هسبريس - هشام تسمارت
إن كانت إرادة الحياة للشابي قد ألهمت المستبد بهم فراحت حناجرهم تغازل الحرية، فإنَّ بيتا آخر عن عيش من يتهيب الجبال، أبد الدهر بين الحفر، أذكى جذوة الإرادة، لدى المغربي، ناصر عبد الجليل، فشرع قبل عشر سنوات خلت، في تسلق أعلى القمم، على أن يخوض غمار تجربة جديدة في شهر مارس القادم، لبلوغ قمة إفريست، معربا عن أمله في غرس العلم المغربي فوق أعلى مرتفع بالعالم، وحصد مجد، يقول، إنه للمغاربة أجمعين، في نهاية المطاف.
يقول ناصر في حديث لهسبريس، إنه استهل مسيرة تسلق الجبال عام 2002، بجبل مونبلون، أكبر قمة في فرنسا وأوربا الغربية (4807 أمتار)، ثم قمة الأكونكاجوا، في غرب الأرجنتين بالقرب من الحدود التشيلية، وجبل ميكانلي بألاسكا، إضافة إلى قمة توبقال بالمغرب، البالغ علوها، 4167 مترا. ويستطرد ناصر قائلا، إنَّ هوسه بالجبال بدأ حين كان يشتغل بلندن، بإيعاز من زميل له كان يمارس الهواية ذاتها، ليقرر عندها الشروع في تسلق أعلى القمم بجبال القارة الخمس.
وزاد ناصر، أنه يحلم منذ وقت طويل ببلوغ الافرست، بيد أن غلاء التكاليف هو الذي أخر مشروعه، نظرا لتكلفته المتراوحة ما بين 70 إلى 80 مليون سنتيم، تدفع عشرة ملايين منها كتأشيرة لدخول المنتزه الوطني لإفريست، كما أنَّ الرحلة التي يصل أمدها إلى شهرين من الزمن، تفرض الاستعانة بالأهالي النيباليين، الذين يحملون مؤونة الطعام والمعدات اللازمة من خيام وقنينات الأوكسجين.
وبالرغم من دنو موعد رحلته، وحصوله على دعم من ثلاث شركات، إلا أن ناصر لم يحصل بعد على المبلغ كاملا، وهو يأمل أن تنبري اليوم جهات أخرى لتمويل لرحلته، على اعتبار أنه سيضع علم المغرب لأول مرة على قمة إفريست، إلى جانب إعلام الشركات التي ستدعمه في الذروة نفسها. فيما كان في السابق يمول رحلاته من ماله الخاص.
وعما إذا كان يخشى خوض التجربة الجديدة لما تنطوي عليه من مخاطر، أكد ابن مدينة الدار البيضاء، أنَّ حوالي عشرة متسلقين يلقون مصرعهم سنويا، في السعي إلى تسلق القمة، بيدَ أنَّ ذلك لا يثنيه على مواصلة تحقيق الحلم الذي راوده أمدا طويلا، فالأهم هو أن يتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لتفادي المخاطر، وفق قوله، فقد يكون المتسلق أحيانا نائما بخيمته ويحصل انهيار ثلجي ويسقط عليه على حين غرة، وهو ما يجعل من المقدمين على التجربة قلة. لم يكن من بينهم أي مغربي حتى اللحظة.
وفي النطاق نفسه، زاد ناصر أنَّ عائلته كانت تتخوف من بداياته، غير أنها أضحت مطمئنة وقد ألفت عودته سالما بعد خوضه عدة تجارب ناجحة في تسلق قمم عالية، وقبل توجهه إلى أفريست، تحاول عدم إظهار أية خشية، والاستمرار في تشجيعه. وهو بدوره يطمئنهم بحرصه الكبير، واستعداده من خلال التدريبات، التي يتواجد من أجلها في جبال الألب الفرنسية من أسابيع.