حميد السموني - ترى الحكومة أن إصلاح أنظمة التقاعد سينجز عبر مرحلتين، تستجيب أولاها للحالة الاستعجالية لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، عبر إرساء تعديلات على مستوى مقاييسه، تهم سن الإحالة على التقاعد، ومساهمات الدولة والموظفين، وطريقة احتساب المعاشات. أما المرحلة الثانية من الإصلاح فتتجلى في تفعيل الإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد، من خلال تجميع أنظمة القطاع العام وشبه العام في قطب عمومي واحد، متكون من نظامين أساسي والآخر تكميلي، وتشكيل قطب خاص يغطي بالإضافة إلى أجراء القطاع الخاص فئة غير الأجراء، التي لا تستفيد في الوقت الراهن من أي تغطية.
وتقترح الحكومة، بناء على خطة الإصلاح التي اعتمدت فيها على خلاصات تقارير مكتب دراسات، أسندت له مهمة تشخيص الوضعية مع اقتراح حلول الإصلاح، رفع سن التقاعد إلى 62 سنة، لمواجهة العجز المرتقب في صندوق التقاعد، وإعادة النظر في احتساب سنوات الخدمة العملية، وزيادة نسب الاقتطاعات الشهرية للعاملين.
وتعتقد الحكومة أن أزمة الصناديق قد تتفاقم في السنوات المقبلة، إذا لم يباشر الإصلاح، وقد تهدد الاستقرار المالي لصناديق التقاعد قبل حلول سنة 2020.
وتعتزم الحكومة، خلال سنة 2014، مباشرة إصلاح شامل لأنظمة التقاعد. للتمكن من الحفاظ على سلامة مختلف مكونات أنظمته. ويتوخى الإصلاح ضمان خطة متوازنة ومستدامة للأنظمة على المدى الطويل، والحفاظ على الحقوق المكتسبة إلى غاية تاريخ الإصلاح، والحفاظ على معدل المردودية الاقتصادي، بالرفع من سن الإحالة على التقاعد مع بداية الإصلاح إلى 62 سنة، وتمديدها تدريجيا بـ 6 أشهر سنويا ابتداء من 2016، لبلوغ سن 65 سنة في أفق 2021.
وحسب الخطة الحكومية، فإنه بإمكان المنخرطين الاستفادة، قبل سن الإحالة على التقاعد، من معاش كامل بعد 41 سنة من الانخراط في النظام، دون تطبيق معاملات الخصم، مع الرفع من مساهمة الدولة ومساهمة المنخرطين، كل منهما بنقطتين في 2015 ونقطتين في 2016.
وتشترط الحكومة في الإصلاح أن يكون الأجر المتوسط للثماني سنوات الأخيرة من العمل، كقاعدة لاحتساب المعاش عوض، آخر أجر، بشكل تدريجي على مدى أربع سنوات المقبلة. كما تؤكد الخطة على أهمية مراجعة النسبة السنوية لاحتساب المعاش من 2,5 في المائة إلى 2 في المائة في ما يخص الحقوق المكتسبة، ابتداء من تاريخ الإصلاح، مع الحفاظ على نسبة 2,5 في المائة بالنسبة لجميع الحقوق المكتسبة حتى تاريخ الإصلاح.
وتراهن الحكومة على تقليص ديون النظام من 629 إلى 219 مليار درهم، وتأمل أن يكون، في سنة 2021، احتياطي النظام الاجتماعي الجديد 7 سنوات، مقابل 8 سنوات خلال 2029.
وفي تشخيصها لواقع النظام، أوضحت الدراسة الحكومية أن العجز المتراكم بين 2014 و2022 يناهز 125 مليار درهم، وأن إجمالي الديون الصافية للنظام هي 629 مليار درهم، مشيرة إلى أن أسباب تدهور الوضعية المالية للنظام تتمثل في الانخفاض المتواصل للعامل الديموغرافي من 4 مساهمين لكل متقاعد سنة 2007 إلى 2 في سنة 2016، ليصل 1,45 في أفق سنة 2040، مقابل ارتفاع المدة التي يصرف فيها المعاش نتيجة لارتفاع أمد الحياة.
وكان وزير الاقتصاد والمالية شدد، في ندوة حول الإصلاح، على اهتمام الدولة بصندوق المغربي للتقاعد، من خلال اتخاذ مجموعة من القرارات الحكومية، كلفت الميزانية العامة تحملات مالية مهمة، وعلى ضرورة مواصلة الجهود للمساهمة في مسلسل تحديث الصندوق وتدبير شؤونه، وإيجاد حلول تضامنية ناجعة، لتجاوز هشاشة التوازنات المالية في نظام المعاشات المدنية، معلنا عزم الحكومة على تنفيذ الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية.
يشار إلى أن رساميل صناديق التقاعد تقدر بـ 550 مليار درهم، يوظف بعضها في استثمارات عامة وخاصة، لتحصيل عوائد تتراوح بين 6 في المائة و10 في المائة في المتوسط. كما بينت الدراسة أن ارتفاع عدد المتقاعدين مقابل المستخدمين تراجع خلال 30 سنة الأخيرة، وستصبح النسبة متقاعد واحد مقابل أربعة عمال، من أصل 11 قبل أربعين سنة، إضافة إلى زيادة معدل الحياة من 60 إلى 72 سنة في عقدين من الزمن.
يذكر أن المركزيات النقابية ترفض تعديل سن التقاعد، وتعتبره مكسبا للطبقة العاملة على مدى عقود من النضال.