موضوع: أمير المؤمنين يترأس درسا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الثلاثاء 25 سبتمبر 2007, 07:01
ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، مساء امس الاثنين بالقصر الملكي بالدار البيضاء، درسا دينيا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية
وقد ألقى درس امس بين يدي أمير المؤمنين، الأستاذ أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، تناول فيه بالدرس والتحليل "مفهوم الواجب في الإسلام، مقتضياته التشريعية وتطلباته الحكمية" انطلاقا من قوله تعالى "وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يات بخير هل يستوي هو ومن يامر بالعدل وهو على صراط مستقيم" إلى آخر الآية76 من سورة النحل.
واستهل الأستاذ أحمد عبادي درسه بالحديث عن الأهمية الخاصة التي بات اليوم يحظى بها مفهوم الواجب في المحافل الدولية وحلقات النقاش النظمي والاقتصادي والحقوقي.
ولأن الواجبات لها مركزية في الاعتقاد والتطبيق الإسلاميين، يضيف الأستاذ عبادي، فإن لغة وبنية الواجبات تطورت في الشريعة الإسلامية، وهما إلى حد بعيد أكثر تركيبا من الإحالات البسيطة إلى الواجبات التي نراها في الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، موضحا أن الشريعة الإسلامية عبارة عن مخطط عمل اجتماعي عقلاني المعنى لكل أفعال المسلمين والتي قد أطر مجملها من مدخل الواجب.
وسجل المحاضر أن الآية موضوع الدرس تبرز فيها مقومات الواجب الثلاث وهي القدرة (فهمية ومادية) والإرادة والإنجاز، مضيفا أن هذه الآية من سورة النحل التي سماها عز وجل كذلك إشارة إلى التناسق في مجتمع النحل في قيامه بواجبه واتباعه وحيه.
وأشار إلى أن مفهوم الوحي في كتاب الله عز وجل يبرز مفهوما عاما للكائنات كلها عاقلها وغير عاقلها، بينما يبرز الإنسان في القرآن المجيد باعتباره الجسر الكوني المتفاعل الذي يعبر منه الوحي إلى التاريخ وإلى الزمان والمكان.
وأضاف المحاضر أن الله عز وجل يبين أن الكائنات كلها تولد ووحيها معها، لكن حين يصل السياق إلى الإنسان فإنه يكون المسؤول على إدخال وحيه في مجاله.
وذكر الأستاذ أحمد عبادي أن الواجب لغة هو الثبوت والإلزام واللزوم والموجبة من الأعمال هي الحسنة الكبيرة التي توجب الثواب العميم والسيئة الكبيرة التي توجب العقاب العظيم.
وأوضح أن الواجب لابد له من عناصر خمسة تتمثل أولا في أن الإنسان قد زود بالعقل الذي يعد المقوم الأول للقيام بالواجب، وثانيا المواءمة بين الإنسان والوحي وبين الإنسان والكون، وثالثا القصدية في الخلق، ورابعا المعقولية والوضوح في الكون والوحي والشريعة والعقيدة، وخامسا المسؤولية والمحاسبة.
وتطرق إلى الواجبات المحدد منها وغير المحدد وذلك حسب آراء الفقهاء والعلماء الذين قسموا الواجب كذلك باعتباره مؤقتا ومطلقا وميزوا فيه بين الواجب العيني والواجب الكفائي، مشيرا إلى أن علماء المسلمين في عامتهم قد قسموا الحكم التكليفي إلى خمسة أقسام هي الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام.
وبعدما تحدث عن الكلام البديع للعلماء في الواجبات، تساءل المحاضر عن عدم توظيف هذا الفقه بالشكل الذي ينبغي أن يوظف به من أجل التنظيرات الاستراتيجية لكل الملفات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية من باب تنظيم الواجبات الكفائية المرسلة حتى يقوم كل بالذي عليه.
واستخلص الأستاذ أحمد عبادي أنه من موطن الريادة من لدن أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن جلالته على سنة جده النبي عليه الصلاة والسلام كان سباقا للمكرمات، مضيفا أن جلالة الملك يحض المؤسسات العلمية على العمل، وهو ما يعكسه اهتمام جلالته بالملف التعليمي، وكيف يزرع الشعور بالقيام بالواجب في الناشئة.
وأشار، في هذا السياق، إلى أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أمر المجلس الأعلى للتعليم بالانكباب على ملف كيفية تنمية السلوك المدني حيث يقوم كل بواجباته، وعلى دور المدرسة في تنمية هذا السلوك.
وأضاف أن هذه الأوراش، التي تدل على تنمية السلوك المدني، لتجسيد موفق مبارك للتوق ما بعد الحداثي، أي إيجاد مجتمع الواجب.
وفي هذا الصدد، سجل المحاضر تسلل بعض الطوائف لجر "ناشئتنا أخذا لهم بأزمة الجهل وبالتنظيرات الهدامة، بحيث يأخذونهم من هذا الإحساس بالقيام بالواجب (..) لكي يفسدوا ما أحاط"، مبرزا أن جلالة الملك توفق لسد كل الثغرات المحيطة بالقيام شخصيا بالواجب والحض عليه وفسح المجال للقيام به أمام كل جمعيات المجتمع المدني البانية وسد كل ما يمكن أن تنفذ منه ريح الهدم.
وفي ختام هذا الدرس، تقدم للسلام على أمير المؤمنين الأستاذ أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، كما تقدم للسلام على جلالته عدد من العلماء وهم الأستاذ محمد المامون فاضل البكي داعية من الطريقة المريدية بالسينغال، والأستاذ عبد العزيز سي رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية والناطق بلسان الأسرة التجانية المالكية بالسينغال، والأستاذ محمود منصور سي الخليفة العام للطريقة التجانية بالسينغال، والأستاذ حسين حسن أبكر رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تشاد، والشيخة مريم نياس رئيسة مؤسسة القرآن الكريم بدكار، والأستاذ حسن مكي محمد أحمد عميد مركز البحوث والدراسات الإفريقية بالسودان، والأستاذ عمار الطالبي بجامعة قسطنطينة بالجزائر، والشيخ محمد الحافظ النحوي من علماء موريتانيا، والأستاذ عبد الهادي هو نكانف أستاذ بجامعة جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، والأستاذ ناصر علي حمودة السعدي مدير عام الوعظ والإرشاد بصنعاء (اليمن)، والأستاذ عبد الرحمن سعود إبداح مساعد الأمين العام لشؤون الدعوة والتوجيه الإسلامي بالأردن، والأستاذ صلاح الدين الجعفراوي الأمين العام المساعد للمجلس العالمي للدعوة الإسلامية بألمانيا، والأستاذ بوشتى كساب الكاتب العام للاتحاد الإسلامي بإيطاليا وهو من أفراد الجالية المغربية بهذا البلد، والأستاذ دليل محمد طاهر مسؤول بالمركز الأوروبي الإسلامي ببلجيكا وهو من أفراد الجالية المغربية بالديار البلجيكية، والأستاذ مولاي عبد الله يعيش الكاتب العام لحركة التواصل الإسلامي باسكوندنافيا، والأستاذ إدريس المودن رئيس المجلس الجهوي للديانة الإسلامية بجنوب فرنسا.
كما تقدم للسلام على أمير المؤمنين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق الذي قدم لجلالة الملك المصحف المحمدي المرتل برواية ورش عن نافع وهي الرواية المعتمدة بالمغرب للمقرئ آيت عزيز عمر بن أحمد القزابري وذلك على الأشرطة السمعية وأسطوانة الليزر، وقد أشرفت لجنة علمية مكونة من فقهاء ومقرئين وحفاظ بتتبع تسجيل هذا المصحف المرتل.
أمير المؤمنين يترأس درسا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية