طالما ارتبطت رؤية الحسن الثاني برؤية ظله محمد المديوري، حارسه الشخصي الذي عرف بصرامته وغموض الأكيد أن ظل الملك كان على اطلاع بجملة من أسرار الدولة والملفات الخطيرة التي حاول لاحقا استغلالها لكي لا يلقى ما بعد وفاة الحسن الثاني مالقيه آخرون من مساءلة ومعاقبة.لقد كان جليا أن وصول محمد السادس لسدة الحكم سيؤدي إلى تغيير طاقم الحراس لكي يتوافق والملك الشاب. وهذا ما كان يدركه محمد المديوري لذلك سعى إلى تأمين نفسه ليصبح أكثر من مجرد حارس.فالرجل يملك ثروة يصعب تقدير حجمها، وتكوين هذه الثروة ما كان ليتحقق لولا الامتيازات التي كان يحظى بها والمباركة التي لقيها من القصر والتي فتحت أمامه أبواب أهم قطاعات المال والأعمال بدءا باستيراد الأسلحة والمتفجرات مرورا بقطاع الأدوية وصولا إلى السينما ومابين كل هذا قطاعات ضخمة ساهمت بشكل يكتنفه الغموض في تنامي أعمال المديوري.بالإضافة إلى ذلك لم يتوان المديوري عن تثبيت أقدام أقاربه في مراكز القرار وتمكينهم من نفوذ ينضاف إلى سلطة المال. تؤكد مصادر عديدة أن المديوري كان من الأشخاص الذين خانوا ثقة الراحل الحسن الثاني من خلال تورطه في عدد من المؤامرات ضد الملك الراحل كقضية هشام المنظري التي ماتزال تفاصيلها غامضة لحد الآن.إلا أن ما يجعل المديوري بعيدا عن كل مساءلة ليس فقط نفوذه النابع من ثرائه اللامنتهي بل أيضا بسبب العلاقة التي تربطه بشخصيات نافذة في عدد من الدول لعل أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.قد تكون هذه مجرد إشاعات نسجت لتفسير غير المفهوم حول المديوري، ولكنها إشاعات أقرب إلى الحقيقة بالنظر إلى ما يتمتع به من نفوذ حتى بعد تنحيته من منصبه.محمد المديوري إبن مدينة مراكش، بدأ مشواره كلاعب كرة قدم بفريق الكوكب المراكشي، تلقى تدريبا في مدرسة "ساسيا" الإطار الأمني بوزارة الداخلية الفرنسية أنذاك. كما تلقى تكوينا في الكاراتي والجيدو والرماية ورياضات أخرى أهلته -بالإضافة إلى الوساطة التي لعبها عدد من المقربين من الملك - ليشغل منصب حارس الملك الخاص بدل الكوميسير بودريس سميرس.تقول عدد من المصادر أن المديوري كان متورطا في عدد من الحوادث التي أثارت غضب القصر عليه، كحادثة اغتيال الجنرال الدليمي، الذي يذهب البعض إلى القول بأنه لم تكن سوى عملية تصفية حساب بين المديوري والدليمي، هذا الأخير الذي اتهم لاحقا بالتحضير لمحاولة انقلاب.إثر وفاة الحسن الثاني أعفي المديوري من مهامه وتم تعويضه بحارس ولي العهد الزبيدي؛ كما تم إعفاء كامل طاقمه؛ بعد ذلك رحل المديوري إلى فرنسا حيث اختار الاستقرار وتسيير أعماله المتشعبة من هناك، بالإضافة إلى استمراره في تقديم خدماته إلى أفراد العائلة الملكية كلما كانوا في فرنسا.يبقى محمد المديوري الرجل الغامض كاتم أسرار الملك والدولة، والعلبة السوداء المستعصية على القراءة
منقول