عبد الحق المريني الوفي و مدرسة المغفور له الحسن الثاني

المغرب : عبد الحق المريني مدرسة المغفور له الحسن الثاني
قدمت دروسا في مجال تثبيت الديموقراطية والمساواة الاجتماعية

قال الأستاذ عبد الحق المريني مدير التشريفات الملكية إن المدرسة الحسنية قدمت للمغاربة دروسا في طلب العلم وفي التحلي بعظيم الصفات والتمسك بالتعاليم الإسلامية الصحيحة والتشبث بالوطنية الحقة وتثبيت دعائم الديمقراطية والمساواة الاجتماعية.وأضاف السيد المريني في مقال بمناسبة الذكرى السادسة لوفاة المغفور له الملك الحسن الثاني تحت عنوان “ماذا تعلمت في مدرسة الحسن الثاني” نشرته جريدة ” الصحراء المغربية” اليوم الأربعاء أن المدرسة الحسنية قدمت أيضا دروسا في اكتساب الحنكة السياسية ورشاد القيادة الوطنية ، وفي سلامة التوجيه والتخطيط وصلاح التدبير والتسيير، وتحدي كل أسباب التخلف والتقهقر وعوارض التقدم والتطور وعوائق إحلال الأمن والسلام.وقال إن “مدرسة الحسن الثاني هي مدرسة قائمة الذات ، مدرسة الحق والوفاء ، مدرسة السلام وبعد النظر وعلو الافاق ، مدرسة الموضوعية والصدق والنزاهة ، مدرسة الإخلاص لله وللوطن ، أدارها أعظم قائد وأعظم أستاذ وأعظم مربي وموجه”.
وقدم الأستاذ المريني ملخصا لمبادئ المدرسة الحسنية كما حللها جلالة المغفور له الحسن الثاني في خطابه السامي أمام أعضاء مجلس النواب في افتتاح دورته الأولى بتاريخ 12 أكتوبر1984 موضحا أن جلالة المغفور له قال “هي مدرسة محمد الخامس رحمة الله عليه ، ومدرسة محمد الخامس كانت مدرسة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، الرسول الداعي والمشرع والسياسي والديبلوماسي .وأضاف أن مبادىء المدرسة الحقيقية والتاريخية للمملكة المغربية تتمثل في اللاتسامح في المقدسات والدين الإسلامي ووحدة المذهب ولغة الضاد والوحدة الترابية والتشبث بالدين الاسلامي والبيعة المتبادلة بين المغرب وملكه .كما تتمثل هذه المبادىء - يضيف الأستاذ المريني- في الحرية المنظمة وليست الحرية الفوضوية وفي عدم التناقض في السياسة الخارجية . إن مدرسة الحسن الثاني - يقول السيد المريني- ليس فيها ابتدائي او ثانوي أو عالي ، بل هي مجموعة قيم كبر فيها المغاربة دون أن ينتبهوا ، ويعايشونها اليوم في بيوتهم وندواتهم ومكانتهم وبين أصدقائهم وذويهم .
وأبرز أن أستاذ هذه المدرسة العظيم وموجهها القائد الحكيم كان رحمه الله متسلحا بجميع أصناف المعرفة الانسانية ، ومتحليا بالأخلاق الفاضلة والشمائل الحميدة ، وقائدا للمسيرات التاريخية ، ومبدعا للابداعات في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والحضارية والدولية ، ومتحديا بسلوكه الواعي ونظرته الشمولية البعيدة وحكمته الصائبة وعبقريته الفذة النافذة في كل أنواع التحديات السافرة والضلالات المضلة الفاشلة .ومن هذه المدرسة الجليلة - يقول الأستاذ المريني- وبقيادة رائدها العظيم انطلقت ” المسيرة الحسنية ” الظافرة المظفرة تستمد أصالتها من تاريخ المغرب المجيد ، وقوتها من النبوغ المغربي الأصيل .وأشار الأستاذ عبد الحق المريني في سياق تعداده لما تعلمه من مدرسة المغفور له الحسن الثاني إلى المثالية والإخلاص في العمل المتواصل الدؤوب والتحلي بالشجاعة الأدبية ومواجهة الأحداث بعزيمة قوية وإرادة لا تلين وأداء الأمانة بكل صدق ونزاهة وتفان وإتقان وكيف تساس الأمور وتعالج جوانبها بكل حنكة وتبصر وموضوعية وعمق في التفكير وكيف يجد لكل مشكل طرأ حلا يرضي الضمير والأخلاق والقانون.كما أشار في السياق ذاته إلى أنه تعلم أيضا طريقة الاجتهاد في حسن التصرف والاداء والتبليغ دون المس بجوهر الأمر أو بالمهام المنوطة به وكيفية التعبير بفصيح العبارة عن مضمون الأفكار المملاة عليه وأن يبلغ لخاصة الناس أو لعامتهم ما أمر أن يبلغه في جمل متزنة ورصينة وعبارات مقتضبة وسليمة .كما تعلم أن يبرز حين يكون من وراء بروزه هدف ومغزى ، وأن ينسحب عندما تدعو الضرورة إلى الانسحاب. وأضاف الأستاذ المريني “تعلمت كيف أتكيف مع الظروف ، وأن أختار أوقات الاستفسار والسؤال، ومواعيد الإخبار والتبليغ . تعلمت أن أكون متسلحا بالإيضاحات اللازمة في كل موضوع أثيره وأناقشه وأحلله” .
وتعلم الأستاذ المريني من مدرسة المغفور له الحسن الثاني أيضا “كيف أتلقى العتاب المشفوع بالحكمة النيرة والموعظة الحسنة” وأن “أسكت حينما يحسن السكوت وأن أعقب حينما يستحب الكلام . تعلمت كيف أحتك بجميع أصناف البشر علا قدرهم أم صغر شأنهم” . وتابع قائلا ” تعلمت أن أقول نعم في موضوع نعم بدون خنوع أو محاباة وأن أقول لا في موضوع لا بكل تجرد وجرأة . تعلمت أن أكون متأدبا ولبقا مع الناس ، لينا في تصرفاتي ورزينا في حركاتي ومتأدبا فيما أتلفظ به مع الناس . تعلمت أن أجيب على كل سؤال يلقى علي في موضوع لاصلة له بمهمتي المحددة : لا أدري “.
وأكد أنه تعلم أيضا أن ” يكتم سر الدولة ولا يفوه به لأي كان. تعلمت ان لا أقول إلا الحق ولو على نفسي وأن أومن بما أقول أو بما أكتب . تعلمت كيف أواجه المواقف الحرجة ومظاهر الخيانة والغدر والخروج عن المشروعية بكل ثبات وهدوء وحزم مفوضا أمري الى الله “.كما تعلم الأستاذ المريني من مدرسة المغفور له الحسن الثاني كيف يبقى متمسكا بعقيدته ومبادئه في مواقف الزلل ومسالك الضلال لا يترك لأي كان أن ينال منها سواء بحد سلاحه، أم بحد قلمه، أو بحد لسانه ، أو بحد سلطته .وأضاف “تعلمت كيف لا أحيد عن الطريق المستقيم في عملي، صامدا في وجه كل النزوات البشرية، والاغراءات الشيطانية . تعلمت كيف أتحدى أولائك الذين يتخذون مهنة لهم الخوض في الماء العكر، ويفترون على الناس الكذب، وماهم بصادقين” .
واستطرد في السياق ذاته قائلا “تعلمت أن أكتم غضبي عندما أواجه السفهاء والجهال من الناس واقول لهم في نفسي : يضيق صدري ولا ينطلق لساني ، مستأنسا بقوله تعالى :” واعرض عن الجاهلين”، “واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ” .ومن بين ما تعلمه الأستاذ عبد الحق المريني من المدرسة الحسنية أيضا “كيف لاتنطوي علي مجاملة المنافقين وحيل المتلاعبين بالقيم ومراوغات المتطفلين . تعلمت كيف أكون المساعد الامين والخديم الوفي المعين في السراء والضراء . تعلمت كيف أخلص لله ولديني ولوطني ولملكي وللمقدسات الدستورية والثوابت الوطنية “.وأضاف أيضا أنه تعلم كيف يعتز بحضارة بلاده العريقة ويدافع عن مجدها الشامخ ويشجع كل مخلد لعظمتها وممجد لنهضتها كما تعلم كيف ينتفع بالدروس الحسنية الوطنية التي تلقيتها من منبعها وعاش أطوارها وسار في ركاب قائد مدرستها العظيم جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله مثواه .وخلص الأستاذ المريني إلى القول إن هذا ” ليس إلا غيضا من فيض وقطرة من بحر ، سجلته ليخلده التاريخ ، وهو الحكم الوحيد النزيه على الذين ولجوا العالم الآخر وتركوا بصماتهم منقوشة على صفحات الخلود”.