م يفتأ جلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، يولي القضية الفلسطينية اهتماما خاصا، وهو ما يتجسد في الدور الرائد الذي يضطلع به جلالته على رأس لجنة القدس التي تتمثل مهمتها في حماية القدس الشريف ودعم المقدسيين في مواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
دور ريادي ومبادرات خلاقة لا تخطئها العين، سواء من خلال المشاريع الخلاقة التي لم يتوان جلالته في إطلاقها لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان مدينة القدس الشريف، أو من خلال جهود جلالته المتواصلة التي يقوم بها كرئيس للجنة القدس واتصالاته العديدة مع رؤساء الدول والأطراف المعنية بهذه القضية ومشاوراته المنتظمة مع الرئيس الفلسطيني وأعضاء لجنة القدس الشريف من أجل مواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الوضع القانوني للمدينة المقدسة وطمس معالمها التاريخية والروحية والبشرية.
دور بارز، يتجسد في حرص جلالة الملك، الدائم على دق ناقوس الخطر ودعوته مختلف الأطراف ذات الصلة إلى إيلاء العناية اللازمة للشأن المقدسي، من قبيل تنبيه منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) إلى ضرورة إيجاد أفضل السبل لتنفيذ قرارات المنظمة بشأن رعاية الموروث الإنساني والحضاري العالمي المتمثل في مدينة القدس وحماية الوضع التعليمي والسكاني والثقافي بها.
ولم تقتصر جهود جلالته على التحركات الدبلوماسية ومساعيه لدى قادة الدول العظمى والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، كلما دعت الضرورة إلى ذلك، بل شملت تكثيف الاتصالات مع كل من الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة باعتباره المؤتمن على تنفيذ القرارات الأممية واحترام الشرعية الدولية ورئيس الاتحاد الأوروبي بالنظر للدور الفاعل الذي يقوم به الاتحاد داخل اللجنة الرباعية الدولية، فضلا عن بابا الفاتيكان لما له من مكانة روحية واهتمام بالسلام وكذا حرصه على المقدسات المسيحية بالقدس وعلى التعايش بين مختلف الأديان.
كما لم يفتأ جلالة الملك، في كل خطبه في القمم العربية والإسلامية، إلى التنبيه إلى خطورة مواصلة إسرائيل لتنفيذ مخططاتها وما لذلك من آثار وخيمة على أسس السلام، داعيا إلى بلورة إستراتيجية شاملة في إطار من التناسق والتكامل بين العمل العربي والإسلامي المشترك من خلال تعبئة كل الوسائل والإمكانات والقدرات من أجل الدفاع عن هذه المدينة السليبة.
وحرص جلالة الملك أيضا على دعوة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لبذل كافة مساعيها لحمل إسرائيل على وقف جميع الممارسات المنافية للقرارات والمواثيق الدولية ذات الصلة، محذرا من أن المخطط التوسعي الإسرائيلي سيزيد من حدة التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة بل قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لا يمكن التكهن بنتائجها في ظل الأوضاع العامة التي تعيشها المنطقة برمتها، مما سيفضي لا محالة إلى تقويض كل فرص السلام في المنطقة.
وبالموازاة مع المواقف الثابتة لنصرة الحق الفلسطيني والمساعي الدبلوماسية الحثيثة لجلالة الملك، رئيس لجنة القدس، تواصل وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع الميداني والعملي للجنة القدس، بإشراف مباشر من جلالته، إنجاز مشاريع ومنشآت سكنية واجتماعية في القدس المحتلة، تتعلق، بالخصوص، بتأهيل مساكن الفقراء والمهمشين ببيت المقدس وتجهيز وبناء المدارس وتوفير المنح للطلبة واقتناء سيارات إسعاف وتجهيز وترميم وبناء مراكز اجتماعية وثقافية وترميم المساجد.
ويبرز تدخل وكالة بيت مال القدس أيضا في المحافظة على أوقاف المغاربة بالقدس الشريف خاصة منها ذات البعد الاجتماعي لتمكين أهل القدس الشريف من العيش الكريم والاستقرار.
حرص ملكي أكيد، ووعي مغربي ثابت بالمكانة الدينية للقدس باعتبارها مسرى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، تجسد من خلال التضحيات الكبيرة والسخية التي قدمها الشعب المغربي، للشعب الفلسطيني عبر سنين طويلة وفي مختلف الحقول والميادين.
فعلاقة المغاربة بالقدس عبر التاريخ، راسخة ووطيدة تعود لغابر السنين. إذ تؤكد مراجع تاريخية، أن مغاربة كثر رحلوا لهذه المدينة، من أجل الجوار وطلب العلم ، وقد استقر بعضهم لأداء مهام إدارية وقضائية وتعليمية وللذود عن حماها ضد كل المعتدين.
كما كان المغرب، حاضرا بأسطوله الزاخر، وجنوده البواسل، فكانت لهم مكانة لدى السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي كافأهم بأوقاف خاصة اشتهرت تباعا ب"حارة المغاربة"، التي تعد من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس الشريف.
منقول