فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في المظاهرات

-فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

"السؤال :

هل من المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة وهل من يموت فيها يعبر شهيداً ؟.

الجواب:

لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج ولكني أرى أنها من أسباب الفتن ومن أسباب الشرور ومن أسباب ظلم بعض الناس والتعدي على بعض الناس بغير حق ولكن الأسباب الشرعية، المكاتبة، والنصيحة، والدَّعوة إلى الخير بالطرق السليمة الطرق التي سلكها أهل العلم وسلكها أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان بالمكاتبة والمشافهة مع الأمير ومع السلطان والاتصال به ، و مناصحته والمكاتبة له دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان".

وقال أيضاً رحمه الله: "فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات ، ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شراً عظيماً على الدُّعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبات بالتي هي أحسن فتنصح الرئيس، والأمير وشيخ القبيلة بهذه الطريقة، لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي ـصلى الله عليه وسلم ـ مكث في مكة 13 سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم، ولا شك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها و مضادتها بكل ممكن، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب ولكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولوطالت المدة أولى به من عمل يضر بالدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله".

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل: لا تجعل العواطف تتحكم في أسلوبك وتصرفاتك وزن الأمور بميزان الشرع والعلماء ورثة الأنبياء، والعالم المذكور الشيخ ابن باز رحمه الله كان أمة بحيث أنه بالإضافة إلى ما قدمه من نشر العلم الصحيح فإنه كان مهتما بأمور الأمة وما كان يرد سائلا إلى درجة أنه لما مات ترك حوالي 7 ملايين ريال سعودي من الديون كلها أنفقت على مسلمين من جميع أنحاء العالم. أخي الفاضل: اعلم أنه كان هناك من هو أفضل مني ومنك: صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين عاشوا على البساطة والفقر ومع ذلك ما ثاروا ولا تظاهروا على الحجاج أو خلفاء بنو أمية. إن البعد عن الله والانغماس في المعاصي وعدم الاهتمام بالعلم والعلماء هو من أسباب تخلف الشعوب، وإني أتحسر كيف أنك لا تعرف من هو الشيخ ابن باز رحمه الله وكيف تتكلم عن رجل قضى حياته كلها في خدمة هذا الدين بشهادة الصديق والعدو، وكان يُناصح أولياء الأمور ملوكا ورؤساء في السعودية وخارجها، بل أعلن بكل صراحة كفر كلا من الخميني والقذافي وبورقيبة عندما أظهروا الكفر البواح. فإذا ناقشنا موضوعا يجب أن نتحلى بالأخلاق الإسلامية العالية السامية والاحترام ونترك الغضب والانفعال والردود العاطفية، فلقد بُعث النبي صلى الله عيه وسلم ليُتمم مكارم الأخلاق، فحري بنا أن نتأسى به ونتخذه أُسوة، فهو الذي كان يمر الشهر والشهران دون أن توقد نار في بيته وكان أكثر طعامه الأسودان: التمر والماء. إننا نريد محاسبة الآخرين ونسينا أنفسنا وشغلتنا البطون عما خُلقنا له: عبادة الله وحده لا شريك له، وذاك لا يتحقق إلا بالعلم الصحيح، خصوصا التعرف على الله جل في علاه بأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، فالعلم نور والجهل عار، ومن يُرد الله به خيرا يُفقهه في الدين كما جاء في الحديث الصحيح، وكلمة: "خير" في الحديث جاءت نكرة والنكرة تُفيد العموم أي: خير الدنيا والآخرة، والذي يُعرض عن آيات الله فإن له معيشة ضنكة و]يُحشر يوم القيامة أعمى، فعلينا بتقوى الله في السر والعلن والإكثار من ذكر هادم اللذات (الموت) وأن كل واحد منا سيُسأل عن نفسه وعن أهله والنظر في ماذا قدمنا لأنفسنا وكيف سنلقى ربنا جل في علاه، والله ولي المتقين والمتكبرين المغرورين بأنفسهم لا مولى لهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته