لنواصر(و م ع) ـ تفعيلا لمقتضيات الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي الذي تم إطلاقه في فبراير 2009، انخرط المغرب في إرساء العديد من المحطات الصناعية المندمجة في مختلف جهات المملكة، وذلك بغية تقديم عرض تنافسي يستجيب لحاجيات المستثمرين المغاربة والأجانب، ويوفر الآلاف من مناصب الشغل.
ويتوخى برنامج المحطات الصناعية المندمجة، الذي يشكل أحد أبرز مكونات مخطط "إقلاع" إقامة شبكة تضم 22 منطقة صناعية مندمجة تدريجيا، تتوزع على قطاعات واعدة من قبيل صناعة السيارات، وصناعة أجهزة الطائرات، والإلكترونيك وتطوير وتنمية قطاع النسيج والجلد، وذلك في أفق وضع أسس اقتصاد وطني قوي قادر على استقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
وتشكل المحطة الصناعية المندمجة للنواصر "ميدبارك"، التي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينها أمس الاثنين، واحدة من هذه المحطات المندمجة من الجيل الجديد، وهي متخصصة في مجال صناعة الطيران، والأمن، والإلكترونيك، والمواد المركبة، واللوجيستيك الصناعي، وعدة أنشطة أخرى مرتبطة بها.
ويعكس تدشين جلالة الملك للمحطة الصناعية المندمجة للنواصر "ميدبارك"، وإعطاء جلالته انطلاق أشغال مصنع شركة "بومبارديي" الكندية بالمغرب، الالتزام الملكي الراسخ بدعم الاستثمار في القطاع الصناعي وتثمين الإمكانيات الاقتصادية الكثيرة التي تزخر بها المملكة.
كما يشكل تدشين جلالة الملك لهذه المحطة تكريسا لمضامين الخطاب السامي الذي وجهه جلالته للأمة بمناسبة الذكرى الرابعة عشر لاعتلاء جلالته العرش، والذي أبرز فيه جلالته النتائج الإيجابية لمخطط إقلاع، التي تشجع على الاستمرار في نفس النهج، داعيا الحكومة إلى "توفير الظروف الملائمة لتنويع وتوسيع نسيجنا الصناعي، وذلك وفق سياسة إرادوية، تقوي الشراكة بين القطاعين العام والخاص".
وبالفعل، فإن المحطات الصناعية المندمجة التي تم إطلاق العديد منها، من قبيل، محطة "ميدبارك" بالنواصر، و المحطة الصناعية المندمجة للقنيطرة "أطلانتيك فري زون"، والمحطة الصناعية المندمجة "تطوان شور"، توفر فرصا للاستثمار في العديد من القطاعات الواعدة بمزايا كثيرة من شأنها تنويع عرض المغرب وتعزيز جاذبيته، وهو ما يبرز بالفعل استقرار العديد من المجموعات العالمية بالمملكة، وخاصة منها الفاعلة في مجال صناعة الطيران والسيارات.
وعلى سبيل المثال، هناك المحطة الصناعية المندمجة للنواصر "ميدبارك"، التي تتطلع إلى إنشاء قاعدة صناعية للطيران والأنشطة ذات الصلة، وتوفر مزايا قربها من مطار محمد الخامس وميناء الدار البيضاء، ستولد على المدى البعيد 4 ملايير من الاستثمارات الصناعية مع إحداث أزيد من 12 ألف منصب شغل مباشر.
من جهتها، تسعى المحطة الصناعية المندمجة للقنيطرة "أطلانتيك فري زون" (المنطقة الحرة الأطلسية)، التي أعطيت انطلاقة أشغالها سنة 2009، إلى التخصص في مجال صناعة تجهيزات السيارات إلى جانب مجموعة من الأنشطة المرتبطة بها والموجهة أساسا للتصدير.
كما تراهن هذه المحطة التي ستجلب عند استكمالها عشرة ملايير درهم من الاستثمارات الصناعية، على خلق 30 ألف منصب شغل منها 20 ألف منصب مباشر. وتوفر للمقاولات المستقرة بها مجموعة من التسهيلات والمحفزات الجبائية ، والدعم المادي، وكذا تكلفة إنتاج جد تنافسية مقارنة مع ما هو معمول به دوليا.
أما المحطة الصناعية المندمجة "تطوان شور" التي أعطيت انطلاقة أشغالها في يونيو 2010، فهي تهم أنشطة ترحيل الخدمات (الأوفشورينغ)، وستمكن من خلق 10 آلاف منصب شغل. وتسعى هذه المحطة إلى أن تشكل بديلا مناسبا يتمتع بمزايا القرب بالنسبة لقطاع ترحيل الخدمات في أوروبا، وكذا دعامة للنسيج الصناعي بجهة تطوان-طنجة، ولاسيما في مجال الخدمات.
وهكذا، فإن المحطات الصناعية المندمجة تشكل إضافة نوعية لمختلف الأوراش التكنولوجية التي فتحها المغرب في ظل سياق دولي يتميز بتحولات عميقة اقتصادية وتكنولوجية واجتماعية، وتنزيلا فعليا للميثاق الوطني للإقلاع الصناعي الذي يروم تحسين المناخ المرتبط بمجال المال والأعمال، وتحسين تنافسية المقاولات، إلى جانب ملاءمة التكوين لحاجيات سوق الشغل.
ولا شك أنه بفضل هذه الأرضيات النموذجية التي يشهد إنجازها وتيرة متسارعة، يكون المغرب قد انتقل إلى مرحلة متقدمة جدا في مسلسل تفعيل استراتيجيته الصناعية، سعيا منه إلى الرقي بأداء اقتصاده وتعزيز تنافسيته، وذلك في أفق الظفر بمكانة مركزية ضمن أبرز الاقتصادات الصاعدة على المستوى العالمي.
منقول