الامتحانات المهنية بالسمارة : كفاءات مهنية أم كفاءات منزلية ؟
على غرار جهات وأقاليم المغرب، شهدت مدينة السمارة في الآونة الأخيرة سلسلة من الامتحانات المهنية التي أثارت موجة من السخط العارم والاستياء العميق، والحنق الشديد بين صفوف العاطلات والعاطلين من أبناء الإقليم حملة الشواهد الجامعية والدراسات العليا، الذين اكتووا بلظى العطالة ولهيبها، ونالوا نصيب حصتهم من العصا المخزنية، بأمر من عامل الإقليم صاحب الزر الأخضر، لقمع تظاهراتهم ووقفاتهم السلمية المطالبة بحقهم في الشغل، وتأخر ترقية بعض موظفيهم ممن انحشروا في سلك الوظيفة العمومية عبر سياسة التوظيفات المباشرة الترقيعية، وتجرعوا سنينا وأعواما مرارة الفاقة والعدم، وعلقم التهميش والإقصاء، واستغفلوا في حقوقهم الدستورية، واستبلدوا بتعليلات واهية ومبررات هيامية.
وما يثير الانتباه والاستغراب في الموضوع، تلك الامتحانات المهنية المتعلقة ببعض الموظفين الأشباح المحسوبين ظلما وعدوانا على العمالة الإقليمية للسمارة، والذين تحوم حولهم الشبهات، والذين يتتبع الملاحظون وذوو العيون المبصرة والمتبصرة حركاتهم وسكناتهم المسموعة منها والمرئية والمهموسة، في سرهم وعلانيتهم، في زمن الهواتف المحمولة المتطورة والانترنيت والزجاج المرآة والرؤية الليلية .
وتحديدا للظاهرة النكراء، فالأمر يرتبط ارتباطا مباشرا ببعض الأطر النافذة في العمالة، كزوجة رئيس القسم الاقتصادي، وزوجة رئيس قسم الجماعات المحلية، وهلم جرا. هذا ما يعكس حقيقة المقاربة الإدارية الإقليمية، وتجدر المحسوبية والزبونية، المستشري سرطانه في جسم الإقليم السقيم الذي أنهكته لوبيات الفساد منذ الإعلان عنه كعمالة.
كوميديا الامتحانات المهنية ما هي إلا رحلة سياحية عائلية مهداة في طابق من ذهب لخطبة ود رموش ذوي القربى دون اليتامى والمساكين وأبناء السبيل. وليست بالمرة اختبارا مهنيا كما يروق لمنظمي النظام البيروقراطي المحلي أن يسمونه ، خاصة وأن كلا من رئيس الجماعات، ورئيس قسم الاقتصاد يتوليان معا مهام في اللجنة الإقليمية الساهرة على الامتحانات. وهما الخلان الخليلان اللذان لا يفترقان، وفي السر والضراء يتحدان ويتحابان في وسخ الدنيا، وعلى حصاد الأرصدة واقتناص الفرص وكسب الرهان يتعاونان ويمكران ويناوران، وعلى الضحك على الذقون وأصحاب الكفاءات والبيان يتكالبان.كيف لا وهما اللذان يدبران رئاسة اللجنة الإقليمية المشرفة على الامتحانات.
وجدير بالذكر أن حرمي الإطارين السمينين المذكورين محسوبتان على النادي الكبير للموظفين الأشباح، الذين ترهلت كروشهم وفاض شحمهم ولحمهم من إفراطهم في المأكل والمشرب والنوم العميق، والإمساك ب : الرموت كنترول، وتجوالهم بين فضائيات بني كنعان والمغضوب عليهم والضالين، - حفظ الله هؤلاء الأشباح من نور الشمس مخافة إصابتهم بحروق من الدرجات الثانية والثالثة التي لن يفلح المستشفى الإقليمي في استشفائهم ، ومن عين حاسد إذا حسد – إلى أن يلاقوا رب العزة وقد أهرقوا هشيم عمرهم وهم : ما عرقو’’’ ما نشفو’’’ ما طاحو ’’’ ما ناضو’’’ ، في خدمة التراب ومواطنيهم..
موظفتان مصونتان كشرنقة دودة القز، لم تطأ أقدامهما البضة ردهات مكاتب العمالة الإقليمية الرطبة التي تفوح من سراديبها نسمات زكية لأموات-أحياء من موظفيها الذين يكدون ويجدون ويثابرون ليلا ونهارا دون أن يسمعوا كلمة شكر من رؤساء أضحت النرجسية والسادية لبنة من بنيان جسمهم المرصوص الذي لا يشد بعضه بعضا. ليقوم المساكين بمهام أمثال هؤلاء الأشباح ذوي الدماء النفيسة الآرية. موظفتان تجاوزتا منتصف العمر في غنج ودلال باروني ، ماركيزي، لوردي، وفكتوري، استفادتا من شتى الامتيازات، مباشرة بعد كل تغيير للعامل الإقليمي ( المعين بظهير ملكي يخول له تمثيل الملك بالإقليم ، وأدائه القسم) الذي يباشر ملفات الإقليم ويستأنس بخربشاتها المخربشة، وبحيلها الملونة والمزركشة، وبقانونيتها المكذوبة والمغشوشة والمدلسة . استفادات بالجملة وامتيازات بالأطنان، وهدر للمال العام، واستنزاف خطير وممنهج لخزينة الدولة. الدولة التي لا تتوانى في ضخ الميزانيات الفلكية لتكون طوع يد المواطنين الصحراويين من بنات وأبناء الإقليم.
ومن بين الهدايا السمينة : البقع الأرضية، والنقل والوقود وكارطيات الإنعاش الوطني . الهدايا التي يمنع منها بقية موظفي العمالة الدراويش’’’حمير الطاحونة ’’’ .
وبتجاوز الامتحان الكتابي ’’’ البروتوكولي ’’’ المهزلة، لا يراود الناس العاديين والرأي العام المحلي أدنى شك في تسريب الامتحان الشفوي لرئيس الجماعات المحلية لفائدة عقيلته – الإستيكا – المصون.
وتهكما من الامتحان ومنظميه ونتيجته المعروفة سلفا، تردد الناس بالسمارة نوعية الأسئلة الشفوية التي وجهتها اللجنة للمحظوظتين زوجتي الإطارين النافذين، تلك المتعلقة باللون المفضل، وعدد حصات التدليك والسونا والكوافير، وأفضل السلطات المخسسة للوزن والأرداف، والعطور الغالية، ومحلات شانيل للملابس الموقعة ، وكم راكمتا من امتيازات، واستفادتا على حساب بؤساء وفقراء ومعدمي الإقليم؟ وعن عدد المنازل الراقية التي ناضلتا جاهدتين من أجل بنائهما بكل من أكادير السياحية ومدينة من مدن الشمال الجميلة.
هل يمكث الفساد الإداري بالسمارة قائما شامخا كالجبل لا تمتد إليه سواعد مناهضيه، ومعاول المطيحين ببرجه الطباشيري الهش ؟ وهل ستظل المحسوبية والزبونية تتعاظم وتربو إلى ما لا نهاية أمام القاصي والداني ؟ وهل آن لأبناء الإقليم و مثقفيه من الموظفين والمعطلين أن يحركوا الساكن، ويحاربوا أقطاب
الفساد؟ وينخرطوا في مسيرة الحراك الاجتماعي، ويساهموا في دمقرطة مدينتهم ؟
[right]