نذ يوم الخميس 21 مارس 2002 بدأت مسيرة إحدى بنات الشعب، لتصبح أميرة ثم لتحمل لقب السيدة الأولى بالمملكة. وقد اعتبرها الكثيرون خطوة فعلية عملاقة على درب المرور إلى مغرب الغد، مغرب الحداثة، إنه مرور أراد الملك محمد السادس انجازه رفقة الفتاة (24 سنة) المنحدرة من فئة متوسطة والتي تقطن في حي شعبي، لكنها سلبت قلبه واستحوذت عليه.
ويبدو أن قوة هذا الحب مكنت الملك من القفز على جملة من الطابوهات، الشيء الذي، بشهادة الجميع، فتح جملة من الأبواب لتحديث البلاد من القاعدة إلى القمة، وقد عملت الأميرة لالة سلمى على ترسيخ هذا المنحى بعد ميلاد ولي العهد.
لقد كان إعلان زواج الملك وكشف رفيقة حياته إعلانا عن تقوية موقع المرأة المغربية في مختلف المجالات، لاسيما الركح السياسي.
حصلت المواطنة سلمى بناني، على صفة أميرة يوم 12 أبريل 2002، وإذا كانت هذه الصفة أميرة مخصصة لذرية الملك ومن يجري الدم الملكي في عروقهن، فإن لالة سلمى، بانتمائها عبر الزواج بالملك إلى الأسرة الملكية، امتلكت صفة "الأميرة"، وهذا ما حصل بالنسبة للأميرة لمياء الصلح (من أصل لبناني) أرملة شقيق الملك الحسن الثاني، الأمير مولاي عبد الله عم الملك محمد السادس، ووالد الأمير مولاي هشام.
فقد دخلت الأميرة لالة سلمى إلى العائلة الملكية من أوسع الأبواب، أي عبر قلب الملك، فأصبحت أميرة في مستوى أميرات البلاد والسيدة الأولى في المملكة.
حسم الملك محمد السادس هذا الأمر عندما صرح لمجلة "باري ماتش" سنة 2001 قائلا: "لا وجود لملكة عند المسلمين، وبالتالي فإن هذه القضية ليست مطروحة عندنا بالمغرب". وفعلا لم يسبق المغرب عبر تاريخه أن عرف امرأة حملت صفة ملكة منذ دخوله الإسلام.
وحسب أغلب المحللين، إن صفتي أميرة والسيدة الأولى بالمملكة، ساهمتا بشكل كبير في إصباغ الطابع الإنساني، وصفة القرب بخصوص شخص الملك بكيفية لم يسبق لها مثيل بالمغرب. وزاد من ترسيخ هذا المنحى كون المغاربة اقتنعوا، قناعة راسخة، أن الملك محمد السادس تزوج عن حب، وهذا أمر لم تسع أي جهة رسمية لإخفائه، خلافا لما كان يحدث بالأمس.
إن زوجة الملك الآن، خلافا للسابق، أصبحت شخصية عمومية، تضطلع بمهام، وتمثل المغرب بالخارج في جملة من الفضاءات.
وإذا كانت الأميرات، شقيقات الملك وعماته، دأبن على الاضطلاع بجملة من المهام الاجتماعية والرئاسة الشرفية لبعض الهيئات، فإن دور الأميرة لالة سلمى تجاوز هذا الحد، برغبة ملكية، لتظهر كشخصية عمومية تتابع مهاما، وتمثل الملك والمغرب خارج الوطن وداخله.
وفي نظر بعض الملاحظين، تسعى الأميرة لالة سلمى إلى إبهار الملك، بالاجتهاد المستديم لبلوغ الأهداف التي رسمتها الجمعية التي تدير شؤونها، وهذا يصب في منحى واحد، ترسيخ الرؤية الملكية الخاصة بمغرب الغد، مغرب الحداثة.
لكن، كان لزاما على الأميرة لالة سلمى أن تؤكد موقعها في الأسرة العلوية والبلاد، وهو فضاء لم تخبر مسالكه ودواليبه من قبل.
منذ أن بلغ ولي العهد الأمير مولاي الحسن ربيعه الثالث، بدأت الأميرة لالة سلمى (28 سنة آنذاك) تقوي مكانتها كالسيدة الأولى بالمملكة، اضطلعت بمهام اجتماعية ودبلوماسية، وفي ظرف وجيز اكتسبت آليات "مهنة الأميرة"، وهذا ما برز على مختلف المستويات، هنداما ومظهرا وحركة واضطلاعا بالمسؤوليات التي على عاتقها الآن. فبعد مرور 4 سنوات فقط، اكتسبت السيدة الأولى دواليب "مهنة الأميرة الأولى"، لكنها قبل الانطلاق للاهتمام بمسؤولياتها، اهتمت أولا بدورها كزوجة للملك وكأم لولي العهد. لذا غابت عن الأنظار، ولم تعد تظهر في
إذا أردنا اختزال شخصية السيدة الأولى في بعض من الصفات الكثيرة التي تمتاز بها، يمكن القول إنها شخصية مفعمة بالثقة بالنفس، كريمة مع من تحب، تقدس الحياة الزوجية، لها قدرة كبيرة على تنظيم الأمور والتدبير العقلاني، متعلقة بالتقاليد، تستحسن الحس الفني الرفيع وتهتم بأناقتها بطريقة مدروسة بدقة، فإذا قالت الأميرة لالة سلمى صدقت وإذا وعدت نفذت، وكلما نفذت أسعدت. إنها شخصية واقعية، ثائرة على كل ما هو سلبي، تنال إعجاب الجميع.
حسب المقربين من الأميرة لالة سلمى، ظلت طفولتها مطبوعة في ذاكرتها، وليست من النوع السهل استمالته.
كل شيء بالنسبة إليها يجب أن يخضع للعقل أولا. فمنذ صغر سنها، كانت تعرف ما تريد وتختار ما يلائمها لبلوغ هدفها، رغم أنها تألقت مرارا في ما تقوم به، ظلت تحب الحياة السهلة البعيدة عن التعقيد.
تستطيع بسهولة كبيرة المشاركة في المناقشات العلمية والسياسية، لكنها قلما تخوض فيها عن إرادة، لأنها تفضل الحديث عن القرب والمنطق الواقع.
ظلت الأميرة، السيدة الأولى، معروفة ومتميزة داخل أسرتها بالإخلاص للعائلة وللصديقات، كما عرف عنها أنها تفضل الصداقات طويلة الأمد.
تقدر التقاليد والولاء وعاطفية جدا، لكن في إطار نوع العقلانية. ويشعر المرء أنها تعتمد على العقل أولا في كل تصرفاتها، كل شيء لديها يبدو مدروسا كأن الأمر يتعلق ببرنامج معلوماتي.
لا تستحسن الأميرة الكلام المنمق أو المعقد بالألفاظ البراقة، وتفضل التواصل العادي بلغة بسيطة لكن دقيقة تكشف المقصود مباشرة.
وحسب إحدى زميلاتها في الدراسة، تملك الأميرة حاسة مدهشة، فهي تتوقع نتائج ما خططت له، ونادرا جدا ما تخيب توقعاتها.
تهوى الموسيقى التي تثير عواطفها. كما تعد الأميرة لالة سلمى من المحبين للفنون ولكل الأشياء الجميلة الدالة على الإبداع والخلق. تشعر بسعادة خاصة في الفضاءات المرتبة جيدا ولو كانت بسيطة، إنها "متولة" كما يقول المقربون منها
منقول