سناء أرحال - يرى علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع، بخصوص رفع سن التقاعد، أن تمديد سنوات العمل إلى 65 سنة لن تكون له مردودية جيدة في العمل وحياة العامل، اعتبارا إلى أن التقدم في العمر غالبا ما تصاحبه إكراهات نفسية وصحية لا تشجع على العطاء في الواجبات.
وقال الشعباني، في تصريح لـ"المغربية"، إن الفرد حين يكون في بداياته العمرية، وبدايات عمله، يكون أكثر استعدادا للاستثمار في طاقاته الفكرية والبدنية والنفسية لصالح العمل الموكول إليه، ومع توالي السنوات والخوض في ضغوطات العمل لفترات طويلة، يصبح منهك القوى وغير قادر على العطاء بالشكل نفسه عند مرحلة مبكرة من عمره، مستخلصا أن تمديد سن التقاعد إلى سن متقدمة لن يضفي نتائج جيدة على طبيعة العمل ووتيرته.
وأوضح الشعباني في حديثه عن الملابسات التي يمكن أن يسفر عنها تمديد سنوات العمل إلى 65 سنة، أن هناك من الناس من يفضل التقاعد في سن مبكرة، قصد استئناف حياة أخرى، بعيدا عن الواجبات المهنية، والتفرغ لحياته الخاصة بمزاولة أنشطة يتجدد بها الشعور بالارتياح النفسي والجسدي، أو بمزاولة أعمال أخرى، تدر عليه مدخولا ماديا جديدا، في حين، هناك من الناس من يتطلع إلى الاستمرار في العمل، من باب التشبث بالمنصب والاستفادة منه ماديا ومعنويا، ومن النفوذ والسلطة، خاصة عندما يتمتعون بامتيازات مختلفة.
ولأن بعض الوظائف لا تساعد على مزاولتها في سن متقدمة، مثل العمل في المؤسسات الصناعية التي تحتاج مجهودا بدنيا أكثر من المجهود الفكري، فإن الكثيرين ممن يشتغلون في هذه الوظائف يفضلون التقاعد في سن مبكرة، ما يعني أن تمديد السنوات في العمل لن يكون مجديا لهم في سياق تراجعهم الصحي، وإصابتهم بأمراض تضعف قدرتهم على مزاولة الأنشطة.
ولا يجد الشعباني في تمديد سنوات العمل بالمغرب امتيازا سيحسن المردودية والنتائج المتوخاة، بقدر ما سيكرس مشاكل، من المفترض إعادة النظر فيها وفق رؤية متفحصة لسوق الشغل واحتياجاته، حتى يكون حقلا ناجعا في تحسين طبيعة الحياة بالمغرب.
واعتبر الشعباني أن مشكل البطالة المتفاقم في المغرب، ليس مقرونا بخفض أو تمديد سنوات العمل، وأن هذا الأمر يستدعي معالجة من زوايا مختلفة، في إشارة إلى أن خفض سنوات العمل سيتيح، على الأقل، هامشا لأفراد آخرين بالاستثمار في مؤهلات فكرية وبدنية جديدة، قادرة على مواكبة مستجدات وتطورات العمل في مختلف المؤسسات.
وأوضح الباحث أن علماء الاجتماع يعتبرون سن التقاعد بمثابة "سن الترفيه بالوقت الكامل" وسيكون من المفيد لو يتقاعد الفرد عن العمل في مرحلة مبكرة، تخول له الاستراحة من سنوات مضنية من العمل والالتزامات، وحتى تتاح مجالات لشباب قادر على الإبداع وتطوير أساليب العمل.
وخلص الشعباني إلى أن التقاعد مكافأة للموظفين والعاملين عن سنوات طويلة من العمل، تحملوا خلالها الأعباء والواجبات، وصرفوا فيها إمكاناتهم النفسية والذهنية والجسدية، معتبرا أن تمديد سن التقاعد لن يتيح لهم فرص الاستراحة واستئناف حياة بعيدة عن الضغوطات، هذا إن استطاع الكثيرون بلوغ هذه المرحلة، في ظل المشاكل الصحية التي تواجههم وهم في خضم مزاولتهم أنشطتهم العملية.