الهداية - نقض نظريةالتطور (22) العلوي للشجرة ولذلك تتجه بقية الأغصان نحو الأطراف· وهذا الغصن المختار يتجه نحو وسط الأغصان، أي حاكماً لموقف مركزي كأنه يعرف أنه تم اختياره لهذه المهمة· حسناً من أين تعرف الأغصان الأخرى بأن هذا الغصن تم اختياره لكي يكون قمة الشجرة؟ كيفية اختيار غصن وسبب اتباع الأغصان الأخرى لهذا الاختيار لا يزال يشغل بال العلماء ويحثهم على التفكير والبحث· والشيء الوحيد الذي تأكد العلماء منه هو أن هناك نوعاً من المشاركة التي لا يفهمونها تتم بين الأغصان (61)· والحقيقة أن هناك مشاركة بين الكائن الحي بأجمعه وليس بين الأغصان فقط· ومثال آخر حول توزيع العمل داخل الأشجار، فإذا قطعتم أي غصن من أغصان شجرة معينة النوع مثل الصفصاف في الربيع وغرستموه في التربة المبللة فسوف يتجذر ويتبرعم· إذن فالنبات ليس كائناً حياً فحسب بل هو منظومة خاصة في الوقت نفسه· وكأن خلايا النبات تعرف من أي منطقة يجب إخراج الجذور ومن أي منطقة يجب أن تخرج البراعم· وحتى أصغر جزء من الشجرة يتحرك وكأنه يعرف كل التفاصيل المتعلقة بالشجرة· إن الأبحاث التي أجريت على النباتات مكّنت أيضا من ظهور معجزة مهمة جداً· وهي أن هناك نظاماً للمراسلات بين خلايا لا تعي شيئاً لنباتات لا تعي هي الأخرى أي شيء· وخلايا النباتات أيضا تتصل فيما بينها شأنها في ذلك شأن خلايا الإنسان والحيوان وهكذا تتحرك حركة جماعية· الهرموناتالهرمون نوع من البروتين يرتب وينسق النظم التي لابد منها لحياة الأحياء· وفي خلايا النبات أيضا تنتج هرمونات مختلفة· وهذه الهرمونات عبارة عن جزيئات معجزة خلقت لتحديد كيف يجب التصرف في الظروف الحسنة أو السيئة التي يواجهها النبات، فعلى سبيل المثال إذا كانت البراعم الجديدة في حالة حسنة ولكن الجذور في حالة سيئة ( مثلاً في مناخ يكثر فيه الضوء وتقل فيه المياه ) فهذا يعني أن النبات يحتاج إلى جذور أكثر وأقوى· ويتم اتخاذ التدبير اللازم فوراً، لأن نظاماً فذا قد وضع داخل النبات لمواجهة جميع الظروف· وخلايا النبات تزيد من إنتاج الهرمون المسمى بـ أوكسين ، وهذا الهرمون يصل إلى خلايا الجذر ويأمر هذه الخلايا أن تنقسم وتتزايد· وهكذا يتم إنتاج الجذور الجديدة (62)· وأمام جميع هذه المعلومات يجب طرح بعض الأسئلة: من أين تعرف الخلايا التي تنتج هرمون الـ أوكسين أن للنبات جذوراً تحت التربة ويجب أن تطول؟ ومن أين تعلمت معادلات وصيغاً كيماويةً تمكّن من استطالة هذه الجذور؟ ولماذا تنصاع خلايا الجذور لأوامر هذا الهرمون؟ فالتواصل والتخابر اللا إرادي بين خلايا النبات معجزة كبيرة تم تقديمها لأناس يتفكرون ·تولت الهرمونات وظائفها داخل النبات وكأنها مدير مسئول يقوم بإدارة مصنع هذه الأحياء التي لا ترى بالعين المجردة حيث تقوم بحل المشاكل المعقدة بمهارة فائقة مثل: من وإلى أين ينقل السكر ؟ وأيي من الأوراق قد شاخت واستحقت السقوط ، وأيي منها في حاجة إلى التغذية ؟ وإلى أي مدى سوف تنمو الأغصان ؟ ومتى يكون وقت الإزهار· إن الهرمون المسمى بـ Gibberellin هو الذي يقوم بالإشراف على استطالة الأغصان وهو أيضا من بين الهرمونات الخمسين المهمة· أما الهرمون المسمى بـ Sitokinin فيؤثر في منطقة أبعد بكثير من أوكسين· فهو يؤثر في براعم النبات في حين الـ أوكسين يؤثر في الجذور· ويعتقد أن هذا الهورون مسئول أيضا عن شكل البراعم (63)· وهنا يجب التفكر مرة أخرى، فالجزيء الذي هو بلا شعور، وأنتجته خلايا نبات لا شعور فيه يعتبر مسئولا عن إنتاج البراعم التى قد خلقت بحكمة غير محدودة· و أهم الخصائص المبهرة لهذه الهرمونات التي تدير كل مراحل التمثيل الضوئي هو تصرف هذه الهرمونات بعقل ووعي وكأنها تتلقى الأمر من مصدر واحد، على الرغم من أنها ليست مرتبطة بأي نظام مركزي· معجزة الأوكسينبذرة صغيرة ملقاة على التربة تصبح شتلة بعد عدة سنين ثم شجرة بطول الإنسان، وبعد عشرات السنين تكون شجرة دلب ضخمة· حسناً ما الذي يمكّن النبات من النمو وفي الوقت نفسه يطوره في تناسق وجمال؟ إن مسؤولية نمو نبات لا يملك وعياً ولا شعوراً قد أعطيت إلى هرمون أوكسين وهو كائن آخر بلا وعي· ولذلك يوجد أوكسين بكمية أكثر في مناطق النبات النامية ويتحرك بصورة تدل على وعي وادراك مذهلين· فالأوكسين يحقق النمو بتوجيه الأغصان إلى أعلى نحو الضوء وضد جاذبية الأرض Fototropism ، أما الجذور فتتجه إلى أسفل باتجاه جاذبية الأرض فتقاسم الخلية وتوزيع الخلايا وقيامها بالتغيرات حسب الوظائف الخاصة ونمو الفاكهة وتكوّن الجذور من المناطق، وتساقط الورقة، جميعها من مسئوليات هذا الهرمون ( هرمون الأوكسين ) الذي يلعب دور المفتاح من جوانب عديدة في نمو النبات بحيث أصبح موضع اهتمام الباحثين من حيث تكوينه السري· يحاول الباحثون اكتشاف ما الذي يراقب عمل هذا الهرمون الذي يعمل وكأنه مركز للقرار في نمو النبات ويراقب أيضا إلى أي جهة وبأي مقدار سوف يتطور هذا النبات· إلا أن هؤلاء العلماء قد واجهتهم مشكلة لم يجدوا لها حلاً· وهناك سؤال آخر وهو: لماذا تنقاد أجزاء النبات إلى ما تأمر به هذه المادة ؟ في الحقيقة إن هذا الذي يحدث داخل النبات والذي لا يوجد إلا في جيش منظم ما هو إلا دليل على حقيقة واحدة، وهي أن النبات من ورقته حتى جذوره قد انقاد لخالقه مثل باقي الأحياء· وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة قائلاً:وَللهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ الرعد :15 إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . هود :56
ألوان الخريفعندما يأتي الخريف نشاهد حدثاً طريفاً· فأوراق الأشجار الخضراء تغير ألوانها خلال عدة أيام وبعد وقت قصير تتساقط كل الأوراق فتتعرى أغصان الشجرة· وتعدّ الشجرة ميتة حتى تبعث مجدداً في الربيع، لأنها قد خفضت جميع وظائفها الحياتية إلى أدنى حد· إن تساقط الأوراق التي تذكّر الإنسان بالموت هو أيضا دليل على البعث بعد الموت كما ورد في القرآن الكريم وهو تحوّل تتحقق فيه العديد من الأحداث الإعجازية الكثيرة· قد أعلم الله بذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذِلكَ تُخْرَجُونَ . الروم :19 وقبل أن تموت الورقة من الشجرة وتسقط تمر بمراحل مختلفة· حيث