أبوخالد سليمان عضو نشيط
عدد الرسائل : 187 العمر : 62 Localisation : الرباط . : النقاط المكتسبة من طرف العضو : 6214 خاصية الشكر : 0 تاريخ التسجيل : 27/04/2008
| موضوع: /8/ج1/: عن صحيح شرع الله بشأن التراجع عن الطلاق الملفوظ الثلاثاء 29 أبريل 2008, 16:55 | |
| الرباط في : 29-04-2008
إلى أهل القرآن حدث القرن21 بامتياز ******هام جدا وجاد جدا******
عن صحيح شرع الله في مسألة الطلاق الملفوظ باليمين أو بدونه الجزء الأول (لاتنس أن تقرأ الجزء الثاني)
يقول الرأي الفقهي أن الحلف باليمين على الطلاق لا يوقعه لما يكون الحالف في غير كامل وعيه حين النطق به بسبب الغضب والتوتر، ولا يلزمه في هذه الحالة إلا كفارة الحنث بالحلف ؛ وأنه يوقعه في حالة العكس لما ينطق به وهو في كامل وعيه وأنه واقع بمجرد النطق به ولا يبقى إلا توثيقه بالإجراءات القانونية الشرعية. وتقول الحقيقة أن هذه الفتوى باطلة بالتمام والكمال . وهذا البطلان أقول به على أساس ثماني حجج دامغة ثاقبة معلومة كلها لدى الفقهاء والعلماء .
الدليل الأول : إستنادا إلى التبرير الفقهي نفسه القائل بشرط الوعي الكامل حين الحلف باليمين .
في مضمون هذه الفتوى نجد إقرار فقهي بأن الطلاق يكون غير واقع بسبب عدم اكتمال الوعي لدى الزوج الحالف وحيث قراره يكون غير صائب في هذه الحالة وفيه الكثير من التسرع . هذا قول منطقي لا يرد لأنه يغلب الحالة التي يكون فيها الزوج واعيا بما يقرره ويغلب تباعا الحالة التي يكون فيها صواب قراره كاملا حسب منظوره وموقفه. لكن الذي هو غير منطقي والغريب هو أن لا يؤخذ بهذا المعيار في الطرف الثاني من النازلة. ففي هذا الطرف نجد الزوج المعني في كامل وعيه كذلك ويود التراجع عما قضى به قبلا وكان يظنه من الصواب وصار يراه دون ذلك ويرى في التراجع عنه الصواب الحق الأنفع له ولزوجته ولأبنائه إن كان لهما أبناء ولأهله وأهلها. فحسب ذاك المعيار الفقهي عليهم أن يزنوا الصواب في كلتا الحالتين ثم إقرار الأفضل فيهما. فحالفنا في الحالة الثانية هو في كامل وعيه أيضا ؛ بل هو أوعى مما كان عليه حين النطق بوقوع الطلاق أو النطق بنية إيقاعه. فمعلوم عن عامل الزمن حسمه في منح فرصة التفكير وإعادة التفكير في القضايا التي تعرض على العقل وفرصة إستحضار كل تفاصيلها الفاعلة فيها إيجابيا أو سلبيا ، وفرصة إستحضار كل الخيارات الممكنة لاختيار أفضلها بشأن منهجية تدبيرها وبشأن مسألة القرار النهائي ؛ وحسمه بالتالي في منح الفرصة للوصول إلى أفضل سبيل لتدبيرها وأفضل قرار بشأنه من حيث جودة صوابه ونفعه. وحتى الوعي الذي يراه الرأي الفقهي موجودا في الحالة الأولى هو في الأصل لا يمكن أن يتواجد حين حدوث الظرف السلبي الطارئ الذي يجعل الزوج ينطق بالطلاق والحلف عليه باليمين ؛ فهو حتما يكون غاضبا وحزينا أو مفجعا ومصدوما وذا بصيرة قصيرة يحصرها هذا الظرف السيئ ولا تتخطاه ليبصر باقي التفاصيل الإيجابية منها والسلبية وليقيم الأفضل والأنفع بين قرار الطلاق وبين قرار الصبر واللاطلاق ؛ وهو بذلك في غير كامل وعيه. وإن الحقيقة الثابتة لتقول أن عامل الزمن نافذ مفعوله الطيب في عقول كل الأزواج الذين قرروا الطلاق ورغبوا في التراجع وفي عقول كل الأزواج الذين يقعون في هذا الوضع وفي عقول كل الأزواج الذين سيقعون فيه سواء في حالة الحلف عليه باليمين أو في غيرها. وتقول الحقيقة الثابتة كذلك أنه لا يمكن بالقطع أن يتواجد ذاك الوعي الذي يقول به الرأي الفقهي إلا لدى المصمم المصر مسبقا على الطلاق قبل أي ظرف سلبي طارئ أو بدونه ، والذي لا رجعة لديه عنه ، والذي غالبا ما لا يحتاج إلى الحلف عليه باليمين لتأكيده لدى زوجته ، والذي لا يحتاج إلى إستشارة أهل الفقه في مسألته ولا يحتاج إليهم للإفتاء عليه بضرورة إتمام الإجراءات القانونية الشرعية للطلاق . وباطل إذا ذاك الحكم الفقهي بشهادة نفس سنده المتمثل في شرط توفر الوعي الكامل لدى الزوج حين النطق بالطلاق .
الدليل الثاني : إستنادا إلى القول الفقهي نفسه القائل بأن الطلاق واقع لا ينقصه إلا الإجراءات الشرعية لتكتمل شرعيته.
يقر أصحاب الفتوى إياها أن الطلاق واقع ولا يبقى على الحالف إلا إثباته بالإجراءات القانونية والشرعية. وإن في قولهم هذا لكثير من التناقض البين. فهم يقرون على أن الطلاق واقع وتحرم به العلاقة بين المعنيين، ويقرون في نفس الوقت أنه ينقصه الإثبات الشرعي . أي أنهم يقرون أن الطلاق الذي حكموا به لا يملك في الأصل الشرعية القانونية الإسلامية المعلومة لديهم والتي يكون إيقاع الزواج أو الطلاق بدونها فعلا حراما. وبالتمعن إذا نجد أنهم قد جعلوا شرع الله في الخلف ، وقدموا عليه قول المرء المعني وأتبعوه قولهم الفقهي لتثبيته وجعلوه قضاء شرعيا باسم شرع الله. قضوا بتأجيل إشهاد الناس وإشهاد الدولة في شخص العدلين والقضاء المدني وإشهاد القضاء الرباني الأعلى وجعلوا هذه الشهادات الجليلة مسألة ثانوية تابعة لما قضوا به قبلا ؛ وحرروا الزوج منها وخولوه أن يقضي في أمر الطلاق بمجرد القول ومتى مشاء ؛ وزادوا على هذا كله بجعل قضائه قضاء مقضيا لا رجعة فيه ولو كان هو نفسه باغضا إياه في الأصل وله في التراجع نفع يراه يقينا وفي ضده أضرار يراها كذلك يقينا وبحجم هائل . قراره الضار له ولأهله وللمجتمع هو يلزمه بهذه القوة ولا مناص له منه بقضاء الرأي الفقهي وحده.
وإنه لمن شرع الله كذلك علاقة بموضوع الخلاف بين الزوجين المؤهل لإيقاع الطلاق بينهما قوله سبحانه في سورة النساء:
ـــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــ " ... ، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن الله كان عليا كبيرا34 وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ، إن الله عليما خبيرا35". ـــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــ
زيادة على ما ذكر من باطل ، فالفقهاء والعلماء قد ألغوا تدخل لجنة التوفيق الأسرية وغيرهم من المرشحين في وسطهما للتدخل بالإيجاب بينهما إصلاحا يلغي حالة الطلاق ، وألغوا تدخل القضاء التوفيقي القبلي ، وألغوا عامل الزمن المعلوم عنه أنه قادر على تهدئة الأعصاب وقلب الآراء والقرارات من وضع اللاصواب إلى وضع الصواب أو من وضع الصواب الناقص إلى وضع الصواب الأفضل منه ؛ علما أنه سبحانه العزيز الحكيم قد قضى بتثبيت مجال تدخل هذا العامل وليقع هذا الإصلاح المربي من خلال مرحلة الوعظ ومرحلة الهجر في المضجع ومرحلة الضرب ومرحلة وساطة الأهل ومرحلة وساطة القضاء.
فباطلة إذا تلك الفتوى الفقهية بشهادة نفس قضائها القائل بأن الطلاق المحلوف عليه باليمين يستلزم الزوج المعني القيام بالإجراءات الشرعية لتكتمل شرعيته .
الدليل الثالث : إستنادا إلى قوله سبحانه على لسان نبيه المصطفى (ص) "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق".
نفهم من قوله سبحانه المذكور أعلاه أن الطلاق المبرر هو حلال وحق للزوج والزوجة معا . وفي مقابل الترخيص بهذا الطلاق الحلال يخبرنا سبحانه بأنه يبغضه داعيا ضمنيا إلى التنازل عنه ومخبرا ضمنيا كذلك بأن التنازل عنه هو أفضل لنا وأقوم . وهذه الدعوة الكريمة وهذا التبشير الجليل نجدهما صريحين في قوله سبحانه في سورة النساء وسورة الطلاق :
ـــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــ "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، وعاشروهن بالمعروف ، وإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا19". س. النساء . "يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ، واتقوا الله ربكم ، لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، وتلك حدود الله ، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا 1 فإن بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ، ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرا 3 ". س. الطلاق . ـــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــ
ويدعونا إذا عز وجل جلاله إلى التسامح والصلح والصبر والمغفرة لبعضنا في العلاقة الزوجية ويعدنا بجزاء تأييده الكريم لنا في مسعانا بهذه النية وبهذا التنازل وبهذا الصبر. وإن أنواع التنازلات العظيمة الممكن للمسلم إنجازها في ظل هذا التحفيز الرباني الكريم ليعنيها سبحانه كلها إلا التنازل على ما تعلق بكفر قائم في السلوك مضر بالطرف الآخر وبالأبناء والمجتمع وبحدة كبيرة يصبح التنازل فيها كفرا . وإن الجزاء الرباني الذي يكون للمتنازل عن حق الطلاق الحلال لهو جد عظيم بقدر عظمة ما يتنازل عنه ويغفره لزوجته ، كالذي يصل به الحال مثلا إلى فقدان صبره عابرا في حين من الزمن يحلف فيه على اعتبار زوجته مطلقة ابتداء من تاريخه ثم يتراجع بعد هذا بعزمه الزيادة في الصبر رحمة بها أو بأبنائه أو بهما معا أو غير هذا مما في نفس الإنسان وطمعا في وعد ربه زيادة. وفقهاؤنا قضوا بالتالي بوجوب وقوع الذي هو أبغض الحلال عند الله ، وبمنع الحالف المتراجع مما يصبو إليه من خير في تراجعه ومن جزاء رباني موعود به. هم قضوا إذا بضد شرع الله كما تلمسناه قبلا ؛ وهنا نجدهم قد قضوا بضد هذه النصيحة الربانية الكريمة الرحيمة وبضد غايته سبحانه المقومة كينونتها بالطاعة له في هذه النصيحة الجليلة .
الدليل الرابع : إستنادا إلى حقيقة وجود كفارة لكل الأيمان .
ـــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــ "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ، واحفظوا أيمانكم ، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون91". س. المائدة . ـــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــ
لم يحرم الله علينا الحلف باليمين لعلمه أننا لن نقدر على أن لا نحلف به سبحانه العزيز الأعز. ولعلمه أننا سنحلف كثيرا وسنخلف الإلتزام بالمحلوف عليه ، فإنه الرحيم ينهانا فقط عن الإكثار من الحلف وعن التعود عليه ليقل حنثنا ، وشرع لنا كفارة فدية لما نقع فيه من حنث تسقط عنا الإلتزام بالمحلوف عليه وتحررنا منه ومن كل ذنب بخصوصه . وكفارة الحنث بالحلف هي واحدة تطبق في كل الحالات التي يحلف فيها المؤمن على شيء ما. وجاءت في حدود إطعام أو كساء عشرة مساكين أو تحرير رقبة أو صيام ثلاثة أيام . ويقول سبحانه في الآية المذكورة أعلاه أن هذه هي كفارة كل الأيمان بدون إستثناء ومهما كانت ماهية المحلوف عليه. وكفارة الحنث بالحلف على وقوع الطلاق أو على نية إيقاع هي بالتالي نفسها هذه الكفارة . فلماذا حذفها الرأي الفقهي ؟ ولماذا حذفها إستثناء في حالة الحلف على الطلاق ؟ لماذا حرموا ما حلله الله ؟ لا جواب موجود !!! وكل تبريرات القائمة عليها الفتوى إياها هي في الأصل تطعن فيها ولا تنصرها كما سبق إظهاره وتوضيحه. وتظل الغرابة تقول أنه لا يعقل أن تسري كفارة الحلف على كل الحالات إلا حالة الحلف على وقوع الطلاق أو على نية إيقاعه.
وسبحانه قد أوجد عموما لكل الذنوب كفارة ثقلها هو بثقل الفعل الحرام المقترف ، وجعل مثلا كفارة من يفطر عمدا نهار شهر رمضان هي صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا إن تعذر الصيام . والحلف باليمين ما هو بفعل حرام ولا يترتب عنه ذنب . والغرابة هي بالتالي أعظم لما نجد مقترف مثلا ذاك الفعل الحرام الثقيل وقبيله موفرة له كفارة يكفر بها عن ذنبه ولا يجد الحالف على وقوع الطلاق أو على نية إيقاعه كفارة تعفيه من الإلتزام بما حلف عليه. والغرابة تعظم لما نعتبر حجم الأضرار والشرور التي تكون مرتكبة من لدن مقترفي الكبائر مثلا دون أن تمنع عنهم الكفارة رغم ذلك ؛ ولما نعتبر في المقابل حجم أضرار الطلاق الكثيرة والعظيمة التي لم تقع بعد والفتوى الفقهية إياها تحكم بوجوب وقوعها وإلغاء الحق في الكفارة التي شرعها الله والتي من أفضالها الربانية أن تلغي وقوعها. ولو نصرف أضرار الطلاق الجمة بفعل حرام متضمن لذنب صغير متمثل مثلا في الحلف على نية الإقدام على سب شخص ما إنتقاما بالحق ، فهل يلزموه سب الشخص لو ود التراجع والتنازل عن حقه في هذا الإنتقام ؟ هل يلزموه ذلك بدعوى أنه أقسم على ذلك باليمين وهو واعي ؟ بكل تأكيد سيجيبون أنه لا يعقل أن يلزموه سب الغير ولو حلف ، لأن الإسلام لا يجيز أبدا كل ما هو سلبي وضار للذات وللآخرين عموما وخاصة إذا كان موشوما ببعض من الظلم أو بكثير منه. وبمثل جوابهم هذا الأكيد يجيبهم كل ذي عقل سليم مبطلا به فتواهم الظالمة في حق الله وفي حق عباده الثقلين المؤمنين .
الدليل الخامس : إستنادا إلى حرمان المساكين من فدية كفارة اليمين .
نعلم جميعا أن الله لا يخلق شيئا عبثا ولا يقضي بشيء عبثا وأنه في كل خلقه وقضائه حكم وغايات هي حصرا لصالحنا نحن البشر ونفعية لنا بالمطلق . ولنا أن نتمعن في مضمون كفارة الحنث باليمين مقارنة مع غيرها، ككفارة إفطار يوم من شهر رمضان نهارا عمدا. فسبحانه قد سبق إطعام المساكين في كفارة الحنث باليمين وأخرها في كل الكفارات الأخرى . ومن الملاحظ كذلك أن صوم يوم واحد في الحالة الأولى جعله سبحانه يعادل إطعام أكثر من ثلاثة مساكين وفي الحالة الثانية الشاملة هو يوافق إطعام مسكين واحد . والكفارة الغالب وقوعها هي كفارة الحنث باليمين وليس غيرها. والكفارات الأخرى القليل وقوعها قلما يعجز فيها المعنيون عن الصيام وقلما تفضي إذا إلى إطعام المساكين . ويتبين بالتالي أن كلا الإختلافين الموجودين على مستوى كفارة الحنث باليمين هما يصبان في مصلحة المساكين . زاد سبحانه في عدد الوجبات الغذائية الموجهة إليهم وسبق الكفارة بفدية الإطعام على فدية الصيام . ولئن حرم سبحانه إقتراف الفعل الحرام الذي يوقع الحاجة إلى باقي الكفارات فهو سبحانه قد شرع كفارة الحنث باليمين بشأن الفعل الحلال الكثير الذي ننوي القيام به ونحلف على ذلك من أجل تأكيده ولا نفي بهما . ولله إذا غاية عظيمة لما شرع كفارة الحنث باليمين ومتمثلة في تمكين المساكين من باب دائم يأتيهم منه بعضا من الطعام والكسوة . وأما الفقهاء والعلماء فهم قد قضوا من خلال تلك الفتوى إياها بضد هذه الغاية الجليلة إضرارا كذلك بالفقراء والمساكين المعنيين بها. وباطلة إذا هذه الفتوى كذلك بسند هذه الحجة البينة .
الدليل السادس : إستنادا إلى التعارض التام مع منطق دين الإسلام ومنطق كل ذي عقل سليم .
نعلم جميعا ويعلم فقهاؤنا وعلماؤنا الأجلاء أن كل منطق دين الإسلام لا يخالف منطق العقل في شيء إلا ما غاب بيان منطقه . لكن الفتوى التي هي بين أيدينا تنطق باللامنطق البين للكل باسم شرع الله في دين الإسلام وهي بذلك تشوه سمعته ولا تنصره في شيء .
فهذه الفتوى تملي بوجوب إيقاع الضرر وبوجوب رد النفع والتنازل عنه. وهي تملي بوجوب إيقاع الضرر على الزوج المعني نفسه وزوجته وأبنائهما وأهليهما والمجتمع كله. تملي بأن يتسبب هذا الزوج بنفسه لنفسه في الضرر وضد رغبته وضد رغبة كل الأطراف المذكورين وضد ما يحبه الله وينصح به ويطمع فيه. تملي بهذا كله على من هو أصلا مستنجد لكي يتخلص منه. تملي بأن يكون المستنجد ظالما في حق نفسه بالإكراه وفي حق الغير كذلك. ومن سعى في جزاء الله ووعده وأحب طاعته في عدم ارتكاب ما يبغضه وله كل المبررات المحللة للطلاق التي جعلته يحلف على وقوعه في وقت سابق لتراجعه وحيث قدر الجزاء هو بقدر عظمة تنازله ، فهي تملي بأن لا يقع هذا ولا يكون . وهذا كله فقط لأنه حلف على وقوع الطلاق أو على نية إيقاعه وهو في كامل وعيه ، وفقط أيضا لأن هذه حالة استثنائية يمنع فيها التراجع وتلغى فيها الكفارة . حالة استثنائية وحيدة خلقها الرأي الفقهي ضدا في الله سبحانه الذي جعل لكل الخطايا كفارة مهما كان قدر خبثها وكفرها ولم يخلق قط أي إستثناء حتى بشأن أكبرها ، وعلما أن الأمر في الحالة التي بين أيدينا لا خطية فيها ولا خبث ولا كفر ولا ذنب وإنما فيها رغبة عظيمة لإرضاء الخالق سبحانه ونيل جزائه الموعود وإرضاء النفس تباعا والزوجة والأبناء والأهل والمجتمع . ولو نشبه هذا اللامنطق للزيادة في التوضيح ، ونعتبر أن الحالف هو يستنجد بالرأي الفقهي كي لا يرمي بنفسه وبزوجته وبأبنائه في بحر من المشاكل والمتاعب والأضرار بسبب الطلاق وليجنب كذلك أهليهما والمجتمع الكثير منها ، فهو قد قضى وباسم شرع الله بأنه عليه شرعا أن يفعل ذلك كله . فمن من البشر ومن الجن كذلك يقبل هذا المنطق الغريب ؟ لا أحد منهما بطبيعة الحال إلا الشيطان الغرور الملعون ومن ألقى على بصائرهم غشاوة سميكة تجعلهم يرون الحق باطلا والباطل حقا وهم لا يشعرون .
جمال اضريف ، بلقب "أبوخالد سليمان". الرباط في : 29-04-2008 . | |
|