عتبر لحسن حداد، وزير السياحة، أن السوق السياحية الألمانية استراتيجية وأساسية بالنسبة للمغرب
مشيرا إلى أن الوزارة وضعت جميع الوسائل والسبل للرجوع بقوة إلى هذه السوق، بهدف رفع معدل السياح وجلب حوالي 500 ألف سائح سنويا على المدى المتوسط.
وأوضح حداد، في ندوة صحفية، عقدها أول أمس الأربعاء، على هامش مشاركة المغرب في الدورة 48 للمعرض المهني للسياحة، الذي ينظم بين 6 و10 مارس الجاري، بالعاصمة الألمانية برلين، أن المغرب كان في الماضي من الرواد بالنسبة للسوق الألمانية، وأضاف "مع الأسف، منذ التسعينيات، بدأ هناك نوع من التراجع في نسبة السياح الألمان الوافدين، خاصة مع ظهور مجموعة من الوجهات، مثل تركيا وتونس ومصر".
وشدد حداد على أن المغرب حاضر حاليا بقوة في السوق الألمانية، ويهتم بها، باعتبارها من الأسواق التي لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية، إذ يبلغ معدل البطالة فيها حوالي 5 في المائة، مبرزا أن ألمانيا تتوفر على اقتصاد مهيكل، وعلى رابع أكبر اقتصاد في العالم، وبالتالي، تتوفر على كل المقومات كي تكون سوقا مهمة بالنسبة إلى المغرب.
وذكر وزير السياحة أن ألمانيا تعتبر كذلك أول مصدر للسياح في العالم بحوالي 70 مليون سائح، وهي الأولى اقتصاديا على صعيد أوروبا، وأضاف "لذا نحن حاضرون بقوة في هذا السوق، ولدينا مفاوضات مع أكبر المروجين للرحلات بألمانيا، وسنوقع معهم اتفاقيات عدة".
وبخصوص الوجهات المفضلة لدى الألمان، أوضح الوزير أن هناك اهتماما كبيرا باختيار وجهة أكادير، تليها مراكش ثم بعض المدن الأخرى، مبرزا أن "العرض الموجود في مدينة أكادير يفي ببعض الطلب، ونتمنى أن يتعزز كذلك بمنطقتي واد الشبيكة وتغازوت، حتى يكون لدينا عرض أكثر أهمية بالنسبة للسنوات المقبلة، إلى جانب التركيز على إنشاء قرى سياحية، وفنادق من أربع نجوم قبالة البحر، وهي من الأمور التي يطلبها السائح الألماني، ويلح عليها بشكل كبير".
وأوضح الوزير "من ضمن مجهودات الوزارة في ألمانيا، بتنسيق مع السفارة المغربية في برلين، العمل على ترويج الوجهة المغربية في أوساط صناع الرأي، والبرلمان، والشخصيات النافذة في المجتمع، والصحافيين، ولقاءات مع وسائل الإعلام الألمان كي نتحدث لهم عن التحول الإيجابي الحاصل في المغرب من الناحية السياسية والاقتصادية، وعن الأمن والاستقرار، والنضج والتنوع الموجود في المنتوج السياحي المغربي".
ودعا حداد مهنيي القطاع والمكتب الوطني المغربي للسياحة وكافة الفاعلين المعنيين إلى استثمار الرأسمال الموجود، قصد ترجمته إلى حجوزات في الفنادق المغربية، وجلب السياح الألمان نحو وجهة المغرب.
أما بخصوص العراقيل التي تواجه عملية الترويج للمنتوج المغربي في السوق الألمانية، فأفاد الوزير أن الإشكالية الأساسية التي كانت مطروحة تكمن في الطيران، مشيرا إلى أنه أمكن تجاوز نسبة مهمة من هذه الإشكالية، من خلال تنظيم رحلات جوية بين المغرب وألمانيا عبر شركتي الطيران الخطوط الملكية المغربية و"لوفتانزا".
وقال حداد إن المغرب سيعمل على تكثيف الرحلات الجوية، بجلب شركات طيران أخرى، وتوقيع عقود مع مروجي الرحلات في ألمانيا، وإبراز الاستثناء المغربي، ونضج الوجهة المغربية، وأضاف "كما نعمل من خلال المكتب الوطني المغربي للسياحة على ضمان عمل دائم مع وكلات الأسفار ومروجي الرحلات والصحافة المتخصصة لإبراز الوجهة المغربية، وما يروج عن المغرب حاليا عبر مختلف وسائل الإعلام كلام جيد وإيجابي، ونحظى بسمعة جيدة على المستوى السياسي الألماني والرأي العام".
وأعلن أن "شركة الخطوط الملكية المغربية على استعداد للعمل مع الوزارة على تطوير العمل السياحي، لأنها على وعي بأهمية السياحة، لذا، تشارك مع الوزارة في جميع المعارض لتنسيق العمل المشترك، وزيادة عدد الخطوط الجوية".
وعن سؤال لـ"المغربية" حول استفادة السياحة المغربية من تداعيات الربيع العربي، قال حداد "لم نستفد كثيرا مع تداعيات الربيع العربي من السياح الألمان، الذين كانوا يقصدون وجهات أخرى، لأنه كان هناك خلط لدى السياح الألمان بأن المغرب مثله مثل باقي الدول الأخرى، لكن قمنا، السنة الماضية، بتنسيق مع السفراء المغاربة في مجموعة من الدول الأوروبية، بإبراز أن المغرب مختلف، وآمن، ونجح في تحقيق التغيير في إطار التوافق ما بين جميع الفاعلين السياسيين، ووصل إلى درجة أعلى من الدمقرطة في إطار نوع من السلم السياسي والاجتماعي، وهذه العملية بدأت تعطي أكلها، ونحن مستعدون لأأن نستفيد من سياح ألمان يرفضون التوجه إلى وجهات أخرى، بسبب تداعيات الربيع العربي".
وبالنسبة للانفتاح على أسواق أخرى، أبرز حداد أن المغرب يهتم بالعديد من الأسواق، وقال "قبل يومين كنت في براغ، ووقعنا اتفاقيات مع الحكومة التشيكية، كما عقدنا لقاء مع صناع الرأي واتخاذ القرار بهذا البلد، كي نعرفهم بالوجهة المغربية، لأن السوق التشيكية مهمة بالنسبة إلينا، وكذلك السوق البولونية والروسية والسلوفاكية، لأن أوروبا الشرقية أسواق صاعدة، ونحن نؤثر عليها ونوجد فيها".
ومن الأسواق الواعدة الأخرى التي تحدث عنها الوزير، السوق البرازيلية، وقال "سنحضر فيها بقوة، لأنها سوق مهمة، لم تعرف الأزمة، كما أن هناك تحسنا كبيرا في وضعية الطبقة المتوسطة، ونعمل مع وكالات من أجل أن تكون رحلات للبرازيليين، وننتظر أن يفتح الخط الجوي من قبل الخطوط الملكية المغربية، في 2014، بين الدارالبيضاء وإحدى المدن البرازيلية. كما سنشارك لأول مرة في المعرض السياحي الذي سينظم في أبريل المقبل، لأن هناك اهتماما من قبل المهنيين المغاربة، ونتهيأ لغزو هذه السوق الواعدة".
وذكر حداد أن المغرب يهتم، أيضا، بالسوق الصينية، ويقوم حاليا بالدراسات اللازمة لرصد العقود التي يمكن إبرامها هناك. وأضاف أن "السوق العربية تطورت هي الأخرى بشكل كبير جدا، كما أن السوق الخليجية لها قيمة مضافة، وتهمنا هي الأخرى، ولنا عيون على السوق الهندية، والسوق الإفريقية الغربية، كي نستفيد أكثر من الرحلات التي تبرمجها الخطوط الملكية المغربية إلى هناك".
وختم وزير السياحة كلامه بالإعلان على أن الوزارة تفكر في تشجيع المهاجرين المغاربة بالخارج على السياحة في المغرب من خلال توفير عروض مناسبة لهم.
وافتتحت، مساء الثلاثاء الماضي، فعاليات المعرض المهني للسياحة، في برلين بمشاركة 10 آلاف و86 عارضا من 188 دولة، بحضور رئيسة الوزراء الألمانية، أنجيلا ميركيل. وقدمت إندونيسيا خلال حفل الافتتاح عروضا فنية وفلكلورية من تراثها المحلي، نالت إعجاب الحاضرين.
وصمم الرواق المغربي بالمعرض على مساحة 470 متر مربع، على الطراز المعماري المغربي الأصيل، إذ يقدم فيه المشاركون المغاربة، المشكلون من شركة الخطوط الملكية المغربية و21 عارضا من مجالس جهوية للسياحة (مراكش، وفاس، والرباط، والدارالبيضاء، وأكادير، وكلميم السمارة، وزاكورة)، وفندقيين ووكلاء الأسفار، لمروجي الرحلات الألمان وكافة الزوار، كل المعلومات، ومختلف العروض حول المنتجات والوجهات التي يرغبون في التعرف عليها.
وتظل مدينة أكادير الوجهة السياحية الأولى بالنسبة للسائح الألماني المتوجه إلى المغرب بنسبة 58 في المائة، متبوعة بمدينة مراكش، التي تواصل ترسيخ مكانتها في السوق الألماني بنسبة 16 في المائة، تليها الدارالبيضاء. ويعمل الفاعلون السياحيون المشاركون في هذا المعرض على إبراز مناطق ووجهات سياحية أخرى يزخر بها المغرب، حتى تحظي كذلك باهتمام السياح الألمان.
يذكر أن هذا المعرض المهني يعتبر الأول عالميا الذي يخصص للسياحة، إذ عرف، سنة 2012، مشاركة أزيد من 10 آلاف عارض من 178 دولة، واستقبل حوالي 113 ألف زائر مهني في المجال، و7 آلاف صحافي ومهنيي الإعلام والاتصال.
وتعد ألمانيا أول بلد مزود للسياح عالميا، بـ 69.5 مليون رحلة في 2012، منها 68.8 في المائة إلى الخارج، محققة نفقات للرحلات إلى الخارج من 27.4 مليار أورو.
منقول