من نواميس الفطرة أن الإنسان يمر في حياته من عدة مراحل انتقالية,تتميز كل واحدة عن الأخرى بخصائص عدة ولكل منها حلاوتها ومرارتها
وهده المراحل لا يسري مفعولها على الكائن البشري فقط بل على عامة الكائنات الحية,ولربما ما يعطيها أهمية وشعبية كبيرة عند الإنسان,ليس فقط تلك التغيرات الفيزيولوجية التي تحدثها عليه بل تلك الطرق المتعددة والمختلفة والعجيبة التي يجندها هدا المخلوق العجيب بدوره للتخلص أو التناغم والتفاعل بشكل طبيعي أو غير طبيعي مع هده المراحل.
الهرم
الهرم أو الشيخوخة إحدى هده المراحل, وهي خاتمة كل المراحل, كما أنها المرحلة التي تخلق في قلوب الكثيرين منا( ضعفاء الإيمان) رعبا وخوفا ويحسبون لها ألف حساب وخاصة الجنس الأنثوي,مما يجعلهن يخضعن لعدة عمليات تجميل باهظة الثمن, لكن السؤال الذي يطرح نفسه ها هنا:
ترى هل عمليات التجميل هده تستطيع إرجاع الشباب لتركيبة الداخلية للإنسان؟؟؟؟
وهنا يستحضرني حديث لأسامة بن شريك قال:
" قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى؟؟
قال: نعم, يا عباد الله تداووا فان الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء, إلا داء واحدا
فقالوا: يا رسول الله وما هو؟؟
قال: الهرم"
الهرم مرحلة جد مهمة في حياة كل فرد منا,لأنها تعتبر بمثابة استنتاج عامي أو خلاصة عامية للمراحل السالفة, اد تعتبر هده الأخيرة محطات للتعلم,للتجارب,للملاحظات ثم التطبيق,لكن النتيجة تبقى هي المطلب الأساسي لا مراحل صياغتها أو تكوينها.
وهنا يظهر لنا دور الدين,فالإيمان المتمكن من صاحبه والاعتقاد الجازم الذي لا يدخله ريب أو شك بوجود الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره,يتعايش صاحبه مع هده المراحل بل كل المصائب والمشاكل التي تصيبه في حياته بقلب رحب ,دون أن تخلق لديه صراعات نفسية أو ما يسمى اليوم المرض النفسي الذي تكون غالبا مسبباته الاضطرابات اليومية والفراغ الداخلي وضعف النفس...
الذي ينتهي في غالب الأحيان بإعاقات جسدية وذهنية أو هما معا.
لدا يجب أن نتصور ايجابيات هده المرحلة بقدر ما نتصور سلبياتها.
يقول المتنبي في إحدى روائعه الشعرية في هدا الإطار:
" خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصبا
لفارقت شيبي موجع القلب باكيا"
aicha mogadore
وعلميا
اكتشف العلماء حديثاً مورثة موجودة على شريط الـ DNA داخل خلايا الجسم، هذه المورثة سماها العلماء "التيليمير" وهي عبارة عن شريط له طول محدد ويتحكم بموت الخلايا وهرمهما. ومهمة هذا التيليمير صيانة الحامض النووي DNA بعد كل مرة ينقسم فيها لإنتاج خلايا جديدة.
ولكن هذا التيليمير يصبح أقصر بعد كل انقسام للخلية، وهكذا حتى يبلغ حدوداً حرجة لا يستطيع بعدها الاستمرار بمهامه، وهنا تهرم الخلية وتموت.
وقد حاول العلماء إطالة عمر هذه المورثة الحيوي، فاكتشفوا إنزيماً يسمى تيليميريس يستطيع الحفاظ على مورثة الهرم وإبقاء الخلايا في حالة صحية لفترة أطول.
ولكن كيف يمكن وضع هذا العنصر الجديد في كل خلية والجسم يحوي تريليونات الخلايا؟!
ولكن ظهرت مشكلة جديدة للعلماء وهي أن الخلية عندما تتجاوز عمراً محدداً ولا تموت فإنها تتكاثر بشدة مسببة السرطان الذي يؤدي إلى الموت في النتيجة!
لقد أصبحت المشكلة أكبر في هذه الحالة، ولذلك فإن معظم العلماء يرون أن الشيخوخة والهرم هو أفضل وسيلة للنهاية الطبيعية للإنسان، وإلا فإن أي محاولة لإطالة العمر فوق حدود معينة سيكون لها تأثيرات كثيرة أقلها الإصابة بالسرطان، أعاذنا الله وإياكم منه.
نرى في هذه الصورة رسماً للشريط الوراثي DNA وهذا الشريط يحوي جميع المعلومات حول حياتنا وحتى فيه المعلومات عن موتنا، وضمن هذا الشريط يوجد مورثة الهرم وهي عبارة عن جزء من هذا الشريط مسؤولة عن صيانة شريط ال DNA ولها طول محدد يقصر عند كل انقسام للخلية حتى تبلغ طولاً محدداً عنده تموت الخلية. وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى: (نحن قدّرنا بينكم الموت)، فالموت مقدر ومبرمج ومنظم، هذا ما أخبرنا به القرآن في القرن السابع الميلادي وهذا ما يراه العلماء اليوم في القرن الحادي والعشرين، فسبحان الله!
يقول البروفيسر لي سيلفر من جامعة برينستون الأمريكية: "إن أي محاولة لبلوغ الخلود تسير عكس الطبيعة فالموت ينسجم تماما مع التطور، إذ إننا نورث جيناتنا للأجيال القادمة، وإن لم نمت، فسنظل موجودين نصارع أطفالنا على الحياة، وهذا ليس أمرا جيدا لعملية التطور".
وعند هذه النقطة خرج العلماء بنتيجة ألا وهي أنه لا علاج للهرم في الوقت الحالي، ولكنهم مستمرون في أبحاثهم ومستمرون في إنفاق المليارات لعلاج الهرم وإطالة العمر ولكن دون أي فائدة. وليت هؤلاء العلماء قرأوا حديث النبي الكريم منذ البداية ووفروا على أنفسهم عناء البحث وإنفاق الأموال الطائلة!
يقول النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام: (تداووا يا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاءً إلا داءً واحداً: الهرم) [رواه أحمد]. نسأل الله تعالى أن يجعل القرآن شفاء لنا من كل داء، إنه سميع قريب مجيب