِ
وأُودِّعُ الدُّنيا بدمعةِ شاعرٍ ..... سئِمَ الحياةَ وقسوةَ الأحزانِ
وعلى غِناءِ الطَّيرِ أُدفنُ في الثَّرى ..... بين الحصى والزَّهرِ والرَّيحانِ
لا نعشَ يحبسُني ولا ثوبَ الرَّدى ..... مُتعرِّياً حرَّاً من الأكفانِ
ومُشيِّعوني هم سُلافةُ رفقتي ..... ومن الفَراشِ وجُندبِ الوديانِ
من كلِّ مخلوقٍ يدبُّ مسالماً ..... ومن الظِّبا والأيلِ والغزلانِ
لا كاهناً يتلو عليَّ صلاتَهُ ..... حتى ولا شيخاً من الأديانِ
هذي الطُّقوسُ مراسِمٌ عبثيَّةٌ ..... ترمي بسطوتِها على الإنسانِ
فتُحيلُهُ عبداً أسيرَ ضلالةٍ ..... وجهالةٍ في خدمةِ الكهَّانِ
وتُسمِّمُ الإدراكَ منهُ فيغتدي ..... متخدِّرَ الإحساسِ والوجدانِ
فالعقلُ نورٌ من إلهٍ خالدٍ ..... حاشاهُ يُطوى في التُّرابِ الفاني
هو خالدٌ ويُثابُ دون وساطةٍ ..... ويعودُ بعد الموتِ للديَّانِ
والجسمُ يفنى في التُّرابِ وينتهي ..... قوتاً يُقيتُ جحافِلَ الدِّيدانِ
وإذاً فما نفعُ الصَّلاةِ وقد غدتْ ..... أجسادُنا نُتفاً من الإنتانِ ؟
أنعودُ بعد الموتِ في أجسامِنا ..... من بين زَرقِ الدُّودِ والغربانِ ؟
فالمرءُ يَخلصُ بالصَّلاحِ وبالنُّهى ..... يسمو بفعلِ الخيرِ والإحسانِ
لا شيءَ ينفعُهُ سوى أفعالِهِ ..... وسوى بلوغِ العلمِ والعرفانِ
حكمت نايف خولي