السلطان إدريس الأول اللذي ولد سنة 127 هـ وتوفي 174 هـ الملقب ب الأمير مولاي ادريس مكناس، عم الحسين وأخو محمد النفس الزكية، أحد أبرز رجالات العلويين الذين ثاروا على العباسيين مرات عديدة منذ توليهم الخلافة سنة 132هـ/750م. ففي سنة 169 هـ/786 دخل العلويون بزعامة الحسين بن علي بن الحسن المثلث في حرب دارت رحاها بموقع فخ، سحقها الخليفة الهادي، وفر إدريس الأول في اتجاه الغرب باحثا عن مكان آمن وبعيد عن أعدائه ومواليهم من العباسيين، دخل المولى إدريس إلى المغرب رفقة مولاه راشد، فاستقر بمدينة طنجة، وبدأ يدعو القبائل المغربية لنصرة دعوته قبل أن يحل بمدينة وليلي سنة 172هـ/789م، وتبايعه قبيلة أوربة، إحدى أبرز القبائل البربرية بالمنطقة "على الإمارة والقيام بأمرهم وصلواتهم وغزوهم وأحكامهم". عمل إدريس الأكبر على تكوين جيش من قبائل زناتة وأوربة وصنهاجة وهوارة، وبدأ في شن حملات كان الهدف منها توحيد البلاد ونشر الإسلام بين باقي القبائل. وبفضل التفاف المغاربة حوله، وشجاعته وعزيمته، استطاع إدريس أن يبني دولة امتدت أراضيها بين بلاد تامسنا على المحيط الأطلسي غربا إلى أراضي تلمسان بالمغرب الأوسط شرق، أدى هذا النجاح إلى تخوف الخلافة العباسية من تزايد قوة إدريس وزحفه في اتجاه الشرق؛ فبعث هارون الرشيد بعميل ماكر ماهر، بمساعدة إبراهيم بن الأغلب الذي كان مرشحا آنذاك لولاية بلاد إفريقية (تونس)، قصد اغتيال إدريس ووضع حدا لتصاعد دعوته، استطاع المدعو الشماخ أو سليمان ابن جرير من التقرب من أمير الأدارسة، فتحين الفرصة ودس له سما، أدى إلى وفاته سنة 177 هـ/793م، ودفن بجبل زرهون حيث يتواجد ضريحه الذي سار قبلة سنوية للعديد من الأشراف الإدريسيين ، ونواة تطورت حولها مدينة زرهون.
للسلطان إدريس الأول ابن واحد وهو إدريس الثاني(التاج)وبنت واحدة اسمها فاطمة بنت إدريس تركها والدها بالمدينة المنورة وتزوجها ابن عمها:محمد(الأثيني)بن يحيى صاحب الديلم بن عبد الله الكامل (ذكرها النجفي في بحرالأنساب)، وله عدد من الأحفاد اتفق على اثني عشر منهم فقد توزعت بينهم إمارات المغرب في عهد أخيهم الخليفة محمد بإشارة من جدتهم كنزة بنت عبد المجيد الوربي وأنهى بعض المؤرخين المغاربة عددهم إلى عشرين فأكثر .
ومن الآثار التي خلفها المولى إدريس مدينة مولاي إدريس زرهون المتواجدة بنحو 20 كلم من مدينة مكناس والتي جعلها أول عاصمة للمغرب، ومن آثاره كذلك مسجد ومنبر تلمسان الذي كتب فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أمر به إدريس بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب وذلك في شهر صفر عام 174هـ.
ومن آثاره أيضا ضرب السكة بتدغة عام 174 نقش في وسط وجهها "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" وبدائرتها "بسم الله ضرب هذا الدرهم بتدغة عام 174هـ" ونقش في الوجه الآخر صورة هلال ثم "محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم" وتحت ذلك "علي" ثم وهذا ما أمر به إدريس بن عبد الله جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" ووزن هذه القطعة غراما ونصف من الفضة الخالصة وسميت هذه السكة بالدرهم الإدريسي الفضي وكانت تدل على عزم المولى إدريس الأول على تغيير حياة رعيته التي كانت تعيش أوضاعا متقلبة وغير مستقرة بسبب خضوعهم للإمبراطوريات العديدة كالرومان والفينيقيين والأمويين وغيرهم.
وهكذا كوّن المولى إدريس الأول أول كيان مستقل منظم يخرج إلى الوجود بأسس خاصة تحمل بصمات الإسلام وتكون مدرسة فكرية جديدة تحت لواء المذهب المالكي.