جرت الحوار: جيهان الكطيوي
يرى ماتيو لوسينهوب، القائم بالأعمال بالنيابة في سفارة الولايات المتحدة بالرباط، أن العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة متينة جدا، ومتجذرة في التاريخ.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أبرز الديبلوماسي الأمريكي أن العلاقات التجارية واعدة، وأن المغرب يعد وجهة مهمة للاستثمار بالنسبة للمقاولات الأمريكية.
وبخصوص قضية الصحراء المغربية، ذكر لوسينهوب بموقف الولايات المتحدة من الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب، باعتباره مقترحا "جديا، وواقعيا، وذا مصداقية، ويمثل مقاربة قوية، يمكنها أن تستجيب لتطلعات الصحراويين في تدبير شؤونهم الخاصة في أمن وسلام".
وأشار لوسينهوب إلى أن الولايات المتحدة تساند جهود الحكومة المغربية الرامية إلى تنفيذ كافة الإصلاحات المتعلقة بتعزيز دولة القانون، وحماية حقوق الإنسان، وتحفيز الحكامة الجيدة، التي تتوافق والمبادئ المنصوص عليها في دستور 2011.
ما هي انتظاراتكم من الزيارة التي يقوم بها العاهل المغربي إلى الولايات المتحدة؟
ننتظر أن تكون زيارة جلالة الملك إلى الولايات المتحدة مثمرة، فقائدا البلدين سيتناولان، حتما، محادثات عميقة وجادة حول سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الأمن والاستقرار السياسي، والتنمية وحقوق الإنسان في المنطقة.
ونحن نعتبر أن شراكتنا، على مستوى هذه المجالات، يمكنها أن تكثف جهود البلدين، بهدف إنعاش أجندتنا المشتركة في المنطقة، بما فيها الاستقرار والأمن في ليبيا، والتسامح الديني في إفريقيا الشمالية وبلدان الساحل، وكذا الأزمة الإنسانية في سوريا.
كيف تقيمون العلاقات السياسية بين المغرب والولايات المتحدة؟
إن علاقات بلدينا السياسية قوية جدا، ومتجذرة في التاريخ، كما أنها تقوم على أساس متين لقيمنا ورؤيتنا المشتركة، ونفتخر دوما بان الولايات المتحدة والمملكة المغربية تعملان كشريكين منسجمين، منذ فترة طويلة من الزمن، منذ اعتراف المغرب بالولايات المتحدة، بعد وقت وجيز من استقلالها.
فالمغرب حليف إقليمي رئيسي، وحليف أساسي من خارج منظمة حلف شمال الأطلسي.
كما أنه فاعل لا محيد عنه في القضايا التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا.
برأيكم، كيف يمكن تطوير العلاقات الثنائية أكثر، وقد دخلت منعطفا حاسما مع انطلاق الحوار الاستراتيجي في 2012؟
إن الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والمملكة المغربية يبرز بوضوح الشراكة المتينة التي أقمناها مع المغرب حول عدد موسع من القضايا، انطلاقا من القضايا الثنائية، مثل اتفاقية التبادل الحر، ومجموعة "الميلينيوم شالنج" (Millenium Challenge Corporation (Compact ، المنتهية حديثا، إلى القضايا الإقليمية، مثل عملنا المشترك الرامي إلى تعزيز الأمن الإقليمي.
وستواصل المملكة المغربية والولايات المتحدة، من خلال مسلسل الحوار الاستراتيجي، واجتماعات أخرى من أعلى مستوى، العمل معا من أجل إعداد وتنفيذ مخططات عمل ترمي إلى تحفيز أهداف السياسة الخارجية في التجارة والتنمية لكل بلد، كالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والتنمية الاقتصادية الإقليمية، واستقلالية المجتمع المدني، وحل النزاع في الصحراء.
علاقاتنا السياسية في حالة جيدة، بينما العلاقات الاقتصادية والتجارية تظل في مستوى أقل من التوقعات، ألا تظنون أن الوقت حان لمراجعة اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب والولايات المتحدة، سيما أن الرباط تسعى إلى تطوير علاقات تجارية تستند على حقل أكثر قدرة على المنافسة؟
العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب والولايات المتحدة ممتازة ومليئة بتطلعات جيدة بالنسبة للبلدين، و منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة، الموقعة عام 2006 بين الولايات المتحدة والمغرب، حيز التنفيذ، تطورت التجارة بين البلدين بنسبة 244 في المائة.
ورغم أن نمو الصادرات الأمريكية نحو المغرب زاد بوتيرة أسرع من الصادرات المغربية نحو الولايات المتحدة، تمكن المغرب من تسجيل زيادة ملحوظة بنسبة 109 في المائة في ما يخص صادراته نحو الولايات المتحدة ، التي انتقلت من 446 مليون دولار إلى 933 مليون دولار خلال هذه الفترة.
وهناك فوائد ملموسة في اتفاقية التجارة الحرة بالنسبة للاقتصاد المغربي والمصدرين المغاربة، فعلى سبيل المثال، وقعت شركة "فريش فروي ماروك" (الفاكهة الطازجة للمغرب) اتفاقا غير مسبوق لمدة خمس سنوات، ينص على تصدير الحوامض إلى الولايات المتحدة. ويتوقع، حسب هذا الاتفاق، وصول ما بين 10و13 سفينة سنويا إلى ميناءي "ويلمنغتون" و"ديلاوير"، مع وحدة تخزين سنوي تقدر بما يناهز 35 ألف طن، مع خلق وظائف في الولايات المتحدة والمغرب .
وفقا للأرقام الصادرة عن مكتب الصرف في المغرب، انتقل الاستثمار الأجنبي المباشر للولايات المتحدة في المغرب من 98 مليون دولار سنة 2005 إلى 131 مليون دولار سنة 2011. وهذا الاستثمار سمح بخلق فرص عمل للمغاربة في مجال صناعات الطيران ( 700 coentrepriseBoeing وظيفة ) قطاع السيارات (DelphiAutomotive ، 4890 وظيفة) وقطاع الملابس(Fruitof theLoom ، 3700 وظيفة) وتكنولوجيا المعلومات (DellComputers ، 2000 وظيفة)، وهذا على سبيل المثال لا الحصر في ما يخص بعض الاستثمارات المهمة للولايات المتحدة في المغرب .
وتظل الشركات الأمريكية مهتمة بالمغرب كوجهة استثمارية لأسباب عدة، منها سوقه المحلي الذي هو في تطور مستمر، والبنية التحتية الممتازة، وموقعه الجغرافي، الذي هو بمثابة بوابة نحو دول أخرى في شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا .
تتبنى الولايات المتحدة بنود اتفاقية التجارة الحرة نفسها التي قدمت للمغرب، ولذا، نحن فعلا على قدم المساواة، و نعترف أنه يمكن أن تكون هناك بعض المشاكل التقنية التي تبطئ ازدهار التجارة، غير أن الحكومة الأمريكية مستعدة للعمل مع شركائنا المغاربة لمعالجة هذه القضايا، من خلال آليات اتفاقية التجارة الحرة، والبرامج الحالية لتنمية التجارة لبرنامج تنمية القانون التجاري لوزارة التجارة الأمريكية .
وتسمح آليات ثنائية أخرى، مثل تنمية الأعمال بين المغرب والولايات المتحدة، للشركات المغربية بإقامة اتصالات مع شركاء أمريكيين، وفهم أفضل للفرص التجارية مع الولايات المتحدة.
تميزت الدورة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة بإصدار بيان مشترك، دعمت فيه الولايات المتحدة المبادرة المغربية التي تمنح للأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية .ما هي وجهة نظركم حول مبادرة الحكم الذاتي المغربية للأقاليم الجنوبية؟ وما هو الدور الذي يمكن للولايات المتحدة أن تلعبه من أجل إيجاد حل لهذا الصراع الذي دام طويلا؟
ظلت سياسة الولايات المتحدة تجاه الصحراء مستمرة لسنوات عديدة، وموقفنا من هذه القضية لم يتغير، وتستمر الولايات المتحدة في دعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي دائم ومتفق عليه من قبل الطرفين.
لقد أوضحنا أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية جادة وواقعية وذات مصداقية، وتمثل نهجا محتملا يمكن أن يلبي تطلعات سكان الصحراء في إدارة شؤونهم الخاصة في سلام وكرامة. ونحن نواصل دعم المفاوضات، التي تسهر عليها الأمم المتحدة، ونأمل أن تتمكن الأطراف من العمل من أجل التوصل إلى حل للصراع .
ما هي أهم الأولويات لدى سفارتكم بالمغرب؟
إن أولى الأولويات بالنسبة لكل سفارة أمريكية في العالم هي ضمان أمن المواطنين الأمريكيين، الذين يزورون بلدا في الخارج أو يشتغلون فيه أو يقيمون به، كما يتجلى دور بعثتنا بالمغرب في تمثيل حكومة وشعب الولايات المتحدة، بالعمل من أجل تقوية علاقاتنا الثنائية، القوية أصلا، ونحن نحافظ على مواصلة فتح قنوات التواصل مع الحكومة المغربية، ومع المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والجامعات، والمقاولات، وباقي القطاعات، وننتهز كل فرصة من أجل الالتزام أكثر مع الشعب المغربي.
إن تعميق التفاهم المتبادل بين بلدينا الكبيرين يشكل الوسيلة الأكثر ضمانة من أجل النهوض بمصالحنا المشتركة.
كيف تنظرون إلى الإصلاحات المنجزة من طرف المغرب خلال السنوات الأخيرة؟
نهنئ المغرب من أجل الجهود المبذولة، التي تمكّن من استباق التغيير في المنطقة، من خلال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وتوسيع مجال مشاركة المواطنين، واتخاذ إجراءات إضافية بهدف ضمان تمثيل الحكومة لإرادة الشعب.
إن الولايات المتحدة تدعم جهود الحكومة المغربية، الرامية إلى تطبيق الإصلاحات المؤدية إلى تعزيز دولة القانون، وحماية حقوق الإنسان، والنهوض بالحكامة الجيدة، في تناغم مع المبادئ المعلنة في دستور 2011.
ستواصل المملكة المغربية والولايات المتحدة العمل معا من أجل إعداد وتنفيذ مخططات ترمي إلى تحفيز أهداف السياسة الخارجية في التجارة والتنمية لكل بلد
نبذة عن حياة القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة بالرباط
التحق ماتيو لوسينهوب بسفارة الولايات المتحدة بالرباط في يوليوز 2013، بصفة وزير مستشار، وقبل ذلك، كان عمل بالمغرب ككاتب أول للسفارة، مكلفا بالإعلام العام وناطقا باسم السفارة في الفترة 1997-2000، وهو عضو في هيئة "سينيور فورينغ سيرفيس".
وقبل مهمته الحالية بالمغرب، عمل لوسينهوب بواشنطن مديرا للسياسة والتقييم في مكتب الشؤون التربوية والثقافية بوزارة الخارجية الأمريكية، بعد أن شغل منصب مستشار في الشؤون العامة في سفارة الولايات المتحدة بكابول، في أفغانستان، سنتي 2010 و2011.
وفي إطار مهامه الدبلوماسية السابقة بالخارج، عمل ضمن السفارات الأمريكية بكل من الفلبين، وبلغاريا، وسلطنة عُمان، والكويت، والسعودية.
وخلال عمله بوزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، اضطلع لوسينهوب بمهمة مدير التكوين في الدبلوماسية العمومية في معهد الشؤون الخارجية، وتولى العلاقة مع وسائل الإعلام العربية في مكتب شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
حصل هذا الدبلوماسي الأمريكي على العديد من المناصب الفخرية من وزارة الخارجية الأمريكية، يتحدث اللغتين العربية والفرنسية، ويتحدر من ولاية مينيسوتا، ومتخرج من إحدى جامعاتها، وهو متزوج من ديبرا بينافيديس، الدبلوماسية أيضا في الخارجية الأمريكية، ولهما ابنان.
منقول