لقد أعطت حركية ما صار يعرف بالربيع العربي دينامية دفع جديدة في البلدان المغاربية، في صورة سلمية وهادئة، كما في الحالة المغربية، وفي أقصى صور العنف، كما حصل في ليبيا.
وبموازاة مع التحولات الداخلية في كل بلد، أو بتأثير منها، ومن السياق الإقليمي والدولي، انتعش أمل إحياء الاتحاد المغاربي، الغارق في جموده منذ أزيد من عقدين من الزمن، بعد فترة نشاط، أعقبت إعلان التأسيس، بمقتضى معاهدة مراكش.
يفترض أن يكون للتطورات الجارية في المنطقة، وفي المحيط الأورومتوسطي، تأثير إيجابي، في اتجاه إحياء المشروع المغاربي، على أساس المبادئ التقليدية، المتمثلة في الروابط الثقافية والجغرافية بين شعوب المنطقة، وما يستتبع ذلك من حسن جوار وتعايش وتعاون، وتبادل للمصالح، وعلى ضوء ما تفرضه المتغيرات المحلية والدولية من مراجعة وتعديل.
وفضلا عن الروابط العاطفية، يتعلق الأمر بمصالح اقتصادية ملموسة لفائدة البلدان الخمسة، ذلك أن مسيرة الاتحاد المغاربي تتعثر في الوقت الذي تؤدي عولمة الاقتصاد إلى إضعاف قدرة الدول منفردة على التفاوض من أجل حماية مصالحها الآنية والاستراتيجية، أمام التوجه العام إلى تبلور التكتلات الإقليمية الكبرى، مع تخلف الجانب المغاربي في إنجاز هذه المهمة، مقارنة بمسيرة الاتحادات والتجمعات المماثلة والمشابهة، كما هو حال الاتحاد الأوروبي، الشريك الأول والجار المباشر للبلدان المغاربية، الذي أبدى دائما الرغبة في قيام مخاطب وشريك قوي على الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط.
إن الحصيلة لا تشرف أهلها، من مسؤولين وفاعلين سياسيين ومثقفين ومجتمع مدني، وتبعث على الإحباط لدى الشعوب، لأنها تسير ضد منطق المصلحة المتبادلة والروابط التاريخية والثقافية والجغرافية، ووحدة التطلعات والمرجعيات، وضد منطلق البداية نفسه، عندما تمكنت قيادات البلدان الخمسة من التغلب على الخلافات الظرفية، وتغليب النظرة البعيدة في التعامل مع قضايا الشعوب المغاربية.
والمأمول، الآن، أن تكون الذكرى الربعة والعشرون لقيام الاتحاد المغاربي، وشعور الإحباط المهيمن منذ سنوات على شعوب البلدان الخمسة الأعضاء، حافزا للمسؤولين عن تعثر المشروع المغاربي لمراجعة الذات، وتقديم المصلحة الاستراتيجية للشعوب المغاربية على كل حسابات ضيقة.
على ضوء الحركية الجديدة والنوايا المعلنة للحكومات، هناك ما يسمح بالتفاؤل بأن يصبح للمغرب الكبير ربيع مغاربي، لفائدة جميع شعوبه.
منقول