هسبريس - و م ع
حذر الباحث الجامعي المغربي إدريس لكريني من مخاطر تداعيات التطورات الحالية في مالي على دول الجوار ومن بينها البلدان المغاربية٬ في حال استمرار الاضطراب على مستوى التعامل مع هذا المشكل والتعاطي معه وفق المقاربات الانفرادية بدل التنسيق والتعاون في مواجهة الوضع اعتبارا لما يطرحه من تحديات على السلم والأمن الدوليين.
وقال لكريني ٬ مدير " مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات" ٬ في مداخلة له خلال ندوة دولية منعقدة منذ أمس الجمعة٬ بالعاصمة التونسية٬ تحت عنوان "الوضع في مالي وتداعياته على المنطقة المغاربية" ٬ إن استمرار هذا " الارتباك الإقليمي وفتح المجال لمجلس الأمن للتواجد من خلال إرسال قوات لحفظ السلم في المنطقة أو عبر تدخل عسكري دولي٬ من شأنه أن يعقد الأمر أكثر مع تنامي دور القاعدة وعدد من الجماعات المسلحة الأخرى التي تنتعش من مثل هذه المناسبات".
وتناول لكريني في مداخلته موقف المغرب من الوضع في مالي٬ فأوضح أن المملكة عبرت منذ البداية عن رفضها إعلان "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" استقلال الشمال المالي٬ وأدانت في بلاغ رسمي الانقلاب الذي شهده مالي٬ ودعت الأطراف المتصارعة للعودة إلى " الشرعية الدستورية".
وبالنسبة للتدخل العسكري الفرنسي في مالي٬ أشار لكريني إلى تأييد الرباط لهذا التدخل من منطلق احترامه للوحدة الترابية لمالي ولدور هذا التدخل في تلافي انهيار الدولة في هذا البلد٬ مشددا على ما تمثله الحركات الانفصالية من تهديد للسلم والأمن الإقليمي والدولي.
وبعد أن أشار إلى ما قام به المغرب من مبادرات إنسانية تمثلت في تقديم مساعدات لضحايا الصراع الدائر في هذا البلد٬ أوضح أن المملكة قادت على الصعيد الدولي تحركات دبلوماسية داخل مجلس الأمن٬ المسؤول الرئيسي عن حفظ السلم والأمن الدوليين٬ بحكم عضويته غير الدائمة فيه حاليا٬ مبرزا أيضا تأكيد المغرب على استعداده لدعم الاستقرار في هذا البلد الإفريقي.
من جهة أخرى٬ وفي سياق حديثه عن أسباب اندلاع هذا النزاع والظروف التي سبقت اندلاع الحرب في مالي٬ تطرق الأكاديمي المغربي إلى ما وصفه بíœ "الفراغ الأمني وضعف الدولة المركزية " في منطقة الساحل٬ مشيرا إلى أن ذلك ولد مشاكل ومخاطر عديدة تتجاوز في خطورتها حدود الدول منها التهريب وتجارة السلاح والجريمة المنظمة وتموقع وانتعاش الجماعات المسلحة٬ واعتبر أن التعاطي الفعال مع قضايا الأمن والبيئة والجريمة المنظمة والتهريب والهجرة " لا يتأتى بفعالية دون الدخول في تنسيق وتعاون إقليمي ودولي من خلال تبادل المعلومات وتوحيد الرؤى والجهود.
وفي هذا السياق أبرز لكريني أن "تلكؤ" دول المنطقة وعلى رأسها الدول المغاربية في التعاطي مع المشكلة بكفاءة في إطار من التعاون والتنسيق ووحدة الموقف٬ "فتح الباب أمام فرنسا لتلعب دورا محوريا في الأزمة حاليا"٬ معتبرا أن غياب هذا التنسيق هو الذي جعل هناك "طرفين محوريين في النزاع .. فرنسا ومختلف الدول إقليميا ودوليا من جهة٬ وتنظيم القاعدة معززا بعدد من الجماعات المسلحة الأخرى بالمنطقة من جهة أخرى".
وقال إنه بعد " انكفاء" بعض الجماعات المسلحة على نفسها خلال السنوات الأخيرة٬ نتيجة الضغوطات العسكرية والاستخباراتية التي قادتها بعض دول المنطقة في مواجهتها٬ وجدت في أحداث مالي " فرصة جيدة للعودة إلى الواجهة من جديد".
وحول تداعيات أوضاع مالي على المنطقة المغاربية يرى لكريني أنه رغم أن " الحركة الوطنية لتحرير أزواد" تحاول طمأنة دول الجوار باحترام سيادتها وحدودها ٬ إلا أن حدوث الانفصال أو استمرار الوضع عما هو عليه حاليا من شأنه أن " يفتح الباب على مجموعة من المخاطر على دول المنطقة ومنها المغرب".
وخلص إلى التأكيد على أنه انطلاقا من " نجاعة التكتل في مواجهة المخاطر الأمنية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية " في المنطقة٬ فإن من المفروض أن يساعد النزاع في مالي على التقارب بين البلدان المغاربية ويسرع وتيرة بناء الاتحاد المغاربي لمواجهة المخاطر المشتركة .
منقول