واصل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، سعيه الدؤوب، كأمير للمؤمنين وحام لحمى الملة والدين، لتوفير الظروف الملائمة لإقامة شعائر الدين الحنيف، من خلال المبادرات التي ما فتئ جلالته يقوم بها للنهوض ببيوت الله، موقعا ووظيفة، وتكريس دورها الأصيل في تكوين الشخصية المغربية المسلمة.
ويشكل تدشين أمير المؤمنين، أمس الجمعة، بمراكش، لـ"مسجد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن"، تجليا جديدا للحرص الملكي السامي على العناية بالمساجد، باعتبار ذلك حلقة تنتظم في عقد سياسة تجديد الحقل الديني القائمة، بالخصوص، على تأهيل المؤسسات الدينية والنهوض بأوضاع العلماء والأئمة والقيمين على بيوت الله، في احترام تام للثوابت الدينية للمملكة.
كما يشكل تدشين أمير المؤمنين لهذا المسجد تكريسا لمضامين الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك بشأن تنظيم المجلس العلمي الأعلى في أبريل 2004، والذي قال فيه جلالته "لقد دأبنا، منذ تقلدنا إمارة المؤمنين ملتزمين بالبيعة المقدسة وما تقتضيه من حماية الملة والدين، على إيلاء الشأن الديني الأهمية الفائقة، والحرص على قيام مؤسساته بوظائفها على أكمل وجه، والعناية بأحوال الساهرين عليها، والسير على النهج القويم لأسلافنا المنعمين في الحفاظ على الأمن الروحي للمغرب ووحدة المذهب المالكي".
وفي إطار هذه العناية المولوية السامية بمراكز إشعاع الدين، تعمل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تفعيل عدد من البرامج المخصصة للنهوض بواقع بيوت الله في مختلف جهات المملكة، المتمثلة على الخصوص في البرنامج الوطني لتأهيل المساجد المتضررة، والبرنامج الاستعجالي لبناء المساجد بالأحياء الهامشية، الذي يهدف إلى بناء عشرين مسجدا كل سنة بالأحياء الهامشية للقضاء نهائيا وبشكل تدريجي على الأماكن غير اللائقة للعبادة، وبرنامجي بناء المساجد بالأحياء الحضرية والعالم القروي، وكذا برنامج المحافظة على المساجد الأثرية الذي تروم الوزارة من خلاله العناية بترميم المساجد التاريخية وفق المعايير والتقنيات المتعارف عليها.
وبغرض تعزيز البنية التحتية للمنشآت الدينية والاستجابة لحاجيات عدد كبير من السكان الحضريين والقرويين من الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي، أعطت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة 2013، على سبيل المثال، الانطلاقة لأشغال بناء أو هدم وإعادة بناء أو ترميم 61 مسجدا بمبلغ 324 مليون درهم، وإصلاح وتدعيم مجموعة من المساجد.
وعلاوة على تعزيز الوظيفة التعبدية للمساجد من خلال توفير الظروف الملائمة لإقامة الشعائر الإسلامية فيها في جو من الطمأنينة والسكينة، تعمل الوزارة أيضا على النهوض بالوظيفة الدينية والتوجيهية لبيوت الله، التي تحتضن دروس الوعظ والإرشاد التي تنظمها المجالس العلمية المحلية أو التي يتم بثها بواسطة التلفاز عبر قناة محمد السادس للقرآن الكريم، وكذا للكراسي العلمية التي تدرس فيها أصول الفقه والعقيدة والدين والتفسير والحديث واللغة العربية، بالإضافة إلى علوم أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن العناية الملكية السامية ببيوت الله تتجسد، أيضا، من خلال الحرص على تنظيم يوم للمساجد، في اليوم السابع الموالي لذكرى المولد النبوي الشريف من كل سنة، اعتبارا لدورها الجوهري في إشاعة الأمن الروحي والممارسة المثلى لشعائر الدين الإسلامي الحنيف.
كما تجدر الإشارة إلى أنه، وموازاة مع هذه الجهود، دأب أمير المؤمنين خلال السنوات الأخيرة أيضا، على تدشين ووضع الحجر الأساس لتشييد عدد من المركبات الدينية والإدارية والثقافية التي تضم العديد من المرافق، من قبيل المساجد ومقرات مندوبيات الوزارة الوصية والمجالس العلمية المحلية وفضاءات لاحتضان التظاهرات الثقافية.
وتعد هذه المركبات، التي تعكس بدورها الاهتمام الملكي السامي ببيوت الله و المجالس العلمية والهيئات المسؤولة عن تدبير الشأن الديني والأماكن المخصصة لنشر التعاليم الدينية، بمثابة أماكن ملائمة لممارسة شعائر الدين وإشاعة القيم الروحية والأخلاقية، ومؤسسات يضطلع فيها العلماء والقيمون الدينيون بدورهم الأصيل في توعية المواطنين بثوابت الأمة وتحصين عقيدتها، وصيانة وحدتها المذهبية، والذود عن ثوابتها وقيمها.
وتميزت سنة 2013 بإعطاء الانطلاقة لبناء مركبات دينية وثقافية وإدارية للأوقاف في كل من بنسليمان (35 مليون درهم)، والناظور(37 مليون درهم)، وتاوريرت (48 مليون درهم)، وسلا (20 مليون درهم)، كما تواصلت أشغال بناء المركبات الثقافية في كل من وجدة وطنجة والدارالبيضاء وتارودانت وشفشاون وميدلت وتنغير.
وتتجلى العناية بمراكز إشعاع الدين بالمملكة أيضا في العناية بالقيمين الدينيين وأئمة المساجد، وذلك اعتبارا للمهام المتنوعة التي ينهضون بها لاستتباب الأمن الروحي ونشر التعاليم الإسلامية الصحيحة. وفي هذا الإطار أولت الوزارة عنايتها الخاصة بهذه الفئة، من خلال تحسين الأوضاع المالية والاجتماعية للقيمين الدينيين، وتحسين الأوضاع الصحية للأئمة.
ولا شك أن مختلف هذه المجهودات وغيرها تشكل مبادرات كفيلة بتوطيد النموذج المغربي لتدبير الشأن الديني باعتباره نموذجا ينهل من ثوابت الأمة ويتوفر على رؤية متكاملة تروم تحصين الأمة وضمان الأمن الروحي للمواطنين، وتحقيق النهضة العمرانية والروحية.
منقول