يخلد العالم، اليوم الثلاثاء 10 دجنبر 2013، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهي مناسبة جرى سنها في الرابع من دجنبر 1950، خلال الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وتحظى هذه الذكرى بأهمية بالغة في المغرب باعتبارها محطة للوقوف عند ما تحقق في المغرب في هذا المجال، واستشراف ما ينبغي تحقيقه في مسار الألف ميل.
ورغم أن المغرب، وهو يختار السير واثق الخطى في هذا الدرب، ليس في حاجة إلى شهادة حسن السيرة والسلوك، طالما أنه اختار ذلك عن طواعية، فإن الإشادات التي تتناقلها وسائل الإعلام في هذا المجال، تعد اعترافا بما تحقق وحافزا لتحقيق المزيد في مجال يتجدد في العالم كله، وليس فقط في بلدان ما يصطلح عليه بالديمقراطيات الفتية.
فالمغرب يمضي قدما نحو القطع مع كل ما من شأنه أن يؤثر على الصورة الواضحة والرغبة الجامحة في ضمان حقوق المواطنين، والمقيمين على حد سواء، إذ جاءت سياسة الهجرة التي أمر جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بوضعها صونا لكرامة المهاجرين الذين يقيمون في بلدنا، لتضيف لبنة أخرى إلى الصرح المغربي في مجال حقوق الإنسان.
وشكل إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة للتحقيق في ما حدث من تجاوزات في الماضي، نقطة تحول مهمة في مسار مغرب الحداثة والديمقراطية، إذ أطلق ذلك العنان لتنطق الألسن بالمعاناة، ليجري الاشتغال على وضع أسس جديدة في المجال الحقوقي، وفي هذا الصدد وضعت ترسانة من القوانين التي ينبغي الإقرار بكونها متقدمة لأنها تؤسس لتحول مهم في جوانب كثيرة من حياة الأفراد.
ومن أهم الأحداث التي يشهدها المغرب الحديث والتي كانت موضوع إشادة دولية ومطمح شعوب الكثير من الدول بناء أسرة الألفية الثالثة عبر مدونة الأسرة المغربية، التي كانت بمثابة ثورة حقيقية في العالمين العربي والإسلامي، لأنها بوأت المرأة المكانة التي تستحقها، والتي تغبطها عليها نظيراتها في المحيطين العربي والإفريقي.
وتواصل مسلسل إبهار العالم من قبل المغرب الذي برهن على أنه يواصل بإصرار مساره عبر الدستور الذي جرى الاستفتاء عليه يوم الجمعة فاتح يوليوز 2011، والذي خلق من خلاله المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله ثورة جديدة في التاريخ المعاصر، إذ شكل دستور المملكة بعد التاريخ المذكور خطوة متقدمة في اتجاه بناء نظام أكثر ديمقراطية، إذ يكرس دستور المملكة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا وفي احترام واضح لحقوق الإنسان كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكفل الكثير من الحقوق.
ويعد تحول المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى مجلس وطني تجسيدا لالتزام المغرب بالانتقال الديمقراطي، وذلك عبر مأسسة المجال الحقوقي وتمكين المشتغلين في المجال من أدوات ووسائل البناء الحقيقي لثقافة وسلوك حقوق الإنسان، عبر هيأة تتوافق مع المواثيق الدولية، وتحظى بصلاحيات واسعة.
كما يشكل فتح المغرب المجال أمام من يرغب في الاطلاع على وضع حقوق الإنسان في المغرب من هيآت دولية حقوقية دليلا على الثقة في النفس، وفي الخطوات التي جرى قطعها حتى الآن.
وإذ نسجل في اليوم العالمي لحقوق الإنسان اعتزازنا بما حققته بلادنا في هذا المجال، نعبر عن أملنا في أن تتضافر الجهود لتحقيق خطوات إلى الأمام عبر تثمين ما تحقق، والمساهمة الفعالة في تحقيق المزيد، في إطار واضح، وعبر حوار مسؤول، لتحقيق المزيد من المكاسب والمصالحة مع الذات، وتكبيد الخصوم، الذين يرغبون عبثا لعب ورقة حقوق الإنسان عساهم يكسبون جولة، المزيد من الخسائر.
نحن نسير على الدرب وغايتنا الوصول وقطف الثمار، وطنيا ودوليا، لأن البلدان لم تعد تحظى بالاحترام بالنظر إلى ما حققته من عائدات أو ما تتوفر عليه من ثروات فحسب، بل بحفظ كرامة مواطنيها، وتمكينهم من العيش الكريم وضمان حقوقهم المدنية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وقد أصبح المغرب شريكا للاتحاد الأوروبي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتموقع في وضعية متقدمة لأن سياسة الجوار لدى الاتحاد الأوروبي واضحة وضوح الشمس، ولا تشوبها شائبة، إذ أن التعاون والدعم والمساندة، وأيضا، المساعدات تتقوى مع الدول التي اختارت نهجا ديمقراطيا، وآمنت بإعمال الحكامة، وتحترم حقوق الإنسان، صحيح أنها لا تفرضها، لكنها ترغب في أن تراها مجسدة على أرض الواقع، والبينة على من ادعى.
هيأة التحرير
منقول