قصة لستُ نادمة ..!!*
هي قصة حقيقية من الواقع المُعاش .. نتمنى المشاركة في أيجاد عنوان جميل مُستوحى من قراءتكم .. كما لا تنسوني من توجيهم ونقدكم .. ومن دعائكم .. والله معكم يوفقكم كما تشاؤون .صمت كئيب خيّم على المكان ، لمْ أكدْ اسمع غير صوت منقار الطير وهو يقرع أرض القفص ، يُحاول أن يلتقط حَبّ القمح .. والسماء داكنة شبه غائبة .. بيتنا ذا النظام المعماري القديم ، كأنه يغوص في أعماق الظلمة بين بُويتات الحارة ذي الأشكال المِعْمارية المُتناسقة .
فجأة دخل رجل طويل القامة ، مُرتدياً ثوباً خُمرياً ، يده مَعْقوفة على ظهره .. حدستُ أنه أبي .. كان من عادة أبي حينما يتكلّم يكون حديثه خليط بالعامية الدارجة وبلغةٍ عربيةٍ راقيه لها رنّة في لحن صوته ، يُعجبني صوته وهو يتكلّم أو قُل يتفلسف بلحن صوته المُميز .. نادى بأعلى صوته :
- هاديه .. هادية .. أين أنتِ بُنيّتي .. " كان صوته رقيقاً ولطيف ، صوتاً موسيقياً جذاب "
كان يُدلّعني . وصِرتُ غاوية هذا الدَّلَع الأبوي الراقي .. أشعر بدفء حنانه .. وعذوبة كلماته ، وهي تخرج من بين أسنانه البارزة .. أرتاح إلى عِبَارات تخرج من حنجرته بسلاسة ورزانة ، يتحدث بلغة عربية رصينة :
وقفَ بُرهة يُحدّث نفسه :
- تُرى أين ذهبتْ .. كيف تخرج ولم تُخبرني .. !
اندفع يُفتش عني .. في أرجاء البيت .. ونادى .. هادية .. أين أنتِ ..؟ أين تكونين ..؟! حبيبتي . تكلّمي ..!
حين لم يجد من يردّ عليه ، توقّف ، وقد اكفهّر وَجْهه .. وقال في بُؤس كأنه يُحدّث نفسه :
- إنّكِ لا تعرفين قدرك عندي .. فأنتِ غالية على نفسي .. وهادية بروحك الطاهرة .. كل الذين جاؤوا قبلك لم يُكتب لهم البقاء .. وحدك بقيتِ هُنا .. الظروف حتّمتْ أن يكونوا بعيداً .. فلربما هيَ أقدارهم .. نعم ، رُبما هي أقدراهم أخذتهم بعيداً عنّي .. لكيْ لا تعرفينهم .. بُنَيّتي هذه حِسْبة القدر .. فالإنسان لا يعرف ما ذا يكسب غداً .. هذي "بُكرة " القريبة ما يعرف ويش هُوّه رِزْقه أو ويش بيسوي فيها .! الناس تتكالب على الكسب ولو بالقوة .. وهُمْ ما يَعْرفوا بعد ساعه ويش يكونوا .! أمّكِ كانتْ تتمنّى ان تكون لها بنت ، تساعدها ، وكانت تتمنّى اتسميها هادية .. ولولا معزّتي لها ما كنت أخلفت رأي عن تسميتك غااليه . والله انك غااليه .!
بقلم الكاتب العماني حمد الناصري