حظيت مختلف المبادرات الإنسانية والتضامنية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لفائدة دولة مالي وشعبها، بتقدير كبير وامتنان عامين.
ولقد تم التعبير عن هذا التقدير والامتنان أمام حوالي عشرين من قادة الدول وآلاف الأشخاص بباماكو، حيث جرى حفل التنصيب الرسمي للرئيس المالي إبراهيم بوباكار كيتا.
فبعد الاستقبال الرسمي والحار، الذي خصص لجلالة الملك، مساء الأربعاء المنصرم، بباماكو، وإشارات الاحترام والتقدير، وكذا ابتهاج وحبور السكان خلال لحظة التنصيب، كان جلالة الملك أحد قادة الدول الإفريقية الثلاث، الذين تناولوا الكلمة إلى جانب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي كانت بلاده قامت بتدخل عسكري في يناير المنصرم لتحرير مدن شمال مالي من قبضة المجموعات الإرهابية.
وكان الرئيس إبراهيم بوباكار كيتا، عبر في الخطاب الذي ألقاه بالمناسبة، عن شكره العميق لجلالة الملك الذي شكل حضوره هذا الحفل "شرفا كبيرا للشعب المالي"، متوجها بالقول إلى جلالة الملك، "أمير المؤمنين: إنكم هنا في بلدكم يا جلالة الملك".
وتأكيدا منه على تجذر الروابط القائمة بين مالي والمغرب، استحضر الرئيس المالي بشكل موجز التاريخ العريق لهذه الروابط التي أرسى أسسها عدد من العلماء والفقهاء، الذين صنعوا مجد مالي العريق التي كان يطلق عليها بلاد السودان، من قبيل شخصية أحمد بابار السوداني.
هذا التجذر والاستمرارية اللذان تتسم بهما الروابط القائمة بين البلدين، لخصهما الرئيس المالي في عبارة جامعة مانعة حين قال: "في تمبكتو نشعر أننا في فاس، وفي فاس نشعر أننا في تمبكتو". وفي إطار هذه الروح وهذه الروابط المتينة، يندرج رد الفعل السريع واللامشروط للمغرب حين كان المجتمع الدولي يتعبأ لدعم مالي مع مطلع السنة الجارية. وبالفعل، فقد تعبأ المغرب، القوي بموقعه كدولة عربية وإفريقية تتوفر على مقعد بمجلس الأمن، من أجل التبني بشكل سريع للقرار الذي مكن من تحرير مالي، وقدم تسهيلات لوجيستية لإنجاح هذه العملية.
وقال الرئيس المالي الجديد، بامتنان كبير، إن بلدنا لن ينسى هذا الأمر مطلقا. ولعل ذلك يعكس وجود العديد من دواعي الارتياح في سماء العلاقات القائمة بين البلدين، وهو الذي حدا بالرئيس إبراهيم بوباكار كيتا إلى القول "إن حضوركم اليوم، يا صاحب الجلالة، ليعد، بالتأكيد، عربون تقدير وصداقة سنظل ممتنين لكم عليها إلى الأبد".
وهكذا، تحظى المبادرات التضامنية بتقدير خاص من قبل مالي التي قدمت ردا جريئا على نعرات المتشددين والمتطرفين في كل الأنحاء، من خلال انتخابات ديمقراطية.
وسيواصل المغرب سياسته الكريمة إزاء شركائه الأفارقة، خاصة منهم دول إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال مبادرات من قبيل إرسال مستشفى عسكري ميداني ومساعدة إنسانية لفائدة مالي.
ولم يفت الرئيس المالي أن ينوه بالسياسة الجديدة لتدبير الهجرة، التي سيعمل المغرب على تفعيلها بناء على تعليمات صاحب الجلالة، والتي تعبر عن سياسة ملكية أصيلة تنبع من الانشغال بضمان الكرامة الإنسانية، وهي السياسة التي وصفها بكونها تشكل "تجسيدا بارزا لالتزامكم الواضح لفائدة الإنسان".
وعلاوة على هذا التقدير الكبير الذي أعرب عنه الرئيس المالي، شهد ملعب 26 مارس بالعاصمة المالية، الذي احتضن حفل التنصيب، موجة من البهجة والحبور بمجرد اعتلاء جلالة الملك المنصة الرسمية، حيث ألقى جلالته خطابا حظي بتصفيقات حارة.
هكذا، شهد ملعب 26 مارس أجواء من الفرح والحبور من خلال الاحتفال بانتصار جماعي على القوى الظلامية والانفصالية بمالي، وهي الأجواء التي ألهبتها مشاركة موسيقيين ماليين ذوي صيت عالمي، من قبيل الفنانة فانتاني، قبل أن يتم إفساح المجال للرئيس المالي ليلقي كلمته .
منقول