قاطِفَةُ الزَّيتون
في مَوسِمِ الزَّيتونِ في عُبِّ الشَّجَرْ... خَلْفَ الغُصونِ وبينَ حَبَّاتِ الثَّمَرْ
شاهَدتُها بيَدٍ تُكافِحُ كَـيْ تـرى .... وأنامِلُ الأُخرى تُفتِّشُ في حذَرْ
وتَروحُ تَقْطُفُ ، في تأنٍّ مُشْفِقٍ ..... تلكَ اللآليءَ دون كَلٍّ أو ضَجَرْ
في حِرْجِها تَضَعُ القِطافَ المُشتَهى ..... وكأنَّها تَجني الجَواهِرَ والدُّرَرْ
وتَفُرُّ من غصنٍ لتَعْـلو غيرَهُ ..... فإلى سِواهُ إلى غُصيناتٍ أُخَرْ
كحَمامَةٍ مسْحورَة ٍبهَديلِهـا ..... تَسْهو وتَشْرُدُ بين أوراقِ الشَّجَرْ
حوريَّةٌ تبدو جدائِلُ شعْرِها ..... بتماوُجِ الأنوارِ تاجاً من زَهَرْ
من ناظِرَيها من شِعابِ رُموشِها ..... تتطايَرُ الومضاتُ تُلْهِبُ كالشَّرَرْ
كالجمْرِ تَحرُقُ لا تُبَقِّي مأْملاً ..... بنجاةِ مُشتَعِلٍ بنيرانِ الفِكَرْ
حُلُمٌ يُؤَمِّلُني بحُبٍ يـائسٍ ..... لا أرتَجي أمَلاً فَيَخنُقُني الكَدَرْ
أهفو إليها للشِّفاهِ يُذيبُني ..... شَوقُ التَّلَظِّي في الرُّضابِ المُعتَصَرْ
شَوقُ التَّمَرُّغِ بينَ سفحَي صدرِها.. بين النُّهودِ أضيعُ أغرَقُ في الصُّوَرْ
تحت النُّهود ِعلى الضِّفافِ وتحتها.... شَلاَّلُ سحرٍ من خمورٍ من عِطَرْ
وشِراعُ أحلامٍ يُسافرُ بالمُنى ..... عبرَ الرُّؤى نحو النَّعيمِ المُنتَظَرْ
بورِكتِ أيَّامَ القِطافِ وبورِكَتْ ..... تلكَ الثِّمارُ تُذَرُّ ما بين الحُفَرْ
فنَدُبُّ نزْحَفُ بانتِشاءٍ هانيءٍ ..... ونَلُمُّها من بين شوكٍ أو حجَرْ
آهٍ أصابِعُنا الجريحةُ كم شكتْ ..... وتَوجَّعتْ وتحمَّلتْ لذْعَ الأُبَرْ
لكِنَّها تَهوى القِطافَ وتشْتهي ..... جمعَ الثِّمار ِولو تَكَوَّتْ بالجَمَرْ
دَعني أُداعِبْ بالخيالِ شَهيَّتي ..... للأرْضِ ألثُمُها ، لزَخَّاتِ المَطَرْ
لتَدَحْرُجي فوقَ التُّرابِ أشُمُّهُ ..... مسْكاً وطيباً سلسَبيلاً من ذِكَرْ
فعليهِ آثارُ الأحِبَّةِ قبلنـا ..... أهلي وأجدادي ومَنْ قبلي عَبَرْ
فَجُذورُ قلبي في التُّرابِ تَشَعَّبتْ ..... منهُ العواطِفُ والمشاعِرُ والفِكَرْ
والرُّوحُ تسمو كي تُواكِبَ رَبعَها ..... فتُوَدِّعُ الأرْضَ الحبيبةَ والبَشَرْ
من قبلي انا حكمت نايف خولي