أصبح من السهل على ساكنة العاصمة الإسماعيلية التنبؤ بأي زيارة ملكية للمدينة ،بفضل العديد من المؤشرات التي دأب القائمون على الشأن المحلي تقديمها.
الزيارات الملكية : موسم الإصلاحات
استنفار لجميع الأجهزة ، عودة الموظفين الأشباح لمقر عملهم ، تجنيد العشرات إن لم نقل المئات من عمال النظافة ،تتفتح الأزهار رغما عن أنفها ،ترقيع الحفر وتزفيت بعض الطرق ،صباغة "الطيطوار" وعلامات التشوير الطرقي (ممرات الراجلين...) الخ...هي عناوين عدة لإصلاحات و "ترقيعات" تسبق كل زيارة ملكية .
يبدأ النقاش في سيارات الأجرة الكبيرة و الصغيرة في الحافلات وصالونات الحلاقة حول "الملك غادي ايجي...راه بداو كايشطبو ويصلحو" حيث لا يخفي الكثيرون تذمرهم من هذا الأمر أي ربط الإصلاحات وأشغال التهيئة بالزيارات الملكية ويصفونه بالتواطؤ معهم في ذلك عبر التزام الساكنة الصمت حيال ما يجري من نفاق في تسيير المدينة ،هذا النفاق الذي يظهر جليا في اللافتات التي توضع بعناية في الطرق التي يتوقعون أن يسلكها الموكب الملكي والتي تتضمن عبارات لا تخلو من النفاق والتملق.
ربما هؤلاء الأشخاص المتملقين والذين علينا تحملهم ،لم يستوعبوا بعد الرسائل الملكية الواضحة المعالم ،أن ألاعيبهم أصبحت مكشوفة وأن الملك لم يعد يحتمل "لعب الدراري" هذا الشيء الذي يفسر الغضبة الملكية السنة الفارطة حيث رجح الكثيرون أن هذه الأخيرة كانت سبب غياب جلالة الملك عن اختتام أشغال الدورة السادسة من المعرض الدولي للفلاحة .
سياسة التماطل والمشاريع المجهضة
عدة مشاريع مجهضة أو مشاريع يتطلب انجازها شهر أو شهرين تستغرق سنة أو سنوات كما هو الحال لحديقة "الزويتينة" المقابلة للمحافظة العقارية والتي لازالت إلى غاية اليوم لم تفتح أبوابها للساكنة المجاورة لها ،رغم أن الأشغال فيها بدأت منذ سنتين أو أكثر. أنا لا أتحدث عن مشروع الزويتينة الذي لازال إلى حد الآن مغلقا والذي أثار ويثير المزيد من الجدل فالحديث عنه يتطلب مئات المقالات نظرا لحجم الاختلاسات التي عرفها ولايزال بعض المسؤولين عنه أحرارا وبعيدين عن المحاسبة ،بل منهم من لازال يتقلد مسؤوليات عديدة إلى حد اليوم دون رقيب أو حسيب !!!
وما يزيد الطين بلة هو أنه حتى المشاريع التي انتهت بها الأشغال لم تفتح أبوابها نظرا لعدم فائدتها ،كبعض الأسواق الشعبية ببعض الأحياء ،كالسوق الشعبي الذي يتوسط دار الطالبة والطالب بحي مرجان بالإضافة إلى المحلات التجارية على مقربة من ساحة لهديم (محطة الحافلات سابقا) ،التي أهدرت ملايير من أموال دافعي الضرائب على تشييدها دون أن تحقق فائدة ترجى أو منفعة للعامة ،ليبقى السؤال مطروحا إلى متى ستبقى هذه العشوائية في تسيير الشأن المحلي في مدينة مكناس وأين نحن من نربط المسؤولية بالمحاسبة.
أخير وليس آخر ، استحضرني أمر وأنا أتأمل بعض المآثر التاريخية التي تدل على عظمة المدينة وقلت في نفسي ماذا لو بعث السلطان المولى إسماعيل الذي أوقف زحف العثمانيين وبخر حلمهم بالوصول الى المحيط الأطلسي والذي طرد الاسبان والبرتغال من الثغور التي يحتلونها ،ماذا لو بعث من قبره ورأى ما آلت إليه المدينة التي اتخذها عاصمة له ؟ والله لقطع رؤوس كل من سير ويسير المدينة وعلقها في باب منصور الشامخ الذي مازال يدل على عظمته.
المصدر :
www.meknespress.com/articles/details/56/عذرا-سيدي-محمد-السادس-هذه.html