الهداية - نقض نظريةالتطور (29)
هناك مساحة مقدارها مليمتر مربع واحد، فإنها بلاشك تشكل مكاناً صغيراً مثل طرف قلم الرصاص· والآن لنضع داخل هذه المساحة الصغيرة خمسمائة ألف جهاز متخصص· وليكن لكل جهاز من تلك الأجهزة تصميم ووظيفة خاصة جداً· وبالإضافة إلى ذلك سنحفظ هذه الخمسمائة ألف جهاز بنظام تعبئة خاصة· وربما يظن إنسان أن هذه الرواية مستحيلة عند القراءة الأولى، ولكن خلق الله فذ وخال من العيوب· وهذا المثال المذكور موجود في الحياة الواقعية· ففي كل مليمتر مربع في وسط الورقة الواحدة يوجد خمسمائة ألف يخضور (78)· كما إن جزيئات اليخضور التي أدرجت في مساحة صغيرة جداً ولها تصميم معقد للغاية تقوم بوظيفة مهمة جداً لحياة الإنسان كما تحدثنا باختصار في القسم السابق· لنفترض لحظة أنكم طلب منكم تصميم جهاز خاص، ولتكن وظيفة الجهاز الذي سوف تقومون بتصميمه هى تفتيت جزئية الماء· وكما هو معلوم فإن الماء يتكون باجتماع ذرتين من ذرات الهيدروجين وذرة واحدة من الأوكسجين· والجهاز الذي سوف يتم تصميمه سيلزمه أيضا القيام بفصل جزيئات الهيدروجين عن ذرات الأوكسجين· وفصل ذرات الهيدروجين والأوكسجين الموجودة في الماء عن بعضهما يجب أن يتحقق بانفجار كبير جداً أو بتسخين جزيئات الماء إلى آلاف من الدرجات· وعندما نفكر أن الماء يغلي عند مائة درجة يمكن فهم مقدار الطاقة التي نحتاج إليها بصورة أحسن· ولكن أنتم مطالبون بتصميم جهاز لا تكون معه حاجة إلى انفجار ولا إلى حرارة بالآف الدرجات· ونفترض أيضا أنه لا يسمح لكم باستخدام أي مصدر للطاقة سوى ضوء الشمس· ولكن هناك وظيفة أخرى صعبة يجب أن يقوم بها الجهاز الذي طلب منكم تصميمه، وهي جمع ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء مع الهيدروجين الذي حصل عليه هذا الجهاز· ولو اخترعتم جهازاً يستطيع تحقيق هذه العملية سوف تكتبون اسمكم في تاريخ العلم بأحرف من ذهب· لأن عالم العلم رغم كل الجهود والامكانات التكنولوجية والتطورات العلمية الخارقة مايزال غير قادر على الوصول إلى اختراع جهاز يقوم بتحقيق العملية المشار إليها· والأدهى من ذلك أنه مايزال يحاول كشف وفهم كيفية قيام النباتات بهذه العملية· فالجزيئة المسماة بـ ''اليخضور'' هي الجهاز الوحيد الذي يستطيع أن يحقق هذه العملية المشار إليها على الأرض· وعندما يبحث تصميم اليخضور يُرى بصورة أحسن كيف أن الله قد خلق كل شئ بحساب دقيق وبقدرة غير محدودة· فقد تكونت جزيئة اليخضور من اجتماع 55 ذرة من الكربون و 72 من الهيدروجين و 5 من الأوكسجين و 4 من الأوزوت وذرة واحدة من الماغنسيوم بترتيب وتصميم خاص جداً (79)· ولكي تستطيع هذه الجزيئات القيام بوظيفتها يجب أن تكون كل ذرة في مكانها المخصص لها· وهذه الذرات التي تكون اليخضور تعرف وظيفتها جيداً وتنهيها كإنسان واع تماماً وفي وقت قصير لا يستطيع استيعابه عقل الإنسان· وتساوي هذه المدة واحداً من عشرة ملايين من الثانية (80)· إن الإنسان لا يستطيع على الإطلاق إدراك مدة قصيرة هكذا· حتى أنه لا يشعر بالفرق الموجود بين واحد في ألف ثانية وواحد في ألفين ثانية، فكلتا المدتين قصيرتين ولا يستطيع الإنسان أن يدركهما أو يستوعبهما، أما المدة القصيرة التي هي واحد من عشرة ملايين من الثانية فقصيرة حتى أنها تفوق قدرة الإنسان الخيالية· الحوادث غير العادية التي تقع في اليخضوركما هو معلوم فإن الضوء يتكون من الفوتونات Fotons وهو يصطدم بالماء داخل الأوراق الخضراء ويتم نقله إلى جهاز اليخضور· إن هذا النقل يحرك دقائق الذرة السفلية التي توجد في اليخضور فتعمل على تغيير مداراتها· وهذه العملية -كما تحدثنا فيما سبق- تتم في مدة قصيرة جداً في مثل الواحدة من عشرة ملايين من الثانية، وفي تلك الأثناء تفصل دقائق الذرة السفلية الهيدروجين الموجود في جزيئة الماء عن الأوكسجين· وهذه العملية سريعة للغاية، لدرجة أن العلماء لا يزالون لايفهمون كيف أن دقائق الذرة السفلية تفصل الهيدروجين عن الأوكسجين· والهيدروجينات المنفصلة تُمسك من جانب جزيئات البروتين التى هي على شكل اللولب الأكبر والذي يطلق عليه الإنزيم أو المحفز· وهذه الإنزيمات لها شكل صمم بصفة خاصة لالتقاط الهيدروجينات المنفصلة· وهذه الإنزيمات تجمع الهيدروجين مع ثاني أكسيد الكربون الذي تم استقباله في الداخل حيث أن كل جزيئين يمتزجان كيماوياً بواسطة الدوران السريع جداً· وهذه المرحلة أيضا من المراحل التي لم يكشف العلماء بعد كيفية تحققها· لأنهم لا يمتلكون بعد امكانات يمكن معها بحث هذا النظام منفصلاً· ويعلقون فقط على ما يمكن حدوثه أثناء العملية عن طريق تقييم الحال الناتج(81 .(لنقف هنا لحظة ونفكر: هناك نظام خال من العيوب لا يستطيع الذين يمتلكون تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين أن يكتشفوا كيفية عمله داخل جزيئة اليخضور الواحد· حتى في الجزء الواحد من هذا النظام تتحقق عمليات خارقة· وعلى سبيل المثال نرى أن الإنزيمات وكأنها تنتظر وتعرف كيفية فصل الضوء القادم والهيدروجين الذي في الماء· أما بعد فصل ذرة الهيدروجين فتعرفها في الحال وتمسكها دون أن تخلطها بذرات أخرى مثل ذرة الأوكسجين الناتجة· وعقب ذلك تعرف جيداً ما الذي سوف تقوم به ، فتأخذ الهيدروجين وتجمعه مع ثاني أكسيد الكربون· وبفضل هذه التصرفات التي تتضمن شعوراً عالياً والتي اختصرناها هنا وبسطناها إلى أقصى درجة تواصل الأحياء حياتها في الدنيا· والأكثر من ذلك، هو أن جميع هذه الأحداث تتحقق في مدة قصيرة في جزء من عشرة ملايين من الثانية· إن الإنسان رغم كل التكنولوجيا التي يمتلكها لا يستطيع أن ينجح في القيام بكل ما تقوم به جزيئة اليخضور أو الإنزيمات أو الذرات التي في داخلها في مناخ المعمل· فلا شك أن التصميم الذي يمتلكه اليخضور وما يقوم به لهو من الأدلة على أن الله خالق لا شبيه ولا نظير له·المراحل الأولىإذا تم البحث في مراحل تحقيق التمثيل الضوئي فستُرى قدرة الله والعظمة التي في خلقه بصورة أكثر وضوحاً· فالوقت اللازم لتحقيق التمثيل الضوئي شيء لا يمكن تصديقه وهو باختصار شديد؛ واحد من مليار من الثانية (82.(ولابد في هذه المدة أن يتحقق توزيع الطاقة التي اجتمعت في محولات الطاقة ومراكز التفاعل إلى الأماكن اللازمة· وتحقيق نقل الطاقة في هذه المدة القصيرة ينتج عن نقطة أخرى· وهي أن عملية معقدة مثل نقل الطاقة يجب أن