بركة يؤكد الحاجة إلى إعادة النظر في نموذج المغرب الاقتصادي

قال وزير الاقتصاد والمالية، نزار بركة، إنَّ مناداته بميثاق وطني للتقدم، مردهُ إلى إدراك للفرص الواعدة التي يتوفر عليها المغرب، على الصعيدين الاستراتيجي والاقتصادي، وكذا على الصعيد الدولي، في ظل وجود حاجة ماسة إلى ضبط التوازنات الداخلية والخارجية، وإلى مواصلة إقلاع النمو الاقتصادي، في سياق دولي موسوم بالأزمة، سيما في الاتحاد الأوربي، الذي تراجع طلب بلدانه على المغرب. بصورة تدعو إلى إعادة النظر في النموذج الاقتصادي المغربي برمته.

وأردف الوزير الاستقلالي، في حوار له مع أسبوعية "فايننس نيوز"، أنَّ الإصلاح المتحدث عنه لن يتمَّ دون دمج ما هو سياسي بالشق الاجتماعي. بحكم استدعاء المسألة إجراء إصلاحات بنيوية، ذات ثمن ينبغي أن تدفعه الدولة، إلى جانب الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين. فإما أن يتم القيام بذلك في الوقت الراهن على أمل قطف الثمار عما قريب، حسب بركة، أو القيام بذلك مستقبلا تحت وطأة الإكراهات.

الوزير أكد أنَّ إجراء الإصلاح في الوقت الراهن، سيمكن من تجاوز صعوبات العامين المقبلين، والاستفادة من السياسات القطاعية التي تم إطلاقها، فضلاً عن اكتساب القدرة على اقتناص الفرصعلى المستوى الدولي، والمرور إلى مرحلة ما بعد الأزمة. وهي خطوات تتطلبُ وفق ما أكده، مسيرة تشاركية ينخرط معها جميع الفاعلين في القرارات المهمة التي ينبغي اتخاذها. في إطار الدينامية السياسية التي يعرفها المغرب منذ أزيد من عقد.

واستطرد بركة قائلا إنهُ حين يتحدث عن الشركاء في الإصلاح، إنما يعني الاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات، بحكم كونهم شركاء في مناظرة الإصلاح الضريبي، ومجموعات العمل الرامية إلى تحسين التنافسية، زيادة على شراكتهم في إصلاح صندوق المقاصة، والقانون التنظيمي المتعلق بالمالية. كما زاد بركة، أنَّ بالرغم من إقبال المغرب على إصلاحات بنيوية كبيرة، إلا أنه لا وجودَ للحد الأدنى من التعبئة لدى شركاء، بصورة تنذر بإخلاف المغرب موعده مع التاريخ، إن هو واصل على النهج ذاته.

وبشأن المناظرة الوطنية حول الإصلاح الضريبي، التي تأخر موعد تنظيمها، قال الوزير إنَّ عملا كبيرا بصددها قد أجري مع مختلف الفاعلين والمحاسبين، مضيفا أنَّ هناك رغبة للقيام بها بشكل تدريجي، حتى ترافق مختلف الإصلاحات. فما ينبغي معرفته، هو أنَّ إصلاح النظام الضريبي متشعب ومرتبط بكافة الإصلاحات الأخرى. كما أن هناك ضرورة للتساؤل عما إذا كان الإصلاح الضريبي سيساهمُ فعلا في الإقلاع الصناعي، أم أنَّ هناك سبلاً أخرى، يمكن الدعم عبرها، كتقديم الدولة للمساعدات المباشرة.

وفي السياق ذاته، قال بركة إنه من الضروري تحديد تلك الخيارات قبل الشروع في المناظرة، حتى يتأتى الاستهداف بشكل دقيق، مع

هسبريس - هشام تسمارت
معاودة النظر في الحوافر الضريبية الممنوحة سلفا، سيما ذات الأثر المحدود أو المنعدم. مشيرا إلى أنَّ هناك دراسات تقنية يجري إعدادها، من أجل التقييم الاقتصادي والاجتماعي للحوافز الضريبية الممنوحة، أملا في تعبيدها الطريق أمام اتخاذ قرارات حاسمة بخصوص بعض الجوانب الضريبية.

وعلى مستوى المالية العمومية، أورد بركةَ ثلاثة أوراش تمَّ إطلاقها، أولها؛ ورش توسيع الوعاء الضريبي، عبر حشد مساهمة القادرين على المشاركة في المجهود الوطني، من أجل قطع الطريق على التملص الضريبي، وإرساء علاقة ثقة تشجع على التصريح، سيما في جانب الضريبة على العقار.

أما الورش الثاني، فيتصل بتقليص النفقات، الذي مكن من اقتصاد 14 مليار درهم، وتعزز بالمرسوم الجديد حول الأسواق العمومية، المدعم للشفافية والأفضلية الوطنية، بينما يبرز الورش الثالث من خلال السعي إلى إشراك القطاع الخاص في الاستثمار، بعدما ظلت الدولة المساهم الوحيد فيه. ولأجل تلك الغاية تمَّ وضعُ قانون تنظيمي للشراكة بين القطاعين العام والخاص. حتى يتمكن الأخير من المساهمة إلى جانب الدولة. دون أن يمس ذلك بمصالحه.

منقول