كان محمد الرايس شاهدا على ولادة القوات المسلحة الملكية وشارك كذلك في المحاولة الانقلابية لسنة 1972. قضى 18 سنة في معتقل تازمامارت بعدما ذاق مرارة السجن في معتقلات الاحتلال الفرنسي في وقت سابق.
- كنت ضمن أول فوج من القوات المسلحة الملكية. في أي ظروف التحقت بها؟
< قمت بذلك بشكل طبيعي تقريبا. كنا لا نزال في 1956 نعيش على إيقاع فرحة باستقلال مكتسب حديثا. شرع الشباب المغربي في تعويض أطر الإدارة الاستعمارية الفرنسية، وكان هناك عمل للجميع. اخترت القوات المسلحة الملكية وتلقيت تكويني العسكري بمدرسة هرمومو. أتذكر أن حميدو العنيكري، على سبيل المثال، كان ضمن ذلك الفوج الأول من نوعه.
- من الذي كان يتكفل بالتكوين؟ هل كان هناك مكونون مغاربة في تلك الفترة؟
< لا، بل كان الفرنسيون يتكفلون بتكويننا. لم نكن نتوفر في تلك الفترة على أطر قادرة على التفكير ومن ثمة تشكيل قوات نظامية. وعليه، عقد اتفاق مع الفرنسيين ليكونوا معنا في تأسيس جيشنا. لم تر القوات المسلحة الملكية النور إلا في 14 مارس 1956 وتشكلت نواتها الرئيسية من أشخاص متواضعين ثقافيا.
- وأين ذهبت بعد مرحلة التكوين؟
< قضيت في كلميم ستة أشهر مع أحمد الدليمي باعتباره رئيسي المباشر قبل أن أرجع إلى هرمومو كمدرس. وبقيت هناك إلى حين توقيفي عقب الانقلاب، كنت سعيدا في هرمومو إذ أحببت مجموعة من التلاميذ الذين كانوا مهتمين بأكثر من لقب.. على عكس ما نعتقده عنهم في هذه الفترة.
- باعتبارك إطارا مغربيا، هل تمكنت الأطر المغربية من ملء الفراغ الذي تركه الفرنسيون عقب رحيلهم؟
< التحقنا بمدرسة هرمومو سنة 1958، وعوض إدريس بن عمر الفرنسي الذي كان على رأس المدرسة. كنا نبدي تفاؤلا كبيرا بخصوص مستقبل بلدنا؛ كنا نظن أن ديمقراطية حقيقية ستترسخ في بلادنا، لكن كانت هناك عنصرية وزبونية في دواليب القوات وخارجها.
- الرشوة إذن، ظاهرة قديمة داخل القوات المسلحة الملكية؟
< كان لدينا رئيس طلب منه استدعاء 120 شخصا من جهة الغرب، غير أنه فضل البحث عن أمازيغ في منطقة أيت سغروشن. رئيس آخر، جبلي هذه المرة، لم يكن يشغل سوى المنحدرين من منطقته. وخارج الثكنات العسكرية كانت الأحزاب السياسية تشن حربا بلا هوادة على القوات المسلحة الملكية؛ رفض جيش التحرير الاندماج في القوات النظامية بدعوى الرغبة في تحرير سبتة ومليلية وإفني، وهو ما كان يتعارض مع مخططات المخزن. بعد ذلك، صار محاربو جيش التحرير مجبرين على الاندماج في القوات المسلحة الملكية، ودفع قائدهم عباس مساعدي حياته ثمنا لرفضه.
- شاركت في حرب الرمال بين المغرب والجزائر سنة 1963. ما كان دورك في ذلك الصراع؟
< كنا في الخلف مسؤولين عن قاذفات القنابل. كانت المواجهات عنيفة في منطقة تاكونيت. كان بإمكان القوات المسلحة الملكية أن تجتاح الجزائر بكل سهولة. كان الجنرال أبروك يرسل تلغرامات تقول إن مدينة وهران صارت على بعد أميال ويطلب الإذن بدخولها، غير أن الحسن الثاني كان رشيدا عندما أجابه بأن الهدف يتمثل في استعادة حقوق وليس في استعمار جار.
- متى أحسست بأن انقلابا يُعد داخل الجيش؟ من كان أول المبادرين إلى تلك الفكرة؟
< ليست هناك حقيقة في هذا الموضوع. الضباط في بلدان الشرق الأوسط كانوا متأثرين بالفكر القومي، وكان يُتحكم فيهم بواسطة المكتب الثاني. اتبعوا ضابطا عنيدا يسمى رمضان المانوزي، شقيق الحسين المانوزي المختفي الذي لم يعرف مصيره إلى حدود اليوم. لم ينجح أوفقير في التخلص منه إلا خلال انقلاب الصخيرات. وفي الواقع، فقد تم إعدامه دون أن يشارك في المحاولة الانقلابية. لم تكن هناك دوافع حقيقية للانقلاب ولم تكن للقادة البرجوازيين أي رغبة في التخلص من الملك.
منقول